في ظاهرة غريبة علي الشارع السكندري وتمثل القبح والعشوائية في أبشع صورهما بدت جدران المناطق الحيوية بالأسكندرية مثل لوحة إعلانات ضخمة يقوم كل من تسول نفسه بالإعلان عن السلع التي يبيعها والخدمات التي يقدمها وفي تحد صارخ لكل القوانين لم يخفوا هويتهم بل وضعوا أسفل تلك الإعلانات العناوين وأرقام التليفونات. والغريب أن هؤلاء يختارون بعناية ودقه أماكن الإعلانات كسور الإستاد العريق والذي يمثل الواجهة الرياضية للأسكندرية بمبناه الضخم ولم يراعوا بأن السور مصنوع من طوب "السور رناجا" والذي يصعب إزالة أي شيء مكتوب عليه حيث لابد من اعادة طلائه بلون آخر أو إزالة الطوب واستبداله بآخر مما يجعل شكل السور المحيط به مشوهاً ويكلف المحافظة أموالاً طائلة.. ولم تسلم أسوار المستشفيات من عبث المعلنين فبعد أن قام شباب الجامعات وكليات الفنون الجميلة في اعقاب الثورة بتجميل تلك الأسوار بأعلام مصر وصور الشهداء لتكون شاهدة علي هذه الأيام العظيمة والثورة قام هؤلاء باستبدالها بالإعلانات عن تجار الثلج وصالات البلياردو والإعلانات عن العلاج الروحي والمس الشيطاني. حتي اكشاك المرور لم تسلم من هذا العبث فنجد شرطي المرور في بعض الأماكن مثل "السلطان حسين" و "البطاله" وهي مناطق راقية يجلس في المكان المخصص له لتنظيم حركة المرور وتحته إعلانات عن الثلج وصالات البلياردو... أيضاً الطبقة المثقفة في المحافظة قامت هي الأخري بدورها لتنال من الحظ جانباً حيث انتشرت الإعلانات عن الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية بالأسعار والعناوين وأسماء المدرسين لجذب أكبر عدد ممكن من الطلبة وخاصة في ظل بدء العام الدراسي الجديد وقامت بعض المدارس الخاصة والمعاهد أيضاً بنفس التقليد الأعمي علي أعمدة الإنارة وطريق الكورنيش مما شوه الوجه الحضاري للمحافظة. يقول "أحمد أبوالمكارم" طالب إنه لايدري كيف في عدة أشهر تغيرت الأخلاقيات بتلك الصورة فبعد أن جمعت الثورة جميع الأطياف والطبقات وتوحدوا علي كلمة حق واحدة ونالوها باصرارهم إلا انهم عقب ذلك تفرقوا وكل شخص أراد أن ينال الحرية بطريقته الخاصة ويحاول أن يحصل علي أي شيء ليس من حقه فرأينا كيف يشوه هؤلاء شكل العاصمة الثانية من خلال هذه الإعلانات المستفزة. * "كريم رمضان" طالب: فوجئت ببعض الأشخاص يقومون بحفر طريق الكورنيش وتكسير البلاط أمام شاطيء ستانلي لغرس أعمدة عليها إعلانات لبعض المستلزمات الصحية وبالفعل تم وضعها وبعدها بنحو أسبوع شاهد سيارة تابعة للمحافظة وبعض العمال يقومون بإزالة تلك الإعلانات وأسفر عن ذلك ترك الطريق وبه مخلفات التكسير إلي الآن مما يدل علي أن بعض المواطنين تقدموا بشكوي للجهات المختلفة وتم إزالة الإعلانات المخالفة ولكن بعد تشويه شارع الكورنيش فلماذا لا يتم إصلاح الطريق علي حساب من افسدوه وإجبارهم علي إعادة الوضع كما كان؟؟ ليكونوا عبره للآخرين والذين يستهينون بممتلكات المواطنين لأن الشارع ملك لكل مواطن ولماذا تتحمل الاجهزة المختصة والمحافظة تكلفة علاج ما يفسده بعض ذوي الضمائر الخربة بدلاً من الزامهم بالإصلاح والانفاق علي ما أفسدوه وحتي لا يكرروا فعلتهم مرة أخري في أماكن عديدة.. * "طارق محمد محمود" موظف: أين المحافظة والمحليات فما يحدث أما آن الأوان لعودة القوانين الصارمة والضرب بيد من حديد علي من تسول له نفسه العبث بالصورة الحضارية للأسكندرية. أكد أنه في كل شارع الآن وعلي أسوار المدارس الإعلانات التجارية وبأسماء أصحابها بل وصل بهم التحدي لوضع عناوينهم وأرقام موبايلاتهم اليس هذا دليلاً كافياً علي ادانتهم وتفعيل القوانين في مواجهتهم أم نتركهم علي هواهم لتصبح جدران الأسكندرية لوحات مجانية لاعلاناتهم. أضاف أن الجميع لابد وأن يلتزم بالقوانين وليس الوقوف ضدها وألا نترك الحبل علي الغارب لبعض هؤلاء القلة من المفسدين وحتي النقاشين وعمال البناء والطلاء وجدوها فرصة سانحة أمامهم للإعلان عن خدماتهم لمن يريد كذلك الأطباء والمدرسين حيث قاموا بالإعلان عن عياداتهم ومراكزهم التعليمية فكيف يطالبون الطلبة بالالتزام ومراعاة واجباتهم وهم يتخطون القوانين ويضربون بها عرض الحائط.. * "نجلاء السيد" مهندسة أتعجب من عدم تطبيق القوانين وتفعيلها إلي الآن ضد هؤلاء وإذا كان الباعة الجائلون والمتسولون يشوهون وجه المدينة الحضاري ويتم محاربتهم ومحاولة القضاء علي تلك الظواهر إلا أن تلك الظاهرة أخطر بكثير لأنها تستهدف الاماكن الحيوية بالأسكندرية حيث يقومون بإزالة اللوحات التي قام الشباب برسمها بعد أحداث الثورة ليستبدلوها بتلك الإعلانات البشعة من غرب المدينة لشرقها ولذلك لابد من قيام الأحياء بدورها في إزالة الإعلانات بل تغريم أصحابها تكلفة ما شوهوه. * "محمد عبدالنبي" مقاول في ظل غياب المسئولين تقوم شركات الإعلانات بعدم مراعاة النسق الحضاري ووضع الإعلانات بشكل عشوائي بالمخالفة للقوانين واللوائح والتي تقضي بضرورة وجود مسافة 50 متراً بين كل إعلان وآخر ولكن الشركات تتجاهل كل هذا وتقوم بذرع الإعلانات بشكل عشوائي وفي أماكن راقية في مظهر بشع وغير حضاري بالمرة ولاحياة لمن تنادي لمسئولي الإعلانات بالأحياء والمنوط بهم إزالة ومواجهة تلك المخالفات وتوقيع الجزاءات المناسبة. * "أحمد حسين" خطاط: إن تكلفة الإعلان كبيرة وخاصة لو كانت في أماكن كثيرة ولذلك يلجأ البعض لضغط النفقات بطبع مايريدون الإعلان عنه علي ورق قوي يسمي "استانلس" ويقوم بوضعة علي الحائط والرش عليه أو دهانه بالبوية مما يصعب إزالته في نفس الوقت لا يكلفهم شيئاً سوي ورقة الكربون المفرغة المكتوب عليها اسم السلعة المعلن عنها كما أن تلك العملية لا تستغرق وقتاً طويلاً يعني منافع من كل ناحية.. وعلي جانب آخر قام بعض شباب "الفيس بوك" بمحاولة منهم لمحاربة الظواهر السلبية الجديدة والتي طفت علي المجتمع السكندري لإعادة النسق الحضاري وأسموا موقعهم "خصم للجمال لا للقبح" وشارك فيه العديد من الشباب بعرض صور الأسكندرية وشوارعها النظيفة أيام الزمن الجميل في محاولة لجذب أكبر عدد من المتطوعين لعمل حملة موسعة تستهدف عودة الوجه المشرق للأسكندرية.