كم من الاشياء تعلمتها منك أيها الانسان. تعلمت أننا جميعا نريد ان نعيش في قمة الجبل دون ان ندرك ان السعادة الحقيقية تكمن في تسلق هذا الجبل قالها ماركيز وكأنها قلادة يمكن تزييفها قال عبد ربه التائه "نصف جمال الانسان لسانه".. وتلك هي قلادته التي تزينه مساء يوم الجمعة. حيث أقيم العزاء بجامع الحامدية الشاذلية. أخلي رجال المرور الشوارع من السيارات ووقف عشرات لواءات الشرطة أمام السرادق يحيطون به من كل جانب. وعشرات الكاميرات تتأهب للهجوم علي كل شخصية معروفة تقترب من السرادق لتجري معها حوارات . بينما السرادق من الداخل غير ممتلئ بشكل لايليق بمكانة الراحل الكبير ومريديه وجمهوره. اعترف بداية بأن عطية هي الزوجة لكن ما هي حكاية القلادة ولماذا اختار الزوج هذه المقولة. هل حبه لسعد زغلول باشا ومقولته الشهيرة. "غطيني يا صفية" ولها حكاية حيث طلبها من زوجته صفية زغلول "أم المصريين" وقد أحس بدنو أجله وهي التي طالما خرجت علي رأس المظاهرات المصرية ضد المحتلين البريطانيين وأسهمت بدور كبير في تحرير المرأة. قال لها: "ما فيش فايدة. " وبالفعل هذا ماحصل. قصد الزعيم ب "مافيش فايدة" وصف حالة الاوضاع المصرية آنذاك قبل ظهور مصطلحات الطابونة والخرابة وقلادة النيل المزيفة آخر يوم في المستشفي كما يحكي عمرو يومها استقبلنا استاذنا نجيب محفوظ بترحاب شديد وهو يقول لوالده المنتج الكبير: "أخبار المسطول والقنبلة إيه؟" وكان يقصد قصة المسطول والقنبلة التي حصلوا منه عليها في جهاز السينما لانتاجها فيلماً. ابتعد الزوار عن السرير وبدأ الذعر في وجوههم وقام عمرو بالالتفات يمينا ويسارا وهو يحاول التماسك وهنا سارع محفوظ وأدار وجهه. سخر من قبل من الواقع إن جاز لنا التعبير وكان في ذلك قولته الشهيرة "أي واقع.. هو فيه واقع؟ وجاءت أحلام فترة النقاهة بعد أصداء السيرة حدثا أدبيا أخيرا له يستحق الوقوف عنده وماذا يقصد بفترة النقاهة تلك التي يريد أن يخبرنا عنها محفوظ؟ هل هي نقاهة مرضه ام نقاهة مرض الوطن ام نقاهة يحتاجها أهل الوطن للرجوع لقيمهم الجميلة التي قتلتها أيدي الاستبداد والفساد والتهميش؟ كما يقول الناقد أحمد مصطفي وأحلام نجيب محفوظ التي لاتنتهي. "عطية زوجة الاديب ربما تبدو حائرة مع الحكاية الجديدة عن القلادة الفالصو التي كشفتها الابنة. وربما حكي لها عن أحلامه الكثير وهل ستغطي وجهها؟ معظمنا يغطي السمع والبصر من برامج التوك شو وإعلام الذئاب المنفردة والتي تثير جدالا قديما حول قلادة النيل التي منحها محفوظ عقب حصوله علي نوبل 88 وهجوم رخيص من بعض المدعين الباحثين عن الشهرة تهاجم محفوظ وتصف إبداعه ب"الركيك" و "السينمائي" و "عديم القيمة" أو يظهر علي السوشيال ميديا من يدعي ان "الحرافيش" "مسلوقة"! قد يتبادر إلي الذهن ان الكلام في هذا الموضوع فالصو مثل القلادة ليست ثرثرة علي النيل ولكن لماذا سكت عن التزييف وهل كان نجيب هو رءوف علوان المثقف الذي يبيع المبادئ التي كان يؤمن بها ويروجها بل ويستغل "سعيد مهران" الرجل البسيط محدود الثقافة فهو المثقف الانتهازي الوصولي الفاسد بشكل أو بآخر أم الدردشة في رواية "ميرامار" .. وكان "عيسي الدباغ" بطول رواية "السمان والخريف" رمز للمثقف المأزوم الضائع بسبب اختلافه السياسي مع ثورة يوليو فلم يستطع ان يتناغم مع الافكار الجديدة للثورة. فاتجه إلي تدمير ذاته من حوله.. عندما سئل الاستاذ من هو في أبطال روايته قال: إنه في جميع الشخصيات فنجيب انسان مبدع ومن يقرأ نجيب محفوظ سيعرف قيمته وقيمة منجزه. في عام 1988 يفاجأ العالم بمنح نوبل الآداب لأول أديب عربي. وتشتعل المنافسة بين دور النشر الاميركية "وسواها" للحصول علي حقوق ترجمة وإصدار مؤلفات نجيب محفوظ. وفوجئ الجميع بأن الرجل "مغلق" لايجيب عن أحد ويفضل ان يقرأ "الاهرام" في مقهاه بل إنه اعتذر عن تسلم