الإرهاب عمل إجرامي مدان في كل وقت وفي كل مكان.. من يعتدي علي أبرياء مسالمين هو مجرم ومدان قولاً واحداً أياً كانت المبررات والحجج.. ومثلما تغير العالم بعد الأحداث الإرهابية الكبري في 11 سبتمبر 2001 سوف يتغير العالم أيضاً بعد الجريمة الإرهابية الجنونية الأخيرة في باريس والتي أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن ارتكابها. المصيبة ان داعش لن تدفع ثمن الجريمة وحدها إن دفعت.. وإنما الإسلام هو أول من سيدفع الثمن غالياً.. سمعة الإسلام كدين أمن وأمان وهداية سوف تزداد تشوهاً مادام هؤلاء المجرمون يدعون انهم يحملون رسالته ويدافعون عنه.. وهناك متربصون كثيرون ينتظرون مثل هذه اللحظات العصيبة ليشنوا حملات ترهيب وتخويف ضد الإسلام.. وذلك علي الرغم من ان أحداً لا ينظر إلي أي دين ينتمي المجرمون حول العالم.. ولا يسأل مجرم عن دينه إلا إذا كان مسلماً.. هنا فقط لا يكتفي باتهام الشخص وإنما يتهم دينه معه. يحدث ذلك.. مع اننا كمسلمين لم ننظر أبداً إلي الدين الذي ينتمي إليه المستعمرون اللصوص الذين استعبدونا وسرقوا خيرات أرضنا علي مدي سنوات طوال وقتلوا ومازالوا يقتلون منا المئات والآلاف.. ناهيك عن ان نشوه هذا الدين ونتهمه.. وإنما شوهنا المستعمرين واتهمناهم فقط وبقي دينهم بيننا مصاناً له كل الاحترام والتوقير. وسيدفع الثمن أيضاً إخواننا العرب والمسلمون الذين يعيشون في تلك البلاد آمنين مطمئنين.. سواء أكانوا من أهلها أو تجنسوا بجنسيتها أو هاجروا إليها بحثاً عن العمل والرزق الحلال.. هؤلاء ستزداد معاناتهم ويزداد التضييق عليهم والتخويف منهم وسيجدون مشقة في التعامل مع جيرانهم وأصدقائهم وأصحاب الأعمال التي يلتحقون بها.. وسيجدون أيضاً مشقة وهم يطالبون بحقوقهم. ولا شك ان قلوبنا تنفطر علي الرجال والنساء الأبرياء الذين ماتوا أو أصيبوا في الجريمة الإرهابية البشعة.. وتنفطر أيضاً علي اخواننا المهاجرين السوريين الذين سيدفعون ثمن الجريمة الإرهابية باهظاً.. وسيعانون أشد المعاناة في البحث عن ملاذ آمن في فرنسا وفي أوروبا كلها.. كل واحد من هؤلاء المهاجرين سيظل إرهابياً محتملاً ومتهماً إلي أن يثبت العكس. ونحن هنا أيضاً سوف ندفع الثمن.. سوف تزداد قلوب تلك الشعوب بغضاً وكراهية لنا.. سوف تتهمنا جميعاً وتدمغنا بالإرهاب والعنصرية والهمجية.. وسوف تتراجع عن دعم قضايانا العادلة.. وتضع ألف علامة استفهام علي هوية كل من يريد السفر إليها.. وتمنع مواطنيها من السفر إلينا فتنهار السياحة.. سوف تتعامل معنا علي اننا كائنات خطرة عليها أن تتجنبها. أقول هذا وأنا أدرك جيداً ان الأوروبيين عموماً والفرنسيين خصوصاً ارتكبوا آلاف المذابح في بلادنا وضد مواطنينا من المسلمين والمسيحيين الذين لهم مذاهب تختلف عن مذاهبهم.. هناك تاريخ اسود طويل مليء بالمآسي مازال حياً في عقول وضمائر من يبحثون عن الانتقام. وقد تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي شهادة الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري في مقابلة تليفزيونية قال فيها: لماذا نذهب إلي بلدان المسلمين ونتدخل في شئونهم ونقول لهم يجب أن تتبعوا منهج فرنسا؟!.. لماذا نقتلهم في مالي كما قتلنا قبل ذلك في بلدان شمال افريقيا وعندما يدافعون عن أنفسهم نتهمهم بالإرهاب؟!.. لماذا لا تذهب فرنسا إلي إسرائيل أو الصين أو كوريا أو اليابان أو ألمانيا من أجل أن يتبع سكان تلك البلدان منهج فرنسا؟!.. ولماذا تختار دولاً ضعيفة مثل مالي وليبيا والنيجر وأفريقيا الوسطي.. المشكلة ليست مشكلة الإسلام.. بل هي مشكلة عنصرية ويجب أن نعترف بأننا عنصريون.. في حادثة شارلي ايبدو لماذا لم تقل الحكومة للصحفيين توقفوا عن الإساءة لرسولهم في حين قالت لنفس الرسامين لما رسموا شعار اليهود انه فعل مخجل لكم اعتذروا لإسرائيل؟! لماذا منعت مسرحية ديودوني من العرض وأدين أمام المحكمة العليا الفرنسية بتهمة معاداة السامية لأن المسرحية تستهزئ باليهود؟!.. لماذا نستهزئ بالمسلمين فقط وحينما يتعلق الأمر باليهود فنحن نعادي السامية؟! .. لا تكذبوا علي أنفسكم وكأننا مظلومون.. ترسمون نبيهم الذي هو قدوتهم في أوضاع مشينة وندعي بعدها انها حرية التعبير.. "لا لا لا معذرة.. الأمور لا تسير هكذا لأننا وبهذه الطريقة سنكون شعباً منافقاً". ومع كل ذلك فإن ما حدث في باريس عمل مجنون.. انتقام من مدنيين أبرياء وستكون له عواقب وخيمة.