لم تكن استقالة د.هاني المسيري أو إقالته هي الحل لمشاكل الإسكندرية المعقدة.. بالأصح لم تكن الاستقالة وحدها هي الحل ولن تكون.. بدليل أنه بعد أيام قلائل من رحيله عن منصب المحافظ بسبب كارثة الغرق بمياه الأمطار ومقتل 8 أشخاص انهار منزل في منطقة أبي قير ولقي 3 أشخاص مصرعهم.. ولو سقطت أمطار غزيرة لا قدر الله اليوم أو غداً ستغرق الإسكندرية مرة أخري وتتكرر الكارثة. د.المسيري ليس بريئاً.. ولم يكن محافظاً جيداً.. وهو يتحمل الجزء الأكبر من المسئولية.. وبالتالي فإن استقالته أو إقالته كانت واجبة.. لكنه لم يكن وحده المسئول.. ولم يكن وحده المشكلة.. ورحيله وحده لن يكون هو الحل.. لابد من فتح ملف الفساد والتقصير والإهمال كاملاً ومحاسبة كل الأطراف المعنية بإدارة مرافق الإسكندرية. نعم.. لابد من مساءلة المسئولين الآخرين شركاء المسيري وتحديد مسئولياتهم.. وفي مقدمة هؤلاء المسئولين رؤساء الأحياء الذين تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي أسماءهم علي مدي الأيام الماضية وهم: اللواء أحمد أبوطالب رئيس حي أول المنتزه.. واللواء عادل سلامة رئيس حي ثان المنتزه.. واللواء سعيد الفوال رئيس حي شرق.. والعميد محمد أبوشبانة رئيس حي غرب.. واللواء خالد فوزي رئيس حي الجمرك.. واللواء سامي شلتوت رئيس حي العجمي.. واللواء أحمد متولي رئيس مركز ومدينة برج العرب.. بالإضافة طبعاً إلي اللواء يسري هنري رئيس شركة الصرف الصحي بالإسكندرية الذي استقال منذ أيام وحل محله اللواء محمود نافع. هؤلاء جميعاً يمسكون كما تري بمفاصل العمل التنفيذي علي الأرض.. وبالأجهزة والأدوات التي يتحرك من خلالها المحافظ.. ومن ثم فهم شركاء معه في المسئولية.. ويجب أن يتحملوا مسئولياتهم ونسمع أصواتهم.. خصوصاً أننا قرأنا لأحدهم كلاماً عجباً.. فقد ذكر اللواء يسري هنري رئيس الصرف الصحي لصحيفة "المصري اليوم" الأربعاء الماضي "أن غرق الإسكندرية قدر والمسيري بريء.. عرفنا بقدوم النوة أما تقدير حجمها فده بتاع ربنا.. دورنا التخلص من مياه الصرف وليس الأمطار.. والأزمة معرضة للتكرار". وعلي عكس هذا الكلام "القدري" كان من الواجب أن نبدأ علي الفور خطوتين جريئتين: الأولي محاسبة رؤساء الأحياء ومسئولي المرافق الذين تقاعسوا عن أداء واجباتهم.. والثانية فتح ملف الفساد والمخالفات التي حدثت في مرافق الإسكندرية.. ومحاسبة كل من أفسد أو أهمل أو أساء التصرف من المسئولين السابقين.. حتي لا يطمئن أحد إلي أن مجرد خروجه من موقعه يحميه من الحساب. إن مسئولية ما جري في الإسكندرية لا يتحملها المحافظ وحده.. وإنما معه الذين شاركوا في مخالفات البناء دون مراعاة أن البنية التحتية لا تحتمل تلك الزيادات المطردة.. ومنهم مسئولون كبار أقاموا الأبراج وساهموا في فساد المحليات.. كما يتحملها من قرر ربط شبكة الصرف الصحي مع شبكة مياه الأمطار في مصرف واحد فضاعف من الأزمة الناتجة عن هطول الأمطار.. ويتحملها أيضاً من لم يستجب للمطالبات المتكررة بتوفير 75 مليون جنيه لحل مشكلة الصرف في المحافظة إلا بعد وقوع الكارثة. في تقرير "المصري اليوم" معلومات خطيرة ذكرتها السيدة سعاد حلمي رئيس حي وسط الإسكندرية علي فضائية "سي.بي.سي" الأحد الماضي.. حيث ذكرت أن خطة اللواء عبدالسلام المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق لتجديد شبكة الصرف الصحي تضمنت تحميل صرف المدينة علي الشبكة المستقلة لصرف الأمطار بعد ربط الشبكتين.. وقبل ذلك كانت شبكة المطر منفصلة وبها محطات احتياطية تعمل في الشتاء فقط وتلقي بمياه المطر في البحر أو في ترعة المحمودية.. وبالتالي لم تكن هناك موجات من الغرق قبل شتاء .2009 افتحوا الملفات كاملة دون مجاملات.. إذا أردتم فعلاً أن يكون العلاج مجدياً.. ليس في الإسكندرية وحدها.. وإنما في المحافظات جميعاً.