جائزة "نوبل" وفضل ان ترسل إليه وهو يتناول الشاي مع الحرافيش كالعادة كانت المفاجأة ان تتوجه أشهر امرأة بالعالم وقتها بالقلادة الاعلامية العالمية لنجيب- نعم اتصلت جاكلين كيندي سابقا ثم جاكلين أوناسيس لاحقا ثم إعلامية متميزة بالاديب وأقنعته بأول حديث عن الجائزة. قال الاستاذ بتواضع ودود انه محظوظ وجاء رحيل الاساتذة والرواد وبقي هو ليفوز بالجائزة من لايعرف أمريكا والرئيس كيندي والملياردير اليوناني أوناسيس وجائزة نوبل فتلك كارثة. الكارثة والشاب طعن نجيب محفوظ في أسفل عنقه وفر هاربا إلي أن ألقي القبض عليه ورغم جريمته النكراء إلا انه قال جوابا علي سؤال له:"إنه غير نادم. وانه لو سنحت له الفرصة فسيقوم بذلك ثانية. وقال: إنه لم يقرأ لنجيب محفوظ حرفا لكن أميره اصدر فتوي بتكفير محفوظ وهو نفذ لك "جمال الغيطاني- القدس العربي .2006 .209 الخرابة أيضا كارثة فهي فكرة تلمع في رأس تتمخض عن ماكيت لمشروع سياحي أو سكني. يرسمه الكمبيوتر بسماء صافية يجري فيها سحاب ناصع البياض كالقطن المصري المغدور صحيح انه لايمكن للمرء إلا ان يعجب بزهد نجيب محفوظ وعائلته عن الظهور وبالمال وبالمناصب وصحيح أيضاً أن "ثلثي الحكمة تغافل" لكن هل صمت نجيب محفوظ علي قلادته المغشوشة يدخل في باب الحكمة أو الزهد. أم الخوف من الشماتة فقد فجرت جائزة نوبل الفتنة في الوسط الادبي عمن يستحقها ومن يسافر بدلا من محفوظ لاستلامها ومن يصبح عراب محفوظ والمتحدث عنه. أم يدخل ذلك في باب تكريس شخصية مواطن ممتثل "يمشي جنب الحيط. ويقول يارب الستر". والقطنة لاتعرف الكذب ولكن جاء الادب ليفسح المجال للاستاذ ليقول ما يريد كانت له البراعة الخاصة في استخدام عالم الرموز بالشكل الذي يثير الاعجاب والامتنان فهو قيمة حقيقية تعاملت مع التاريخ والواقع روايات جيب محفوظ وقصصه القصيرة كانت هي التي نقلت القاهرة بأحيائهاوسكانها إلي بيت كل قارئ فيتوحد معهم ويصبح مصرياً متعصباً. وتغدو مصر أمه التي لايخذلها كما يقول د نبيه القاسم. ولهذا ينبغي ان يتوفر لمن يقرأه استعداد وإدراك سليم والمتناول عليه ان يلتزم العمق حينما يقترب منها فعليه حينها ان يعرف انه يدنو من بلاط قصر أحد أهم ملوك وسلاطين الادب في العصر الحديث وهو أمر يستوجب بطبيعة الحال التأمل والتفكير. كان فارس المواجهة بأسلوبه.. وفي الحلم 268 يقول "وجدتني بين جماعة من الاصدقاء وهم يعلنون نيتهم علي الهجرة ويدعونني للرحيل معهم. ولكني اعتذرت طططبعا وكان ثمة جماعة اخري ترحل سنويا للمشاهدة والاعتبار وترجع أكثر معرفة ونفعا فانضممت إليها. لا يخفي علي أحد ما يفيض به العقل العربي من قوة في الرؤية واكتمال في المنهجية ووضوح شفاف وكبير في النظرة المستقبلية في التوصل إلي واقع يرضي طموحات الجماهير. فلماذا النقد إذن..؟ هكذا كانت كتابات نجيب عن الماضي والفتوة تجنبا للاصطدام بالسلطة وختم حياته بأحلام فترة النقاهة المفاجأة حيث يعترف قائلا: إنه خلال ترجمته لكتاب مصر القديمة لجيمس بيكي وصل إلي حكاية عن قارئ الغيب الذي تنبأ لخوفو بشئ ثم لم تكتمل الحاية نظرا لفقدان ورقة البردي التي كتبت عليها فتخيل محفوظ تكملة لها وكانت روايته التاريخية الاولي "عبث الاقدار" يوسف نوفل. القصة والرواية. دولة تقدم قلادة فالصو والبعض يتناول أحد أهرامات مصر بلا وعي وماذا حدث للمصريين وكتاب د. جلال أمين ثم صحوت من حلم يقظة أبحث عن الغطاء "غطيني يا صفية.. فال يجوز تحريف المقولة" أنقذني عبد ربه التائه "إن لم تعرفني فأكرمني بحسن ظنك" لن أقول ختاما أو وداعا.. صفية زغلول "أم المصريين" التي أسهمت بدور كبير في تحرير المرأة عطية كانت إلي جانب الاديب الكبير نجيب محفوظ الذي كرمه العالم وأعطاه وطنه قلادة قالوا إنها فالصو.. ردت أحلامه فقال لها: "مافيش فايده. غطيني يا صفية/ عطية. وصوتي". الشربيني المهندس