عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بسلامة الله إلي أرض الوطن بعد زيارة قصيرة استمرت يوماً واحداً. وعقد الرئيس السيسي جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس الكيني اوهورو كينياتا. ثم جلسة موسعة بحضور وفدي البلدين. أعرب كينياتا في بداية المباحثات عن سعادة الشعب الكيني بزيارة الرئيس. مشيرًا إلي أنها تأتي تتويجًا للعلاقات المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين. وأشاد في هذا الإطار بالدور التاريخي الذي قامت به مصر في دعم حركة التحرر في بلاده ومختلف الدول الأفريقية. أشار الرئيس الكيني إلي أن هذه الزيارة تعكس اهتمام مصر بعلاقاتها مع الدول الأفريقية. وتؤكد عودتها مرة أخري إلي مكانتها الطبيعية والرائدة في القارة. أعرب الرئيس عن سعادته بزيارة كينيا. وتقديره لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة من القيادة الكينية. مؤكدًا أن مصر حريصة علي تطوير علاقاتها مع كينيا في كافة المجالات. والعمل معًا من أجل تحقيق المصالح المشتركة للبلدين. ووجه السيسي الدعوة إلي الرئيس الكيني للقيام بزيارة رسمية إلي مصر لمواصلة التشاور والتنسيق بين الجانبين. وهو ما رحب به الرئيس الكيني معربًا عن تطلعه لزيارة مصر قريبًا. العلاقات الاقتصادية شهدت المباحثات مناقشة سبل الدفع قدمًا بالعلاقات الاقتصادية بين الدولتين. حيث أكد الرئيسان أهمية زيادة التعاون لاسيما في ضوء عضوية البلدين في السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "الكوميسا". وفي هذا الإطار بحث الرئيسان سبل زيادة التبادل التجاري الذي بلغ خلال عام 2016 نحو 451 مليون دولار. كما استعرضا نتائج الاجتماع الأول لمجلس الأعمال المصري الكيني الذي عقد في نيروبي مؤخرًا. وتم خلاله الاتفاق علي زيادة التبادل التجاري إلي مليار دولار علي مدي عامين من خلال عدد من المشروعات المشتركة في مختلف المجالات. اتفق الرئيسان علي عقد اجتماعات الدورة السابعة للجنة المشتركة برئاسة وزيري الخارجية خلال عام 2017. مع التحضير الجيد لها بحيث تسفر عن دعم وتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. كما أكد الرئيسان أهمية تفعيل الاتفاقيات التي سبق التوقيع عليها بين الجانبين. واعداد اتفاقيات جديدة. لاسيما في مجال منع الازدواج الضريبي وحماية الاستثمار. بهدف توفير المناخ اللازم لزيادة التعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار. أشاد الرئيس كينياتا خلال المباحثات والمؤتمر الصحفي الذي تلاها بالمساعدات الفنية التي تقدمها مصر لدعم وبناء القدرات الكينية في مختلف المجالات. فضلًا عن مساهمتها الإيجابية في عدد من المشروعات التنموية في مجالات الصحة والزراعة والري. حرص السيسي علي تأكيد استمرار مصر في تقديم المساعدة الفنية لبناء القدرات والتدريب في كينيا. ورحب سيادته بطلب الجانب الكيني قيام مصر بتوفير معدات طبية وأطباء للمستشفي العسكري الجاري بناؤها في العاصمة نيروبي. حيث وجه السيسي بإرسال وفد من المختصين للقيام بزيارة المستشفي والوقوف علي احتياجاتها في أقرب فرصة ممكنة. التعاون الأمني وأكد الجانبان المصري والكيني خلال المباحثات أهمية تفعيل التعاون الأمني بين البلدين في ظل ما يخوضانه من حرب مشتركة ضد الإرهاب. وما يواجهانه من تحديات نتيجة تنامي خطر الجماعات الإرهابية المتطرفة. أكد الرئيس السيسي في هذا الإطار أهمية الدور الذي يقوم به الأزهر الشريف في نشر التعاليم الصحيحة للدين الإسلامي والتصدي للفكر المتطرف. كما رحب الرئيس السيسي بطلب الرئيس الكيني زيادة عدد الأئمة والدعاة الكينيين الذين يتم تدريبهم من قبل الأزهر الشريف. تطرقت المباحثات إلي دعم جهود التنمية في دول حوض النيل. حيث أكد الرئيسان أهمية مواصلة العمل علي تحقيق أكبر استفادة من نهر النيل لجميع دول الحوض. من خلال المشروعات المشتركة التي تحقق المنفعة المتبادلة. وبدون إلحاق ضرر بحقوق واستخدامات هذه الدول من مياه نهر النيل. تطرقت المباحثات بين الرئيسين أيضًا إلي مختلف الموضوعات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. خاصة بالنسبة لتطور الأوضاع في جنوب السودان والصومال. أكد الرئيسان ضرورة استمرار التنسيق فيما بينهما من أجل العمل علي التوصل إلي إحلال السلام والاستقرار في هذه المنطقة. تناول الرئيسان كذلك عددًا من الموضوعات الخاصة بالأممالمتحدة. حيث تلاقت وجهات النظر بين الرئيسين واتفقا علي مواصلة التنسيق بين الجانبين فيما يتعلق بعملية إصلاح المنظمة الدولية. كما طلب الرئيس الكيني دعم مصر في استمرار استضافة نيروبي لمقار عدد من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. مؤتمر