هل فكر أحدنا ان يضع نفسه ولو لدقائق مكان أ ب يري ابنه يموت أمام عينيه.. وكل لحظة تمر عليه تقربه من النهاية فيظل يترقب في رعب هذا اليوم المحتوم وهو موثوق اليدين لا يملك سوي البكاء بعد ان صار الآمل الوحيد في علاجه بالخارج وهو بالطبع أمل بعيد المنال. والسؤال.. هل هناك ضوابط محددة لسفر المواطنين للعلاج بالخارج علي نفقة الدولة تحقق مبدأ العدالة والمساواة أم انه متروك لأحكام فردية مهما تعددت اللجان الثلاثية واصدرت قرارات غير ملزمة.. وان كان هناك ضوابط فلماذا نجد من بين مئات الحالات المستحقة تتم الموافقة علي حالة واحدة وغالباً ما يصدر قرار العلاج باعتماد جزء فقط من نفقات السفر فيظل "حبراً علي ورق" لان أهل المريض عادة مايعجزون عن استكمالها. الغريب انه حتي لو حدثت معجزة وتكفل القرار بنفقات مرحلة من العلاج يكتفي بها مهما أكد الخبير الاجنبي علي ضرورة عودة المريض لاستكمال العلاج بالخارج فيهدر ما انفق من المال العام في المرحلة الاولي بلا فائدة. وبريدنا الانساني لا يخلو يوميا من هذه الحالات التي توجع قلبي وتشعرني بالعجز والغضب الشديدين خاصة ان معظمها لأطفال يتحملون ما لايقدر بشر علي تحمله من عذاب وآلام فهذا صغير لم يبلغ العاشرة ظل ينزف حتي الموت بعد ان فشل والده العامل البسيط في علاجه بالخارج ولان مرضه كان وراثيا اصيب به شقيقه الآخر وينتظر الان نفس النهاية. وطفل آخر في الثامنة استأصل معدته كاملة ويعيش علي المحاليل منذ شهور ولم يستطع والده الحصول علي تأشيرة الحياة بسفره للعلاج بالخارج رغم انه حصل علي حكم قضائي لصالحه ومازال الصغير يرقد في حالة حرجة بقصر العيني القديم إلي الآن. حتي من حالفه الحظ وسافر إلي لندن لاستئصال وحمة دموية وورم خلقي بالفم واللسان لم يتمكن من الحصول علي قرار بالعودة لاستكمال الجراحة واستئصال باقي الورم الذي امتد للحلق ويمنعه من التنفس والنتيجة في النهاية معروفة!! غيرها من الحالات التي حدث فيها تقدماًً كبيراً في علاج امراضهم بالخارج وتحكم عليهم البيروقراطية وسوء التقدير لدينا بالعذاب حتي الموت لقد آن الآوان لإعادة النظر في تلك القضية بحيث تصدر القرارات فيها بسهولة وعدالة تناسب وخطورتها بعد ان يكون هناك لجان موثوق فيها لعرض حالات السفر للخارج عليها كما يجب ان يتم عمل "بروتوكول" تعاون دولي بيننا وبين المستشفيات بالخارج لقبول الحالات التي استعصي علاجها في مصر بأقل نفقات ممكنة وذلك إلي ان تحصل مصر علي المكانة التي تليق بها في التقدم الطبي والبحث العلمي فيصبح لها من الكوادر والامكانات ما يجعلها قادرة علي علاج أولادها والحفاظ علي أرواحهم.