أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي ان التحديات التي يواجهها العالم أجمع والدول النامية بشكل خاص تجعل من خيار الشراكة والتعاون الخيار الأجدي أمام حكوماتنا وشعوبنا. قال الرئيس السيسي في كلمته أمام منتدي الهند أفريقيا بمجمع استاد أنديرا غاندي الوطني بنيودلهي إن الشراكة الإفريقية الهندية تتميز بمكانة متميزة باعتبارها أحد أهم نماذج التعاون البناء بين دول الجنوب إذ تستند إلي تاريخ مشترك فيما بيننا يتعلق بالكفاح من أجل التحرر الوطني كما كان هناك أثر ملموس للشراكة بين الزعيمين الراحلين جمال عبدالناصر وجواهر لنهرو في تأسيس حركة عدم الانحياز وفي جهود إعادة صياغة أسس النظام العالمي علي نحو أكثر عدالة يحمي مصالح الدول النامية ويلبي متطلبات شعوبها نحو مستقبل أفضل. وفيما يلي نص كلمة الرئيس أمام قمة منتدي "الهند - إفريقيا": - بسم الله الرحمن الرحيم-.. فخامة رئيس وزراء الهند. فخامة رئيس جمهورية زيمبابوي ورئيس الاتحاد الافريقي. أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات. السيدات والسادة.. يطيب لي في البداية أن أتوجه بالشكر والتقدير لدولة رئيس وزراء الهند ولشعب وحكومة الهند الصديقة علي كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وكذلك علي الجهود المبذولة في الإعداد لهذه القمة المهمة التي تنعقد تحت شعار "شراكة نشطة ورؤية مشتركة" والذي يجسد جوهر شراكتنا وأساس عملنا المستقبلي.. في إطار سعينا لترسيخ أركان التعاون بين قارتنا الافريقية والهند. ان التحديات التي يواجهها العالم أجمع والدول النامية بشكل خاص تجعل من خيار الشراكة والتعاون الخيار الأجدي أمام حكوماتنا وشعوبنا.. وتتميز الشراكة الافريقية الهندية بمكانة متميزة باعتبارها أحد أهم نماذج التعاون البناء بين دول الجنوب. إذ تستند إلي تاريخ مشترك فيما يتعلق بالكفاح من أجل التحرر الوطني. كما كان هناك أثر ملموس للشراكة بين الزعيمين الراحلين جمال عبدالناصر وجواهر لال نهرو في تأسيس حركة عدم الانحياز وفي جهود إعادة صياغة أسس النظام العالمي علي نحو أكثر عدالة.. يحمي مصالح الدول النامية ويلبي تطلعات شعوبها نحو مستقبل أفضل.. ومع تغير طبيعة التحديات التي يواجهها الجانبان.. ومجالات التعاون الجديدة التي تنامت أهميتها خلال السنوات الماضية.. كان هناك إدراك لأهمية البناء علي الروابط المشتركة لإيجاد إطار مؤسسي للدفع قدما بهذه العلاقات في مختلف المجالات حيث تم إطلاق محفل المشاركة بين افريقيا والهند عام ..2008 والذي نجح في تحقيق نقلة نوعية خاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والفني. ونتطلع لأن تدشن قمتنا الثالثة والوثائق الصادرة عنها آفاقا أرحب.. فيما يتصل بجهود مكافحة الفقر وتحسين الرعاية الصحية وتطوير التعليم وغيرها من المجالات وبما يتواءم مع استراتيجيات التنمية التي أقرتها القمم الافريقية وفي مقدمتها "أجندة 2063" وكذلك أجندة التنمية لما بعد 2015 التي شاركنا جميعاً في اعتمادها بنيويورك في الشهر الماضي.. السيدات والسادة اننا نتطلع إلي تعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين الافريقي والهندي في مجال تمكين الدول النامية من نيل مكانتها المستحقة فيما يتعلق بآليات اتخاذ القرارات الدولية ومن بينها مجلس الأمن.. كأساس لا غني عنه لتحقيق ديمقراطية العلاقات الدولية. وأود في هذا الصدد التأكيد علي أهمية الاستجابة لتطلعات وطموحات شعوب افريقيا.. في إزالة الظلم التاريخي الواقع عليها.. والحصول علي التمثيل العادل الذي تستحقه بفئتي العضوية الدائمة وغير الدائمة بمجلس الأمن.. وفقاً للموقف الافريقي الموحد بكافة عناصره بالإضافة إلي أهمية إصلاح النظام الاقتصادي العالمي علي نحو يعزز من تمثيل وأصوات الأسواق الناشئة والبلدان النامية في الهياكل الاقتصادية العالمية. كما أود أن أؤكد بصفتي منسقاً للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة حول تغير المناخ علي أهمية تكثيف التشاور بين الجانبين الافريقي والهندي فيما يتعلق بالمفاوضات الجارية بشأن تغير المناخ وذلك سعياً لضمان أن يتجاوب أي اتفاق يتم التوصل إليه في هذا الشأن بباريس في شهر ديسمبر القادم مع احتياجات الدول الافريقية والدول النامية بوجه عام وأن يتضمن توفير الدعم اللازم من تمويل وتكنولوجيا وضرورة وفاء كل طرف بتعهداته ومسئولياته وفقاً لمبدأ المسئوليات المشتركة وتباين الأعباء. السيدات والسادة لعلكم تشاركونني الرأي في أهمية إيجاد حلول فعالة للنزاعات القائمة في العديد من مناطق قارتنا الافريقية والتي تعتبر من أهم