نظم منتدي الحوار بمكتبة الإسكندرية ندوة بعنوان "نحو سياسة خارجية اقليمية فاعلة: مصر إيران تركيا" والتي تحدث فيها الدكتور مصطفي اللباد رئيس مركز الشرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية بالقاهرة وأدارها فؤاد السعيد كبير الباحثين بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. قال اللباد ان البعض قد يظن ان دور مصر الاقليمي ترف في حين أنه يعزز مكانة الدولة علي مستوي العالم سياسياً واقتصادياً مضيفاً انه من مصلحة مصر ان تكون زعيمة العالم العربي حتي وان اختلف البعض حول العروبة. نفي ان تكون الزعامة مرادفاً لخوض الحروب ملمحاً بذلك إلي ما كان يردده النظام السابق من أنه جنب مصر خوض مغامرات تبريراً لتراجع دور مصر الاقليمي وأشار إلي ان هناك مساحة كبيرة بين ما اسماه "الانبطاح والحرب" قائلاً ان مصر فقدت الخيال السياسي خلال العقود الأخيرة ونوه إلي ان دور مصر الاقليمي يحتمه التاريخ والجغرافيا وليس وفقا لتوجه ايديولوجي معين ضارباً المثل بدور مصر في عهد محمد علي وخلفائه مروراً بعبدالناصر والسادات وهي لحظات تاريخية اختلفت فيها ايديولوجيات من كانوا في الحكم. لفت إلي ان دور مصر الإقليمي يجب ان يركز تحديداً علي تأمين منابع النيل وسيناء مما يحتم تكوين حوائط صد مبكرة في سوريا شمالا وفي الصومال واثيوبيا جنوباً وانتقد ضعف الاهتمام بسيناء مشيراً إلي انه كان يتعين ان تكون هناك كتلة بشرية وتجارية وصناعية عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد بدلاً من استثمار المليارات في الساحل الشمالي. أوضح اللباد ان هناك متغيرات علي الساحة في الوقت الحالي تتمثل في وجود قواعد عسكرية برية لحلف الناتو في ليبيا وتقسيم السودان إلي شمال وجنوب اضافة إلي ان فلسطين لم تعد ملفا مصريا بامتياز في الوقت الذي تقلصت فيه مصر داخل حدودها بشكل غير مسبوق وظهر لاعبون كبار مثل إيران وتركيا. اضاف ان الدور الإيراني في المنطقة تعاظم عقب حرب العراق عام 2003 والتي تمت في غيبة عربية كاملة اضافة إلي حرب لبنان في عام 2006 في حين كان تعنت الاتحاد الاوروبي في ضم تركيا سبباً في توجه الأخيرة ناحية الدول العربية خاصة بعد تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم. أكد ان تركيا نجحت في تقديم عدة نماذج للدول في المنطقة حيث حققت طفرة اقتصادية كبيرة بعد ان عاني اقتصادها لسنوات كما استطاعت دمج التيارات السياسية المختلفة في العملية السياسية وعارضت الولاياتالمتحدةالامريكية رغم تحالفهما الوثيق حين تعارضت مصالحها مع المطالب الامريكية وشدد علي ان التحالف لا يعني "التبعية والانبطاح وتحقيق مصالح دولة واحدة علي حساب الأخري". نوه إلي أهمية ان تعود مصر إلي الاضطلاع بدورها الاقليمي دون الاستهانة بالقوي الاخري الموجودة علي الساحة وفي إطار تنافسي وتعاوني مع تلك القوي لافتاً إلي أنه في ظل العداوة اللفظية من مصر تجاه إيران خلال عهد النظام السابق استطاعت الأخيرة التمدد في المنطقة بينما تراجع الدور المصري. قال الدكتور مصطفي اللباد انه لم يعد ممكنا ان تتزعم دولة واحدة منطقة الشرق الأوسط ضد إرادة الدول الأخري وأشار إلي ان مصر كانت عمقاً استراتيجياً لإسرائيل خلال الثلاثين عاماً الأخيرة مطالباً باستثمار اللحظة الراهنة في تعديل البنود الأمنية الخاصة بسيناء في اتفاقية كامب ديفيد وتطوير التعاون مع تركيا لتحجيم إسرائيل التي وصفها بأنها اصبحت "أكثر بؤسا وانعزالا من أي وقت مضي". شدد علي أن إلغاء اتفاقية كامب ديفيد واغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة ليس في مصلحة مصر حالياً ودحض الادعاء بأن "كامب ديفيد" تتضمن بنداً لتصدير الغاز المصري إلي إسرائيل بربع ثمنه واصفاً ذلك بالاكذوبة. واختتم الدكتور مصطفي اللباد الندوة بالتأكيد علي أهمية التوافق داخليا حول الخطوط العريضة للسياسة المصرية الاقليمية والدولية دون ان يمنع ذلك وجود اختلاف في التنفيذ بين الاحزاب والتيارات السياسية التي تتنافس علي تولي مقاليد السلطة.