لم أكن أخطط للكتابة عن القذافي هذا الأسبوع . لكني كنت أعلم منذ شهور أن هذا اليوم قادم لا محاله . فمنذ أول طلعة جوية للطيران الليبي علي الشعب الليبي الأعزل . توقعت نهايتين للقذافي لا ثالث لهما . إما أن يشعر بدنو أجله فينتحر . أو يجبن علي الانتحار ويستسلم للقتل بطلقة من طلقات الثوار . لكن أكثر مخرجي السينما عبقرية لم يكن يستطيع أن يرسم مثل هذه النهاية لرئيس ظل يحكم طوال 42 عاماً . فبعد أن وصف القذافي الثوار بالجرذان في خطاب التوك توك الشهير . يعثر الثوار عليه داخل ماسورة للصرف الصحي! مشهد سقوط "زعيم" أو "ديكتاتور" أو "طاغية" عربي - سميه ما شئت - هو مشهد متكرر ببعض التفاصيل المشتركة . فقد بدأت السلسلة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين . ويسجل التاريخ أن ما فعله القذافي في الشعب الليبي . فعله صدام في جزء من الشعب العراقي عندما ضربهم بالأسلحة الكيماوية . وآل مصير صدام إلي حفرة تحت الأرض أشبه بماسورة القذافي . وانتهي أمر الاثنين بالأعدام . الأول شنقاً بعد محاكمة هزيلة . والثاني رمياً بالرصاص ثم سحلا بدون محاكمة وسبق سقوط القذافي . سقوط جاره في مصر حسني مبارك . ولأن القاعدة تقول إن الجزاء من جنس العمل فقد كان الله رحيماً بمبارك وآل مصيره إلي "القفص" في محاكمة بدأت ولن تنتهي! العامل المشترك بين الحالات الثلاث أن جميعهم كانوا يمتكلون "المال والبنون" ولا أعلم هل كانت نعمة لهم أم نقمة عليهم - كما غني علي الحجار "لا المال ينور طريقي .. ولا البنون بلوا ريقي"! فالشاهد أن أموال صدام ومبارك والقذافي وأبنائهم قصي وعدي وعلاء وجمال وسيف والمعتصم . لم يحولو دون وصول القادة الثلاث إلي مصيرهم المحتوم والأكثر أن الأبناء نالوا مصير الأباء نفسه . فهم كانوا شركاء في الحكم .. وشركاء في الجريمة وعدلا أن يكونوا شركاء في النهاية . * * * منذ عام تقريبا. التقت مذيعة صديقة بالصدفة مع الفنان عمر الحريري - الذي رحل عنا منذ أيام - في إحدي المناسبات الاجتماعية . فطلبت منه المذيعة الشابة إجراء حوار معه فقال لها "هو أنا لسه هاتكلم يا أستاذة .. أنا كان المفروض رحلت عن الدنيا من زمان .. استكفينا كلام يا أستاذة " .. رحم الله الأستاذ والفنان المحترم عمر الحريري.