صحفي مشترك وعقب انتهاء المباحثات شارك الرئيسان في مؤتمر صحفي مشترك. ثم حضر الرئيس مأدبة غداء أقامها علي شرف السيسي الرئيس الكيني. وفيما يلي نص كلمة الرئيس في المؤتمر: اسمحوا لي في البداية أن أعرب عن سعادتي بالتواجد في جمهورية كينيا الشقيقة. وأن أتوجه بجزيل الشكر والتقدير إلي أخي العزيز الرئيس أوهورو كينياتا علي حفاوة الاستقبال. وكرم الضيافة من جانب الشعب الكيني. الذي تربطه بالشعب المصري علاقات وثيقة وممتدة. أخي الرئيس كينياتا إن مصر وكينيا يربطهما شريان واحد وهو نهر النيل. وتاريخ طويل من التعاون البناء. وتتشاركان في ذات التطلعات والتوجهات. فالبلدان يسعيان لتحقيق التنمية والرخاء الاقتصادي لشعبيهما. اعتمادًا علي إمكاناتهما الكبيرة وموقعهما الإستراتيجي. ونحن نؤمن بأن التعاون الاقتصادي بينهما سيكون عاملًا حاسمًا في تحقيق هذه الأهداف. وقد شهدت مباحثاتنا. مناقشة سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدولتين. بما يحقق المصالح المشتركة وتطلعات شعبينا الشقيقين. في هذا الإطار. أؤكد لكم أن مصر تولي اهتمامًا خاصًا لتعزيز حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين. وأود في هذا السياق أن أرحب بالتعاون المتزايد بين القطاع الخاص في البلدين خلال السنوات الأخيرة. والزيارات المتبادلة بين مؤسسات رجال الأعمال لبحث المشاريع المختلفة. وآخرها زيارة وفد من جمعيات الأعمال والمجالس التصديرية المصرية المتنوعة. للمشاركة في الاجتماع الأول لمجلس الأعمال المصري الكيني في نيروبي خلال الأيام الماضية. والذي تم خلاله الاتفاق علي زيادة التبادل التجاري بين البلدين من خلال التعاون المشترك في عدة مجالات. كما أود أن أشير إلي اتفاق الحكومتين المصرية والكينية علي اتخاذ كافة الإجراءات والخطوات اللازمة لتيسير وتحفيز التبادل التجاري بين البلدين وتشجيع المشروعات المشتركة في القطاعات الاقتصادية المختلفة. كما أؤكد أن مصر لن تدخر وسعًا في تطوير علاقتها الإستراتيجية مع كينيا في كافة المجالات. خاصة التنموية منها. من خلال تقديم دعمها الفني عبر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والمبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل. السيدات والسادة إن مصر حريصة علي التشاور المستمر مع الجانب الكيني لتعزيز الاستقرار وتحقيق السلم والأمن في القارة الأفريقية بشكل عام. والتنسيق في مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وقد استمعت من أخي الرئيس كينياتا لرؤيته حول تطورات الأوضاع في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي. حيث اتفقنا علي أهمية تكثيف الجهود معًا والعمل علي إعادة الاستقرار في هذا الجزء المهم من قارتنا الأفريقية. فضلًا عن دعم جهود التنمية في دول حوض النيل. لتحقيق أكبر استفادة من هذا الشريان الحيوي لجميع هذه الدول. يواجه البلدان الشقيقان العديد من المخاطر المشتركة. وفي مقدمتها الإرهاب والتهديد المستمر من تنامي الفكر المتطرف وانتشار التنظيمات المتشددة. وقد أكدت لأخي الرئيس كينياتا خلال مباحثتنا. دعمنا الكامل للحكومة الكينية في مواجهتها لهذه الظاهرة البغيضة. وعزمنا علي تعزيز التعاون والتنسيق لمواجهة تلك الآفة. التي أضحت تهدد المجتمع الدولي برمته. وفي هذا الصدد. أود أن أشير إلي ما يقوم به الأزهر الشريف من دور مهم كمنارة للفكر الإسلامي المعتدل. وفي نشر الأفكار والتعاليم الدينية الصحيحة لمواجهة الأفكار الدينية المتطرفة. وتجفيف المنابع الفكرية للإرهاب والتطرف. السيدات والسادة وإذ أجدد شكري لأخي الرئيس كينياتا علي حفاوة الاستقبال. أؤكد سعادتي الكبيرة مرة أخري بالتواجد في نيروبي والالتقاء به. وتطلعي لمزيد من التواصل معه مستقبلًا بما يعزز من التعاون بين البلدين علي كافة المستويات. وأدعوه مجددًا لزيارة بلده الثاني مصر في الوقت الذي يراه مناسبًا. وقام الرئيس في ختام زيارته لنيروبي بزيارة مركز الأممالمتحدة في أفريقيا. حيث استمع إلي شرح من مديرة المركز وكبار المسئولين فيه حول أهم أقسام المركز والذي يتضمن عددًا من المقار الرئيسية للمنظمات الدولية مثل برنامج الأممالمتحدة للبيئة "يونيب" وبرنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية "هابيتات" فضلًا عن المقار الإقليمية لعدد من المنظمات مثل منظمة الأغذية والزراعة "فاو" ومنظمة العمل الدولية. وقام الرئيس بالتوقيع في سجل الزيارات وغرس شجرة في تقليد يقوم به رؤساء الدول الذين يزورون مركز الأممالمتحدة. وعقب ذلك. توجه الرئيس إلي مطار جومو كينياتا حيث كان الرئيس الكيني علي رأس مودعيه حيث غادر السيسي نيروبي عائداً إلي أرض الوطن.