* يسأل أحمد نجم الدين شعبان مستشار تحكيم دولي: إن لله عباداً ينظر إليهم ويكلمهم يوم القيامة وهناك صنف لا ينظر إليهم ولا يكلمهم.. فمن هم؟ ** يجيب الشيخ طلعت يونس أحمد بمنطقة الإسكندرية الأزهرية: إن عباد الله تعالي في نظره إليهم صنفان: الصنف الأول: من لا ينظر الله تعالي إليهم ولا يكلمهم ولا يثني عليهم. وهؤلاء من قال تعالي في حقهم: "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة" "سورة آل عمران: الآية 77". وإذا كانت هذه الآية تتعارض لفظياً مع بعض الآيات كقوله: "فوربك لنسألنهم أجمعين ہ عما كانوا يعملون" "سورة الحجر: آيتان 92 - 93". وقوله: "فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين" "سورة الأعراف: آية 6". فإن الجمع بين هاتين الآيتين والآية السابقة يمكن حمله علي شدة السخط بعدم تكليمهم وعدم النظر إليهم بإحسان. يقول القفال: المقصود من كل هذه الكلمات بيان شدة سخط الله عليهم. لأن من منع غيره كلامه في الدنيا فإنما ذلك بسخط الله عليه. وإذا سخط إنسان علي آخر قال له لا أكملك. وقد يأمر بحجبه عنه ويقول لا أري وجه فلان. والمراد نفي الاعتداد به وترك الإحسان إليه..والسبب في هذا المجاز. أن من اهتم بالإنسان التفت إليه وأعاد نظره إليه مرة بعد أخري. فلهذا السبب صار نظر الله عبارة عن الاعتداد والإحسان وإن لم يكن ثم نظر. ولا يجوز أن يكون المراد من هذا النظر الرؤية. لأنه تعالي يراهم كما يري غيرهم. ولا يجوز أن يكون المراد من النظر تقليب الحدقة إلي جانب المرئي التماساً لرؤيته. لأن هذا من صفات الأجسام. وتعالي الله عن ذلك علواً كبيراً. الصنف الثاني: هم الذين ينظر الله تعالي إليهم نظرة عناية وإحسان. بحيث يحس الإنسان برحمة ربه وهي تسري بين جنبيه فتتوغل في قلبه وتغمره بسعادة لم يدرك مثلها أبداً. وللصائمين بلا شك نصيب منها. يقول الرسول الأعظم صلي الله عليه وسلم: "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمساً لم يعطهن نبي قبلي. أما واحدة فإنه إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ينظر الله عز وجل إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبداً". ولقد كان السلف الصالح يلتمسون هذه النظرة بالاجتهاد والعمل لما فيها من الرحمة والبركة فكانوا يدعون الله تعالي بأن تصيبهم نظرة لا يشقون بعدها أبداً. وأن يبلغهم رمضان حتي يغنموا ولو بنفحة واحدة من نفحاته. رمضان أقبل مرحباً بقدومه.. طوبي لمن فيه يفوز ويرغب.. رمضان مدرسة الهداية والتقي.. والمكرمات وكل خير يطلب.. فإذا أحسن المسلم أدبه مع الله. فصلي.. وصام.. وقام.. وامتثل.. وعمل.. يرجو نظرة من رضاه. فاز بالقرب الذي لم يفز به غيره. وصدق الله إذ يقول: "إن رحمة الله قريب من المحسنين" "سورة الأعراف: آية 56". ولقد بين الله تعالي هذا القرب في آية وضعت بين آيات الصيام لتبين أن الله تعالي قريب بلطفه وبرحمته من الصائمين. مطلع علي ذكرهم وشكرهم. فهو يسمع نداءهم ويجيب دعاءهم. يقول الله تعالي: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" "البقرة آية: 186". والقرب هنا ليس هو قرب المكان أو الجهة. بل هو القرب الذي يعني أنه تعالي يسمع دعاءهم ويري تضرعهم. فهو عالم بهم حفيظ عليهم.