في الوقت الذي تسعي فيه الدولة بكل قوة لدعم المشروعات المتوسطة والصغيرة تغرد محافظة المنيا خارج السرب وترفض تقنين أوضاع عصَّارات "العسل الأسود" والتي وصلت أعدادها إلي نحو 90 عصَّارة في ملوي وحدها.. ومع توالي المحافظين يستمر الرفض سواء لمنح التراخيص أو لتوصيل المرافق وتركيب عدادات الكهرباء والمياه بدلاً من استمرار العمل بنظام الممارسة. أصحاب العصَّارات طالبوا بالتقنين علاوة علي تمويل العصَّارات التي ما زالت تعمل بطريقة بدائية والسماح بتصدير منتجاتهم خاصة أن العسل الأسود المصنع في المنيا من أفضل وأجود الأنواع الموجودة بالسوق المصرية. قال سعودي عبدالكريم عضو مجلس محلي سابقاً : إن والده كان يمتلك عصارة للعسل الأسود وكانت مرخصة ونظراً إلي قيام المواطنين بالبناء بجوارها تم نقلها ثم قام بإنشاء عصارة جديدة بمنطقة روضة البلد بمركز ملوي لكنها غير مرخصة ولم يتمكن من تركيب عداد كهرباء لها حتي الآن ويعمل بنظام الممارسة كباقي العصارات ويقوم بالعمل بالطرق البدائية ونحتاج تقنين وضعها بالترخيص. أضاف: يوجد ما بين 70 إلي 90 عصارة تقريباً بملوي ودير مواس غير مرخصة وتحتل ملوي النصيب الأكبر في تلك الصناعة المهمة فلابد من تمويلها حتي نتمكن من تطويرها وتسويقها وتصديرها للخارج والحفاظ علي نسبة الفاقد. مشيراً إلي أن هناك أكثر من 50 أسرة تأكل من وراء العصَّارة بدءاً من كسر قصب السكر وحتي خروج المنتج إلي المستهلك وأجرة العامل داخل العصَّارة تتراوح ما بين ألف إلي 1200 جنيه شهرياً وأيام العمل ما بين 4 إلي 5 أيام أسبوعياً وفترة العمل بالعصَّارات موسمية.. تبدأ من شهر نوفمبر وحتي نهاية أبريل لمدة 6 شهور تقريباً ويعمل بكل عصَّارة من 10 إلي 12 عاملاً. أشار إلي أنه يمكن تصدير رنتاج مصانع العسل الأسود للخارج إلا أنه مقتصر علي السوق المحلية فقط كما يتم تخزين كمية كبيرة من الإنتاج كل الموسم خاصة أن إنتاج المنيا هو أفضل عسل أسود بمصر لأنه لا يتم استخراج منتجات منه أو فصله ما يجعله مركزاً وثقيلاً فهو مصدر غني بالطاقة علي نسبة عالية جداً من عنصر الحديد ومفيد في محاربة الأنيميا "فقر الدم". أوضح أن فدان القصب ينتج 100 قنطار عسل أسود يباع ب 25 ألف جنيه لتجار الجملة بينما قنطار العسل الأسود يزن 25 كيلو جراماً ويباع ب 250 جنيهاً لتاجر الجملة كما يتم وضع استيكر علي الصفائح بها الوزن وتاريخ الإنتاج ومدة الصلاحية وبيانات العصَّارة. سعودي عبدالكريم صاحب عصَّارة: نحتاج تطوير العصَّارات وتشغيلها بالكهرباء أو الغاز بدلاً من السولار لصعوبة الحصول عليه لتشغيل الماكينات وتروس العصارة أو تخصيص بونات بمحطات الوقود لكل عصارة خلال الموسم منتقداً رفض الحكومة لتقنين الأوضاع من خلال تركيب عدادات الكهرباء والمياه "المرافق" للعصَّارات بدلاً من نظام الممارسة كما نحتاج عملية تمويل بنسبة فائدة قليلة تتناسب مع عملنا حيث يقوم المزارع بالبيع إلي العصَّارات لأنها أسهل وأسرع في الإنتاج والتسويق عن مصنع السكر الذي يحصل علي ثمن المحصول خلال شهور ناهيك عن نسبة حلاوة المحصول التي يحددها المصنع لمحاسبة المزارع عليه فهناك