اتهم الدكتور حامد عمار شيخ التربويين في مصر نظم التعليم الخاص الحالية بأنها تؤدي إلي التفاوت الطبقي وقال إننا بحاجة إلي موقف سياسي ورأي عام ضاغط حتي لا يتوحش التعليم الخاص في مصر لافتا إلي انه لا توجد ديمقراطية في الممارسة داخل المدارس عموما وأن الطالب صوته غائب تماما. * كيف تري تنوع أشكال التعليم في مصر ما بين أجنبي وخاص وتجريبي وعام؟ ** ما نراه حاليا ليس تنوعا بقدر ما هو اختلاف والفارق بين هذا المعني وذاك كبير.. فالتنوع مطلوب وهو يشبه لحنا من الألحان الشهيرة حيث يأتي فنان ويطور فيه.. ولكن يبقي الأساس وهو اللحن الأصلي وهذا مطلوب ولا ضرر منه.. أما ما نعاني منه حاليا فهو الاختلاف بين منظومات التعليم الأربع الموجودة لدينا.. وهذا الاختلاف في كل شيء سواء في نوعية المباني في كل نوع ونوعية الزبائن وأقصد بهم الطلاب وخلفياتهم الاقتصادية والاجتماعية وكذلك في نوعية المعلمين وأجورهم ومؤهلاتهم وأيضا في المناهح هناك اختلاف في امكانيات توفير التكنولوجيا الحديثة المطلوبة لتطوير العملية التعليمية والمصروفات.. باختصار تحولت المدارس والجامعات إلي ما يشبه الفنادق فهناك مدارس نجمة واحدة وأخري 3 نجوم وثالثة 5 و6 نجوم. والمشكلة الأساسية التي تنجم عن هذا الاختلاف هو ترسيخ التفاوت الطبقي فهذه النوعيات المتنافرة من التعليم تخدم وتدعم هذا التفاوت الطبقي لصالح أصحاب الثروة والنفوذ. * وهل تقتصر الآثار السلبية لاختلاف أساليب التعليم علي هذا فقط؟ ** الآثار السلبية كثيرة وتصل إلي ما بعد التخرج وأقصد بها الفرص فيما بعد في سوق العمل.. المتخرجون من المدارس الخاصة والجامعات الأجنبية ذات الخمس نجوم يجدون فرصتهم بصورة أكبر في سوق العمل ولا يتعرضون كثيراً لكارثة ومصيبة البطالة بسبب عوامل عديدة منها أن سوق العمل الحالي في مصر تحتل فيه كثير من المؤسسات والشركات الأجنبية نسبة كبيرة وجزء كبير من تعاملاتهم مع الخارج وبالتالي تحتاج إلي نوعية من الخريجين لا تتوافر في معظم أنواع التعليم الأخري التي للأمانة لا تساعد علي تكوين شخصية الطالب بصورة سليمة من حيث قدرتهم علي الانطلاق والجرأة وتأكيد الذات.. كذلك تكون فرصتهم أكبر في الخارج إذا لم يحصلوا علي فرصتهم في الداخل حيث يستطيعون الهجرة وتتوافر أمامهم العديد من فرص العمل بسبب ما يمتلكونه من مؤهلات. * وكيف نواجه من وجهة نظرك التفاوت والاختلاف في نوعية التعليم؟ ** البحث عن حلول مسألة مهمة حتي لا نتهم بأننا نقوم بتشخيص المشكلة دون أن نقدم الحل الذي لا أعتقد انه يتمثل في إزاحة هذه المؤسسات القائمة باستيكة.. فهي مؤسسات قائمة وكيانات تحقق مصالح لفئات عديدة من المجتمع ولذلك فالحل في وقف نمو هذه المؤسسات سواء في التعليم ما قبل الجامعي والجامعي إلي حد أو سقف معين.. فالمدارس ذات النوعية المتميزة في التعليم ما قبل الجامعي تتراوح من 10 إلي 11% حاليا وينبغي ألا تزيد علي ذلك أو في أحسن الأحوال لا تزيد عن 12% مستقبلا.. وفيما يخص التعليم الجامعي فالجامعات الخاصة تمثل 2% من طاقته ويمكن أن تزيد كثيراً علي ذلك مستقبلا لأنها تنمو بشكل سريع فعدد الطلاب في الجامعات الخاصة عندما بدأت في مصر عام 1997 كان لا يتجاوز 1900 طالب وصل عددهم الآن إلي ما يزيد علي 50 ألف طالب ويجب ألا تزيد الأعداد علي ذلك ولكن هذا مرهون باتخاذ قرارات حاسمة ورأي عام ضاغط وموقف سياسي مساند لهذا التوجه. * ونحن نتحدث بصفة مستمرة عن تطوير التعليم كيف تري المناهج في مراحل التعليم المختلفة؟ ** بالتأكيد المحتوي يحتاج إلي تطوير وتحديث ولي ملاحظة هامة في هذا المجال وهي أن جميع المناهج موحدة في المحافظات المختلفة سواء في الريف والحضر من الوادي الجديد إلي الإسكندرية وهذا غير مطلوب ومن الممكن أن تكون هناك أساسيات موجودة في المناهج ولكن تكون هناك حرية في حذف أو اضافة أجزاء معنية تتماشي مع البيئة الموجودة بها المدرسة أو الجامعة والثقافة السائدة ولكن حتي يتحقق هذا نحتاج إلي معلم وأستاذ قادر ومتمكن من مهنته وقادر علي التطوير ومواكبة المتغيرات وهذا يجرنا إلي أسلوب التقويم الشامل الذي لا يمكن أن ينجح في رأيي إلا بالابتعاد عن أسلوب الحفظ والتلقين السائد في العملية التعليمية لدينا.. نحن لا نعطي فرصة للتحاور والنقاش بين الأستاذ والتلميذ وهذا للأمانة ليس قاصرا علي العلاقة بين الطالب والأستاذ ولكن تمتد إلي جميع المجالات بمعني أننا ندير الأمور بشكل مركزي بحت قائم علي إملاء القرارات والأوامر دون إعطاء فرصة للتحاور والنقاش. * تعيش مصر حاليا أجواء ثورة في كل المجالات فكيف يواكب التعليم هذا التوجه؟ ** الثورة قامت من أجل تحقيق هدف أسمي وهو الانتقال من المجتمع التسلطي الديكتاتوري إلي مجتمع ديمقراطي وحتي نواكب هذا الهدف نحتاج إلي تعليم قادر علي التفاعل مع المجتمع الجديد والتعامل معه وهذا لن يتحقق إلا من خلال عدة خطوات الأولي تأسيس وتطوير النظام التعليمي ليصبح نظاما ديمقراطيا خاصا بمصر بمعني لا ننقل من بلاد العالم نقلا كاملا ولكن الاستفادة من تجاربهم بوعي وفهم. كذلك يجب أن تنعكس حالة الديمقراطية التي نعيشها علي التعليم بمعني أن تكون هناك مشاركة في اتخاذ القرار بحيث يكون في النهاية المنتج التعليمي وهو الطالب مواطن لديه قدرات التحرر ويستطيع أن يبدي رأيه ولا يتقبل كل ما يأتيه من السلطة الأعلي ويذعن لها اذعانا كاملا وله حرية التعبير فنحن نعيش حاليا في ظل نظام تعليمي سلطوي كل شيء مفروض فيه من مناهج وامتحانات دون الاستماع إلي رأي عنصر هام من عناصر العملية التعليمية وهو الطالب.