من احضان قرية امير شعرء الرفض الشاعر الراحل امل دنقل. خرجت الباحثة نجلاء أحمد فرج حامد ابنة قرية القلعة بمركز قفط جنوبقنا لتعلن قهرها للظلام معلنة تحديها لكافة الظروف التي جعلتها تعيش حياتها دون ان تتمتع بحاسة البصر التي فقدتها قبل ان تكمل الثالثة من عمرها. ورغم انها من اسرة رقيقة الحال إلا أنها ارادت ان تؤكد للجميع أن الإعاقة الحقيقية هي اعاقة الفكر والإبداع وليست الإعاقة كما يظن البعض أنها فقدان احدي حواس الجسد. وضعت نجلاء فور تخرجها في قسم اللغة العربية في كلية الآداب بقنا في عام 2012 نصب اعينها هدفا محددا وهو أن تري بعينيها ما لم يستطع المبصرون رؤيته وبدأت في عام 2013 التسجيل في تمهيدي الماجستير وفي العام التالي انتهت من وضع خطة البحث وعقد سيمنار علمي لأطروحتها العلمية لتسجل في 2015 رسالة ماجستير هي الاولي من نوعها علي مستوي الجامعات المصرية لطالبة مكفوفة تبحث عن اثر العمي في الابداع في رسالة ماجستير بعنوان "اثر كف البصر في المبدع والمتلقي دراسة تحليلية نقدية" والتي ناقشت في كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي لتحصل بناء علي قرار لجنة التحكيم علي درجة الماجستير بتقدير ممتاز. الباحثة نجلاء حامد أعربت في تصريح ل "المساء" عن سعادتها بتحقيق حلمها والحصول علي درجة الماجستير بفضل تشجيع والديها واخوتها والمشرف علي الرسالة الدكتور ابوالفضل بدران الذي لم يتوان عن تقديم المشورة والمساعدة وتحمل اعباء كثيرة لتخرج الرسالة إلي النور وقالت إنها عانت كثيرا من اجل الحصول علي الماجستير فهي تعيش في قرية القلعة بمركز قفط جنوبقنا. وتمثلت معاناتها في فقد الاتصال بالعالم الخارجي لعدم توافر خدمات الإنترنت بالقرية والتي كانت ستساعدها كثيرا في البحث والاطلاع ومن أجل ذلك دأبت علي البحث عن المراجع داخل المكتبات العامة وداخل مكتبات جامعة جنوب الوادي ومكتبة دار المعارف بالقاهرة ونظرا لعدم اتاحة فرصة اعارة الكتب لمدة طويلة تسمح لها بالحصول علي ما تريد كانت تضطر لتصوير الكتاب بالكامل. قالت إن والدتها رغم انها لم تكمل تعليمها واكتفت بالحصول علي الشهادة الابتدائية إلا أنها قامت بجهد كبير جدا في رسالة الماجستير حيث إنها كانت تقوم بقراءة الكتاب كاملا علي ابنتها الكفيفة التي كانت تسجل صوت والدتها علي هاتفها المحمول لتعيد سماعه مرة أخري وتستخلص منه الاجزاء التي تفيدها في رسالتها وكتابتها بطريقة "برايل وقالت إن صديقتها "فاطمة مبارك" قامت بدور كبير ايضا حيث كانت تستعين بها لقراءة قصائد الشعر وتسجيلها علي الهاتف لتصبح متاحة لديها مرة أخري. اما عن رسالة الماجستير فقالت نجلاء أحمد فرج. إن الهدف الرئيسي من الرسالة هو تغيير نظرة المجتمع في الكفيف. فالكفيف قادر علي انجاز اي عمل يكلف به مهما كانت الصعوبات التي تواجهه فهو يتغلب عليها ولا يستسلم لها. كما تهدف الدراسة إلي الكشف عن قدرة الادب العربي علي تخطي الظواهر العامة والعبور إلي أدق التفاصيل في النفس الإنسانية. تناولت الباحث خلال دراستها نماذج لفاقدي البصر ومنهم الدكتور طه حسين الذي استطاع في روايته "المعذبون في الأرض" وصف عادات وتقاليد الريف بطريقة لا يستطيع المبصر نفسه وصفها. توصلت الباحثة إلي عدة نتائج أبرزها أن الابداع لا يقتصر علي المبصرين بل إن للمكفوفين نصيبا في الابداع وهو ما تم عرضه باسهاب في محتوي الرسالة وان لكف البصر تأثيرين علي الشعراء والادبا احدهما سلبي وهو رثاء الشعراء والادباء لفقد بصرهم والآخر تأثير إيجابي وهو افتقار الشعراء بفقد حاسة البصر وعللوا ذلك بأنهم عوضوا بدلا منه بالذكاء وفصاحة اللسان ونور القلب. اوصت الباحثة نجلاء احمد بضرورة توعية المجتمع عن كيفية التعامل مع المعاقين وعدم النظر إليهم بنظرة دونية او ازدراء أو اشفاق او احسان مع الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة صحيا وتربويا وتعليميا اضافة إلي توعية المجتمع بالأسباب المؤدية لمختلف الاعاقات وكيفية الوقاية منها والكشف المبكر عنها إن حدثت. كما اوصت ببناء تصور مقترح لوسائل الإعلام لتنمية الوعي بمشاكل المعاقين وكيفية التعامل معها وطرق رعاية المعاقين والحد من مشكلة الإعاقة.