إقبالاً من المزارع علي بيع المحصول لأصحاب العصَّارات. أوضح أن إنشاء العصَّارة يكبدنا مبالغ طائلة ومكلفة من حيث الأرض والمعدات وأعمال التشييد والبناء فكلها تحتاج مصاريف باهظة وتكلفة المشروع تتراوح ما بين مليون وثلاثة ملايين جنيه.. بسبب ارتفاع سعر الأرض. قال محمد حجازي صاحب عصَّارة : نحن نحاول أن نطور من أنفسنا فقمنا بتركيب خط سير للعصارة بحيث يقوم اللودر برفع عيدان القصب أعلي السير ومنها تقوم الماكينة بعصر العيدان وتفريغها عبر أحواض مصفاة وبعدها تدخل مرحلة الغليان. ونطالب اللواء عصام بديوي بنظرة لنا حتي نتمكن من تطوير المهنة ولدينا خبرة كبيرة في مجال إنتاج العسل الأسود ويمكن تصديره بالدولار للدول الأجنبية. الجدير بالذكر أنه تم إعداد مشروع بحثي لتطوير قطاع العسل الأسود من خلال وحدة التسويق ومراقبة الجودة لقطاع العسل الأسود بمؤسسة "بست" الممول من الوكالة الكندية لتحسين الوضع القائم للعصَّارات الموجودة في قطاع الصعيد وتطلب تقديم مدخلات فنية تشمل إنشاء وحدة لتجهيز القصب قبل عملية العصر وتقديم نماذج متطورة من العصَّارات تعمل بالكهرباء أو بأنواع مختلفة من الوقود الآمنة لإنتاج منتج جديد من العسل الأسود ولكنه مع إيقاف التنفيذ حتي الآن. يقول محمد عبدالحفيظ رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية لتطوير صناعة العسل وصاحب عصارة: إن هذه الصناعة من أهم الصناعات الموجودة بالوجه القبلي وخصوصاً بمحافظتي المنيا وقنا حيث كانت المنيا تحتل المركز الخامس علي مستوي العالم في تصدير وإنتاج العسل في الماضي إلا أننا في الآونة الأخيرة تراجعنا إلي المستوي 13 علي مستوي العالم لتصدير وإنتاج العسل الأسود نظراً لعدم التطوير في هذه الصناعة. من جانبه قال عصام بديوي محافظ المنيا ل "المساء": إن المحافظة وقعت مع وزارة التجارة والصناعة اتفاقاً جديداً جول مصنع العسل الأسود بقرية تونا الجبل بمركز ومدينة ملوي يقضي الاتفاق بتنازل وزارة التجارة والصناعة عن الماكينات الموجودة بمصنع العسل الأسود لصالح محافظة المنيا مقابل حصول الوزارة علي المقابل المادي لها في ضوء ما تقرره لجنة مشتركة من المحافظة والوزارة لتحديد قيمتها لنقل ملكيتها إلي حساب الخدمات والتنمية المحلية بديوان عام محافظة المنيا بعد سداد مستحقات الوزارة من هذا الحساب مع البدء في اتخاذ إجراءات نقل العاملين التابعين لوزارة التجارة والصناعة بالمصنع بدرجاتهم المالية لمحافظة المنيا مضيفاً أن هذا الاتفاق يتماشي مع رؤية الوزارة للاستفادة القصوي من مصنع العسل الأسود ورؤية المحافظة في الاستغلال الأمثل للمصنع باعتباره أصلاً من الأصول الاستثمارية بمحافظة المنيا كما أنه يعد من أفضل السبل لطرح وإعادة تشغيل وتطوير ورفع كفاءة مصنع العسل الأسود خاصة قبيل انتهاء موسم قصب السكر. أكد المحافظ حرصه علي تشغيل وتطوير جميع المشروعات الإنتاجية التي من الممكن أن تدر دخلاً كبيراً للمحافظة خاصة أن هناك عروضاً من عدد من المستثمرين للتعاقد علي شراء كل إنتاج المصنع بعد حل جميع الإجراءات الإدارية الخاصة بالمصنع وتطويره بالشكل المناسب واللائق.