يوم الاربعاء الماضي. احتفلت استوديوهات ديزني بعيد ميلاد "توم وجيري" الثنائي العالمي الذي أثر ولايزال يمارس تأثيره سلباً وإيجاباً في أجيال الأطفال وأيضا الكبار. 78 عاماً مرت علي ميلاد القط والفار ولم يصبهما الوهن. ولم يتوقفا عن المغامرات ولا عن مطاردة أحدهما للآخر. فالاثنان يمارسان ألعابهما وشقاوتهما بلغة عالمية. لا يستخدمان الحوار. ويتحاوران بلغة الصورة والحركة الشيء الذي يميز الفرجة عليهما ويجعل من الاثنين حالة خاصة ترتبط بعلاقات حميمة مع كل أطفال العالم باختلاف المكان والزمان واللغة والجنس والنوع. ولم ييدأ القط والفار بنفس الاسمين الشهيرين إلا بعد مسابقة نظمها الاستوديو خصصت 50 دولاراً جائزة لأفضل اسمين وكان الاسمان الفائزان هما "توم وجيري".. بعد أن كان "جاسبد وجنكس" وقد صارا الاشهر والأكثر جاذبية بالنسبة لأطفال العالم. بدأ الثنائي عام 1940م بنفس الملامح فيما عدا تغييرات طفيفة للفار "جيري" أما "توم" فقد ظل بنفس الوجه المستدير والتكوين المألوف. وفي هذه المرحلة 1940م 1958م التي تعتبر العصر الذهبي لهذين المخلوقين انتج ويليام هانا ويوسف بربارا 114 فيلماً مرسومة باليد وبدقة بالغة استحقت سبع جوائز أوسكار مما يعني انطلاق الرسوم المتحركة بقوة إلي العالمية. ولم يكن تأثير "توم وجيري" ايجابياً كله فقد لاحظ بعض المحللين لأفلام الكرتون أن هذا "الثنائي" المرح في بعض الأفلام يظهران أحيانا في مشاهد تمجد التدخين لدرجة جعلت بعض الآباء يشكون واستجاب الاستوديو وقام بمحو جميع المشاهد التي تضم توم وهو يدخن بإمعان وبدافع الرغبة في اظهار تفوقه كقط ذكر. وإلي جانب التدخين هناك ممارسات أخري ضارة يقوم بها عندما يضع ذيل جيري في فتحة فيشة الكهرباء أو يقوم بقطعه أو تفجيره باستخدام الديناميت ولكن هذا لا يعني غياب الممارسات الايجابية ولا التأثير المبهج لمغامراتهما. فهناك شبه اجماع علي التأثير الكاسح لهذا الثنائي ولأفلام الكرتون التي يقومان ببطولتها وتعتبر محوراً رئيسياً في بنية الثقافة الأمريكية وتأثيرها منذ أن بدأ بثها من خلال التليفزيون في فترة الخمسينيات بلا حدود وعلي نحو كبير في عالمنا العربي.. فليس هنا من هم أكثر شهرة من "توم وجيري". لقد كانت العلاقة التي تمزج بين الكراهية والتنافس والحب إلي جانب المغامرة وابتكار الحيل للتفوق مناسبة للقيام بدس قيم العنصرية وتكريس الأنماط البشرية مثل صورة المرأة السوداء كسيدة غبية بدينة عنيفة بلا رأس وغليظة القلب؟ أيضا لم يكن غياب "الأنثي" تاماً في علاقة الثنائي ومغامراتهما كذكرين بدون اشارة تقول أن وجودهما ليس ضرورياً وأنهما مثل الحيوان قبيح ويجب مداراتها ووظيفتها لا تعدو اسعاد الرجل واشباعه حسياً. وفي فيلم "حذاء ماما" تظهر "ماما" بلا رأس سوداء بدينة ملامحها غليظة. ملابسها تشير إلي أنها من طبقة أدني ولا تستحق الوجود في المجتمع. إن أفلام "توم وجيري" تعتبر في عالم الأطفال الأكثر جاذبية وجماهيرية وانتشاراً من خلال عشرات بل مئات القنوات المتخصصة في أفلام الكرتون. فالطفل يبدأ الفرجة في عمر 9 شهور وفي سن عامين وما بعدها يصبح متفرجاً متحمساً. وقبل الدخول إلي المدرسة يتعلم الأطفال الحروف الابجدية ويتعرفون علي الحياة البرية والطبيعية من خلال هذه النوعية. لا أحد يستطيع أن يجادل في التأثير الهائل للكرتون فهو إحدي الوسائل لبث القيم الخاصة بالثقافة والحياة الأمريكية والمزايا المرتبطة بهذه المعرفة.. يعرف أو بالأحري يشرب كراهية الآخر الأسود لأنه من جنس أدني ويري المرأة من منظور تمييزي باعتبارها أقل شأناً من الرجل ويؤمن بتفوق الذكر الأبيض ويتعرف علي الانماط من الأجناس الشريرة: "الزنوج الحمر الصفر العرب". رغم هذه "المزايا" فإن كثرة الجلوس لأكثر من أربع ساعات أمام التليفزيون تجعل الطفل خاملاً ذهنياً ويكتسب سلوكيات رديئة مثل التدخين وشرب الخمر. ومثل كل الشخصيات المؤثرة يمارس الثنائي تأثيراً ضاراً قد يؤدي إلي نتائج فادحة بسبب دفعها إلي تقليد حركاتهما غير الواقعية ومحاولة مضاهاتها تماماً مثلما يحدث في حالات الكبار ولذا ينصح الدارسون لتأثير أفلام الكرتون الأمهات والآباء بضرورة مراعاة البيئة الخاصة التي تحيط بالطفل بهدف حمايته فكثير من المتفرجين يعتقدون أن بعض الأفلام "الكرتون" تحتوي علي جرعات من العنف خصوصاً الأفلام المنتجة حديثاً رغم أن الوسيلة الترفيهية يمكن أن تكون مفيدة جداً علي مستوي التعليم والوعي وإثراء المدارك ولكن لوحظ أنها تتضمن مغامرات ليست واقعية ولكنها تولد إحساساً بأنها حقيقية ويمكن تقليدها. الأمر الذي يؤدي إلي أضرار بالغة أحياناً.