حذر علماء الدين الشعب المصري من الانسياق وراء الدعوات المشبوهة التي أطلقها القائم بأعمال المرشد العام للجماعة المحظورة تحت مسمي "الجهاد" وذلك بالخروج للتظاهر يوم 25 يناير حيث وصفها العلماء بأنها دعوات للتخريب وارتكاب أعمال فوضوية الهدف منها زعزعة استقرار الوطن وأنها تخفي وراءها مصالح سياسية خاصة لجماعات العنف والتكفير في مصر. يقول د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إنه من مأثورات الإمام علي كرم الله وجهه "الداعي للفتن باغ .. وعلي الباغي تدور الدوائر" .. وقال أهل العلم "المتسبب كالمباشر" .. ومعلوم أن "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" .. وحيث إن خروج الناس لجريمة بغي وهي في التكييف الفقهي الخروج علي النظام العام للمجتمع وعلي ولي الأمر ومؤسساته للإفساد في الأرض قال الله تعالي عن هؤلاء "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولي سعي في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد". وهذه الآيات البينات المحكمات نذكر بها المغرر بهم الذين يغترون بزخرف القول غرورا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .. وحيث إن شرع المطهر بنصوصه الشرعية تحرم الإخلال بالأمن المجتمعي والاعتداء علي المنشآت والأفراد من جيش وشرطة وغيرهم وإحداث قلاقل واضطرابات فيجب الإذعان لحكم الشرع قال الله عز وجل "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب". وتأسيسا علي ما ذكر فإن الخروج يعد جريمة بغي لا علاقة بينها وبين الجهاد المشروع بمقتضياته ودواعيه وشروطه وأحكامه .. وليحذر الداعي والمدعو من الاعتداء علي الأحكام الشرعية قال الله عز وجل "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون". شروط التظاهر يؤكد د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن للتظاهر شروطا ومن بينها أن يكون سلميا حتي لو شعر الإنسان بالظلم فهناك قنوات شرعية مهمتها رفع هذا الظلم عن المظلوم .. والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذه الدعوي إلي التظاهر إلا أن يكون الآن مجرد شغب المقصود منه تخريب العامر من مرافق الدولة وممتلكات الناس .. ومما لاشك فيه وهو باد لكل ذي نظر أن القائمين علي الأمر في هذه الدولة لا يألون جهدا في رفعة أمر أهلها وشأنهم الخاص والعام ومن ثم فإن شروط التظاهر غير متوافرة .. وإذا لم تتوافر يكون التظاهر اعتداء محرما شرعا يخول لولي الأمر اتخاذ كل ما يمكن به إبطال هذا التظاهر وذلك لعدم وجود مبرر لهم خاصة أنه أنيط به حفظ الأمن واستتباب النظام في الدولة. ومن بين وسائل رفع الظلم الالتجاء إلي القضاء وإلي الجهات السيادية في الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة من الجهات التي من شأن اللجوء إليها رفع الظلم عن الناس .. وفي أغلب الظن أن الذين يدعون إلي هذه التظاهرات من أصحاب الرؤي الهدامة والأفكار الضالة الذين لم يتوقف تخريبهم للعامر من مرافق الدولة لحظة واحدة فتلك فرصتهم وبغيتهم ولهذا فإننا نهيب بالجهات الأمنية في الدولة أن تتخذ جميع الوسائل الممكنة لمنع هذه التظاهرات. مفهوم الجهاد أكد د. إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية أن مرصد دار الإفتاء أوضح مفهوم الجهاد بأنه حكم شرعي. وليس حماسة أو اندفاعًا. فتعتريه الأحكام التكليفية الخمسة. فقد يكون واجبًا. وقد يكون مندوبًا. وقد يكون حرامًا. بحسب تقدير شئونه وأحواله ومقاصده ومآلاته. وقد شرع الله الأحكام وشرع أيضًا ما يرفعها. وإذا خرج الجهاد عن ضوابط الشرع فيه تحول إلي عدوان وقتل وسفك دماء. وسعي في الأرض بالتدمير. والجهاد الصحيح الشرعي المحقِّق لمقاصد الشريعة أمر شريف. وأثره هو الهداية. أما إطلاق اسم الجهاد علي التخريب والتكفير وترويع الآمنين ونشر الفزع. فهذا هو الافتراء بعينه. ولا يحقق من مقاصد الشرع الشريف شيئًا. وشتان ما بين الجهاد الذي جاء به النبي صلي الله عليه وسلم. والذي يندفع به العدوان. وينكسر به الشر. وبين ما تقترفه الجماعات المتطرفة التي توظف الدين لخدمة أهدافها وتحقيق مصالحها. أشار إلي أن الإسلام دين الوحدة والاجتماع. وليس دين التشرذم والتفرق. وإن المتأمل في القرآن الكريم يجد أنه عبر بكلمة "أمة" وليست فرقة. فقال سبحانه "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةي أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ". ومواجهة الإرهاب في المقام الأول فكرية. وما يحدث الآن من إرهاب وترويع للآمنين واستباحة للأعراض هو من فكر الخوارج. وقد حذرنا النبي صلي الله عليه وسلم منه فقال: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية. ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة. أو يدعو إلي عصبة. أو ينصر عصبة فقتل فقِتْلةى جاهلية. ومن خرج علي أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشي من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه". يقول الشيخ خالد أبوعيد الهاشمي القيادي الدعوي بنقابة الأئمة والدعاة بسوهاج والمتحدث الإعلامي للنقابة إن هذه دعوات هدامة من أعداء الوطن تدعو للخروج للتظاهر في ذكري 25 يناير من أجل أن ينشروا السم في جسد الوطن مشيرا إلي أن الهدف من هذه الدعوات تأجيج مشاعر الشعب وخداع الشباب والبسطاء من هذا الوطن واستخدامهم في شق الصف وتقسيم البلد وزعزعة أمنه واستقراره. أضاف الهاشمي أن نقابة الأئمة والدعاة بسوهاج بادرت بحملة "لا للتظاهر والتخريب" من أجل توعية الشباب والبسطاء بعدم الانسياق وراء هذه الدعوات الهدامة والاجتماع علي حب الوطن والدعوة للبناء والتعمير لا للتظاهر والتخريب فالوطن في حاجة إلي العمل ورفع عجلة التنمية ولاشك أن مثل هذه الدعوات ترجع بنا إلي الوراء وتعطل مسيرة البناء والنهوض بالوطن.