معوقات التنمية وإذ نتأمل التحديات التي تواجه قارتنا اليوم فإننا ندرك الحاجة إلي تكثيف الجهود وحشد الموارد لتفعيل مبدأ "الحلول الافريقية للمشكلات الافريقية" وهو ما نسعي لتحقيقه كذلك في إطار شراكتنا الطموحة مع الهند ونثمن في هذا الشأن مساهمة الهند الفاعلة علي صعيد عمليات حفظ السلام الأممية في القارة ودعم جهود الاتحاد الافريقي لاستكمال تفعيل المكونات المختلفة لبنية السلم والأمن الافريقية.. وأود الإعراب في هذا السياق عن بالغ تقدير بلادي للثقة التي حظيت بها مصر في الانتخابات التي أجرتها الجمعية العامة منذ أيام وأسفرت عن اختيار مصر لتمثيل قارتنا الافريقية في مجلس الأمن لعامي 2016 .2017 وأؤكد علي أن مصر تعتزم من خلال عضويتها في المجلس التركيز علي أولويات قارتنا فيما يتعلق بمسائل السلم والأمن والعمل علي التوصل لحلول فعالة لما تعانيه دولنا من نزاعات ومشكلات. أؤكد كذلك علي أهمية تعزيز التنسيق مع شركائنا في الهند.. فيما يتعلق بالتعامل مع الأنماط غير التقليدية للمخاطر التي تهدد السلم والأمن وفي مقدمتها الإرهاب والقرصنة والجريمة المنظمة العابرة للحدود والتي تمتد تداعياتها لتهدد الأمن والاستقرار في منطقتينا. كما أود التنويه إلي أهمية تبني مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب.. لا تقتصر فقط علي الجانب الأمني.. وإنما تمتد لتشمل تجفيف منابع الإرهاب علي الصعيدين الفكري والاقتصادي ولا يفوتني أن أشير إلي الدور الذي يضطلع به الأزهر الشريف لنشر رسالة الإسلام السمحة ومواجهة الأفكار المتطرفة.. كما يتعين تعزيز برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل للشباب والذين يلجأ العديد منهم إلي تبني العنف بسبب البطالة وانسداد الأفق الاقتصادي. القادة الأشقاء.. السيدات والسادة أود أن أؤكد علي أهمية الدفع قدماً بالتعاون الأفريقي الهندي في مجالات التجارة والاستثمار والبنية التحتية وتعزيز جهود الاندماج الاقليمي وفي هذا الصدد فقد استضافت مصر في يونيو 2015 قمة التكتلات الافريقية الثلاثة التي شهدت التوقيع علي اتفاق إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في افريقيا تضم ستا وعشرين دولة وهو ما يمثل نقلة نوعية علي مستوي التجارة البينية الافريقية ويعزز من جاذبية الأسواق الافريقية للاستثمارات الأجنبية.. وأعرب عن تطلعنا اتصالا بذلك لزيادة الاستثمارات الهندية في الدول الافريقية للاستفادة بما يتيحه هذا الاتفاق من فرص واعدة كما أود أن أنوه في هذا المقام إلي استضافة مصر لمنتدي الاستثمار والتجارة في افريقيا خلال الربع الأول من عام 2016 والذي يستهدف التعريف بفرص الاستثمار والتجارة التي تزخر بها القارة الافريقية بما تمثله من سوق ضخمة وما تمتلكه من إمكانيات واعدة في مختلف القطاعات الاقتصادية ومن بينها الصناعة والزراعة والطاقة وثقتي كاملة في ان مستقبل التجارة والاستثمار في افريقيا سيكون واعدا مزدهرا وسيساهم بفاعلية في بناء مستقبل هذه القارة.. وتحقيق آمال وطموحات شعوبها. من ناحية أخري أؤكد علي أهمية تكثيف الاهتمام بقطاع البنية الأساسية من خلال مشروعات عملاقة ضمن برامج وخطط متفق عليها وقابلة للتنفيذ بهدف تعزيز التكامل الإقليمي. ويطيب لي التنويه في هذا الصدد بقيام مصر منذ شهور قليلة بافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.. هذا المشروع الواعد الذي لا ينظر إلي القناة باعتبارها ممرا ملاحيا عالميا فحسب ولكنه يأتي ضمن مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس الذي سيجعل من مصر مركزا اقليميا ودوليا للتجارة والاستثمار والخدمات وأدعو أشقاءنا الأفارقة وشركاءنا في الهند للمساهمة في تنفيذ المشروعات المقرر إقامتها في إطاره لمردودها وعوائدها الاقتصادية الواعدة. السيد الرئيس ان اجتماعنا اليوم ما هو إلا خطوة علي مسيرة التعاون الافريقي الهندي وفي هذا الإطار فإن مصر باعتبارها بوابة افريقيا نحو الشرق وجسراً للتواصل مع آسيا.. وفي ضوء ارتباط شعبها علي مر العصور بعلاقات تاريخية وثيقة مع الشعب الهندي الصديق وامتداد التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والثقافي بينهما في السنوات الأخيرة إلي آفاق رحبة لتؤكد علي عزمها المساهمة بفاعلية في الدفع قدما بالشراكة "الافريقية الهندية" من خلال المساهمة الفاعلة والبناءة في تنفيذ خطة العمل وإطار التعاون وبما يحقق مصالح شعوبنا ويلبي تطلعاتها في إرساء الأمن والاستقرار.. وتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. شكراً لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.