التهديدات العلنية التي نشرتها الصحف ونسبتها إلي فلول الحزب الوطني يجب ألا تمر علينا مرور الكرام.. كما يجب ألا تسكت عليها الأجهزة القضائية.. خصوصا ان هذه التهديدات تمس هيبة الدولة المصرية.. ووحدة أراضينا. لقد هدد الفلول صراحة بقطع الكهرباء وخطوط السكك الحديدية وتلويث مياه النيل والاستيلاء علي دواوين المحافظات كخطوة أولي لفصل الصعيد بالكامل احتجاجا علي القانون المزمع إصداره لتطبيق العزل السياسي علي نواب ورموز الحزب الوطني المنحل وحرمانهم من خوض الانتخابات القادمة. ومن حيث المبدأ.. يحق لمن يطلق عليهم "فلول الحزب الوطني" وأيضا لرموز العائلات والقبائل والعصبيات التي ستتضرر من قانون العزل السياسي أن تعترض علي ما يطرح من أفكار ومشروعات أيا كانت.. ومن حقهم أن يشاركوا في حالة الجدل الواسع الدائر حاليا حول كل شيء في مصر.. فهم أولا وأخيرا مواطنون مصريون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات. لكن المشكلة دائما تكون في كيفية الاعتراض والاحتجاج.. فالذين يهددون بالعنف والاضرار بمرافق الدولة يعودون بنا إلي البلطجة والإرهاب والقمع.. وهؤلاء يجب أن يحالوا فورا إلي التحقيق وتتخذ معهم الإجراءات القانونية الجادة والحاسمة في هذا الصدد.. أما الذين يهددون بفصل الصعيد فهؤلاء إن ثبت هذا التهديد في حقهم يرتكبون خيانة عظمي.. ويعملون علي تمزيق الوطن وتهديد استقراره. يعني إيه فصل الصعيد؟! يعني إيه.. كل من لا يعجبه شيء في العمل السياسي يهدد بالانفصال؟! هل الدولة هشة إلي هذا الحد.. ولا تستطيع ردع هؤلاء المغامرين.. والأخذ علي أيديهم بمقامع من حديد حتي لا يتكرر هذا الهراء.. وتصبح الدولة المصرية مطمعا لكل من هب ودب؟! أتمني ألا يكون هناك تهديد حقيقي بهذا المعني.. وأتمني أن يكون ما نشرته الصحف في هذا الصدد مجرد مبالغات.. وأتمني إذا كان التهديد قد صدر فعلا في حالة هيجان وانفعال أن يتراجع أصحابه علنا وأن يقدموا اعتذارا واضحا وقويا للشعب المصري حتي تغفر لهم تلك الخطيئة. من حق الفلول أن يدافعوا عن أنفسهم.. ويعرضوا وجهات نظرهم.. ومن حقهم أن يذهبوا إلي ميدان التحرير أو أي ميدان آخر ليتظاهروا ويسمعهم الناس.. ولكن التهديد بفصل الصعيد والانفصال عن دولة التحرير كما قالوا ليس له غير معني واحد هو خيانة الوطن وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه.. وبالتالي فلا يمكن قبوله. ولا أدري كيف سكتت الدولة.. وسكتت الأجهزة الأمنية والقضائية علي مجرد الجهر بهذا التهديد البشع.. وكيف لم تتحرك الحكومة والمجلس العسكري التحرك الواجب عليهما.. ولماذا لم يؤخذ التهديد علي محمل الجد حتي الآن؟! علي المستوي الشخصي.. ألتمس العذر للفلول لسببين: الأول: انهم تعرضوا لضربات قاصمة ومتتالية خلال الشهور القليلة الماضية أفقدتهم توازنهم النفسي والسياسي والاجتماعي.. لأنهم ربما تصوروا انهم سيخلدون في السلطة ويورثون الدوائر الانتخابية لأبنائهم وأحفادهم لضمان استمرار النفوذ والوجاهة السياسية والاجتماعية التي تنتقل تلقائيا كابرا عن كابر. الثاني: انهم وضعوا في ورطة حقيقية لم يتوقعوها.. فالانتخابات القادمة سوف تكون في معظمها بالقائمة الحزبية.. والمنافسة فيها ستكون بين برامج سياسية واضحة المعالم.. وهناك وجوه سياسية وحزبية وثورية سوف تتقدم الصفوف الأولي وتنتزع صدارة المشهد والكاميرات.. وأيضا ستنتزع أصوات الناخبين.. باختصار هم يشعرون ان قواعد اللعبة تغيرت.. وهم قد اعتادوا علي انتخابات تثار فيها العصبيات القبلية والعائلية.. وتعلو فيها أصوات الرصاص.. وتقدم فيها الرشاوي علنا.. وإذا ما جاءت الانتخابات القادمة سياسية وحزبية فلن يكونوا قادرين علي نزول الملعب.. وبالتالي سوف يفقدون النفوذ الذي اعتادوا عليه طوال السنوات الماضية. لكن.. رغم التماسي العذر لهم علي هذا النحو أقول وبأعلي صوت: من الخطر الشديد علي مستقبل مصر أن يفكر بعض أبنائها في انفصال واستخدام البلطجة السياسية حتي تسير الأمور علي هواهم.. ومن الخطر الشديد أن نتركهم يهددون بهذا الشكل فلا نأخذ علي أيديهم حتي ننجو جميعا. وقد كان غريبا ان الجهة الوحيدة التي تحركت ضد تهديد الفلول كانت حزب الجبهة الديمقراطية.. حيث ذكرت الصحف ان السعيد كامل رئيس الحزب سوف يتقدم ببلاغ إلي النائب العام ضد 8 أحزاب محسوبة علي الحزب الوطني المنحل علي خلفية البيان المشترك الصادر عنها والذي هددت فيه بتنفيذ أعمال عنف في حالة صدور مرسوم بقانون العزل السياسي. ويتهم البلاغ فلول الوطني باستخدام البلطجة والإرهاب كورقة ضغط للعودة للبرلمان المقبل.. ويعتبر هذه التهديدت بمثابة دليل علي التورط من جانب هذه العناصر في إدارة ثورة مضادة ونشر حالة من الذعر والخوف بين المواطنين. ويؤكد السعيد كامل ان العمل السياسي لا يجوز لمن تورطوا في منظمة إجرامية يقصد الحزب الوطني مارست التزوير والفساد والاحتكار السياسي والاقتصادي الممنهج والتضليل الاعلامي وخرق الدستور والقانون بصورة مستمرة والاستخفاف بسيادة الشعب وبإرادة الأمة علي مدي 52 عاما طبقا لحكم المحكمة الإدارية. بقيت إشارة مهمة يجب التنبيه إليها وهي أنه بعد الثورة أصبح من غير المقبول أن يتم السماح للنظام السابق بأن يستمر في قيادة البلد أو إدارة شئونه.. وأصبح من غير المقبول أن تستمر قواعد اللعبة كما كانت.. فهل يفهم الفلول الدرس؟!