تعرض الزميلان ياسر التلاوي ورضوي السيسي وابناؤهما إلي حادث أليم الأسبوع الماضي. حيث انقلبت بهم السيارة أثناء عودتهم من إجازة العيد علي طريق الصعيد. لكن الله سلم وكتب لهم جميعاً عمراً جديداً. نسأل الله بكل اسمائه أن يتم شفاءه عليهم أجمعين. التجربة التي عشناها مع الزميلين العزيزين يوم الحادث كشفت لنا عن جوانب عديدة - منها الإيجابي ومنها السلبي - في الرحلة العلاجية. لذلك شعرت أنه من الواجب تسليط الضوء عليها لتعظيم الدور الإيجابي وتفادي السلبيات مع حالات أخري مثيلة لا قدر الله. بعيداً عن أن المصابين كانا من الصحفيين. فقد بذل طاقم الأطباء والتمريض في مستشفي "الهلال" أقصي ما في وسعهم لانقاذهم وتشخيص درجة الإصابة وتقديم الاسعافات الأولية. وقد رأيت بعيني هذا الاهتمام من الأسرة الطبية داخل المستشفي. هذا الاهتمام والهمة ليس لأسرة "ياسر" فقط. فقد تصادف في هذه الليلة وقوع حادث آخر كبير فوق كوبري 6 أكتوبر أسفر عن إصابة 20. والحق يقال أن جميع المصابين نالوا الحظ نفسه من الرعاية والاهتمام. بقي الفارق بين مشاعر أسرة المصابين ومشاعر الأسرة الطبية. كأننا نقارن بالضبط بين ماء يغلي. وقطعة ثلج. والحقيقة أن هذا التفاوت مقبول بل إنه منطقي. فالأطباء ينظرون إلي المصاب علي أنه "حالة". تمر عليهم مثلها عشرات الحالات في اليوم والليلة. بينما تتقطع أفئدة الأهل علي ابنهم المصاب. النقطة الأهم في الموضوع. تتمثل في التعامل الروتيني من جانب إدارة المستشفي. فبعد أن أدي الأطباء مهمتهم علي الوجه الأكمل وطلبوا حجز بعض الحالات الحرجة ومنهم زميلتنا رضوي. وقفنا عند التعقيدات. فعلي الرغم من أن الجريدة أرسلت خطاباً يفيد بأن المصابة تعمل في المؤسسة كصحفية. إلا أن موظف الاستقبال أصر علي إحضار بطاقتها الشخصية. ولا أدري كيف نعثر علي بطاقة أحد أفراد أسرة أصيبت بالكامل في حادث سيارة؟! وعندما تحققت المعجزة وعثرنا علي البطاقة. وجد الموظف أنها مدون بها "طالبة". فقال إنها لا تصلح. ولم أكن أعلم ما الذي من المفترض أن نفعله في هذا التوقيت. هل نلومها لأنها لم تستخرج البطاقة الجديدة المدون بها أنها صحفية. أم نؤجل دخولها المستشفي لحين استخراج البطاقة الجديدة؟! المهم أن ما أنقذ الموقف هو العثور علي كارنيه النقابة في معجزة ثانية. قد لا تتكرر كثيراً. وإذا كانت مشكلة رضوي في "البطاقة". فقد وقف أهل مصاب آخر أمام أزمة أكبر وهي ضرورة تسديد مبلغ ألفي جنيه تحت الحساب. الساعة كانت الثالثة فجراً. وكل ما يطلبه أهل المصاب مهلة حتي تشرق شمس النهار ليتصرفوا في المبلغ. لكن عبثاً حاولوا إقناع إدارة المستشفي بإعطائهم المهلة. وظل المصاب ممداً في طرقة الاستقبال!! المطلوب: تقسيم الشعب إلي 3 فئات. الأولي هي طبقة الأثرياء. وهؤلاء ليسوا في حاجة إلي مستشفيات الدولة. الثانية هم العاملون في شركات وهيئات ولهم اشتراكات في المستشفيات. وهؤلاء لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. أما الثالثة فهم الفئة الفقيرة. ولابد أن تتحمل الدولة تكلفة علاجهم بالكامل دون إجراءات روتينية قاتلة. فمن نجاه الله من موت في حادث أليم. لا نقتله نحن بروتين أكثر إيلاماً.