شئ يحير العقل حقيقة.. ويبعث علي الدهشة في النفوس.. بل انه يغطي علي نوازع الخير في الانسان ويظهر نوازع الشر والجريمة فيه.. والغريب أن مرتكبي جرائم الرشوة من المتعلمين الذين يقرأون الصحف ويتابعون أجهزة الإعلام ومع ذلك لا يفكرون ولا يرتدعون.. وانما تأخذهم أطماعهم إلي مستنقع لا نهاية له. فبعد سقوط مستشار وزير الصحة في جريمة رشوة كبري.. بل بعد سقوط أحد الوزراء في هذه الجريمة البشعة.. وبعد سقوط العديد منهم حفاظا علي أموال الدولة في مثل تلك القضايا تمكنت هيئة الرقابة الإدارية برئاسة اللواء محمد عرفان من ضبط واقعة فساد تورط فيها أحد مستشاري وزير المالية. المستشار الذي لم تعلن الرقابة الإدارية اسمه تقاضي مليون جنيه من أصل رشوة قدرها أربعة ملايين لتسهيل الاستيلاء علي ما يوازي 500 مليون جنيه من أموال الدولة. رمزت هيئة الرقابة الإدارية لاسم المرتشي بحرفي "ط ف" وهو مستشار الوزير للضرائب العقارية.. أما الراشي فهو صاحب شركة مقاولات خاصة مقابل التلاعب في تقدير قيمة قرية سياحية ولا تخص قطاع الضرائب بوزارة المالية. ألم يقرأ هذا المستشار أن هناك عيناً ساهرة علي أموال الدولة وهي الرقابة الإدارية.. وأنه مهما فعل وتواري عن الأعين فإن الأمر سينتهي به الي ضبطه متلبسا بالرشوة؟! ألم يتعظ المستشار من المسئولين الذين سبقوه وتم ضبطهم في هذه الجرائم؟! أم انه وضع غلالة علي عينيه ليخرج بالغنيمة ثم يقول في نفسه إنني خدعت الدولة وأخذت من أموالها ما لا استحق فأنا الوحيد الذي أفلت من يد العدالة؟! كل انسان طامع تزين له نفسه الأمارة بالسوء أن يرتكب جريمته وهو غافل عن نفسه ولكن عيون الدولة ليست غافلة عنه.. ثم يعود ويندم بعد فوات الأوان. ويقول: ياليتني ما فعلت؟! ذكرنا الموقع الألكتروني لصحيفة "اليوم السابع" ببعض جرائم الرشوة السابقة لعل المسئولين الذين تزين لهم نفوسهم حصولهم علي الأموال الحرام من قضايا الرشوة يتنبهون ويحذرون قبل أن تقع الفأس في الرأس كما يقولون. 1⁄4 الرقابة الإدارية سبقت أن ضبطت رئيس قسم الحاسب الآلي وشخصا آخر في جمرك سفاجا بمحافظة البحر الأحمر لإتهامهما بالتلاعب في إجراءات الافراج الجمركي عن 84 سيارة الأمر الذي تسبب في خسارة الدولة مبلغ يقدر ب 3.5 مليون جنيه. 1⁄4 تمكنت الرقابة الإدارية من ضبط وكيل مصلحة الخبراء بوزارة العدل لتقاضيه رشوة 350 ألف جنيه في أحد الاندية بمصر الجديدة بعد ورود بلاغ من صاحب شركة قطاع خاص مقابل إعداد تقرير يثبت فيه استحقاق الشركة المملوكة له 3 ملايين جنيه تقريبا. 1⁄4 ضبطت الهيئة أمين سر حفظ الجنح المستأنفة بنيابة قنا الكلية لاتهامه باختلاس أوراق ومستندات 600 قضية من قضايا تبوير الأراضي الزراعية في عهدته لتواطئه مع المتهمين وتسليمهم أصول ومستندات قضاياهم وضياع مستحقات الدولة لديهم. وكانت الرقابة الإدارية قد ضبطت قضية ضخمة قبل أسابيع أسفرت عن ضبط أمين مشتريات مجلس الدولة يحتفظ في منزله بمبالغ تتجاوز 150 مليون جنيه اضافة إلي عقود ممتلكات عقارية وكميات من المشغولات الذهبية. وفي 22 ديسمبر الماضي ألقت الرقابة الإدارية القبض علي رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية التابعة للبنك الزراعي المصري لتقاضيه 200 ألف جنيه تمثل جزءا من مبلغ رشوة يحصل عليه بشكل دوري من صاحب إحدي الشركات الخاصة تمثل نسبة من المستحقات مقابل اسناد اعمال توريد للشركة. قضايا رشوة المسئولين لا حصر لها.. لأن هؤلاء المسئولين لا يعترفون بالفرق بين الحلال والحرام.. وهم في رأيي كالذين كف بصرهم فلا يتعظون مما جري لمن سبقهم فيقعون في نفس الخطأ.. فتدور الدائرة عليهم لأن الرقابة الإدارية لا تسهو. وعين الله لا تنام.