* يسأل أشرف عبدالرءوف عبدالجواد تاجر بالموسكي: أعمل في مجال التجارة وأريد أن أعرف هل حدد الإسلام نسبة معينة في الربح.. أم ان المسألة متروكة لحال السوق وعُرف التجارة؟! ** يجيب الشيخ عمرو حسن عفيفي من علماء وزارة الأوقاف: الجواب: إن المتتبع لآيات القرآن الكريم ولأحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم لا يجد انها حددت مقداراً معيناً بل جعلت ذلك بحسب ظروف التجارة والسماحة والتيسير وعدم الاستغلال. وقد ورد في السنة النبوية ما يدل علي جواز أن يربح التاجر ضعف ثمن البضاعة فقد ورد في الحديث الذي رواه الإمام البخاري قال: "سمعت الحي يحدثون عن عروة ان النبي صلي الله عليه وسلم أعطاه ديناراً يشتري له به شاة فاشتري له به شاتين فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة فدعا له بالبركة في بيعه وكان لو اشتري التراب أربح فيه". وقد ورد هذا الحديث برواية أطول عند الإمام أحمد في مسنده عن عروة بن الجعد البارقي رضي الله عنه قال: "عرض للنبي صلي الله عليه وسلم جلب فأعطاني ديناراً. وقال: أي عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاة فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين بدينار فجئت أسوقهما فلقيني رجل فساومني فأبيعه شاة بدينار فجئت بالدينار وجئت بالشاة فقلت: يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم. قال: وصنعت كيف؟ قال فحدثته الحديث. فقال: اللهم بارك له في صفقة يمينه. فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة أي سوقها فأربح أربعين ألفاً قبل أن أصل إلي أهلي وكان يشتري الجواري ويبيع". ففي هذا الحديث نجد أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد أقر عروة علي بيعه الشاة بدينار مع انه اشتراها بنصف دينار فقد ربح فيها ما نسبته 100% فهذا يدل علي جواز أن يربح التجار هذه النسبة بشرط أن لا يكون في البيع غش أو خداع أو احتكار أو غبن فاحش. فالتاجر المسلم الملتزم بدينه لا يتعامل بهذه الطرق غير المشروعة وقد ناقش مجمع اللغة الفقه الإسلامي مسألة تحديد أرباح التجار وقرر ما يلي: أولاً: الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشرعية ترك الناس أحراراً في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها عملاً بمطلق قول الله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراضي منكم". ثانياً: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التاجر والسلع مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير. ثالثاً: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية علي وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام وملابساته كالغش والخديعة والتدليس والاستغفال وتزييف حقيقة الربح والاحتكار الذي يعود بالضرر علي العامة والخاصة. رابعاً: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللاً واضحاً في السوق والأسعار ناشئاً من عوامل مصطنعة فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي علي تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغُبن الفاحش.