يعود عبدالحميد السحار إلي الحديث عن البشارات برسالة الرسول العظيم صلي الله عليه وسلم عن الإرهاصات التي ذاعت قبل مولده وبعثه. يجد في هذه العودة ضرورة لأن الكثير من المثقفين المعنيين بدراسة مطلع الرسالة المحمدية يميلون إلي الأخذ برأي المستشرقين القائل إن أغلب البشارات قد وضعها الأخباريون والمؤرخون الإسلاميون بعد انقضاء زمن الرسالة. وانتشار الإسلام تأكيدا لدينهم. ولإيهام المسلمين بأن البشرية كانت تنتظر مبعث رسول كريم. يذهب الكاتب إلي أن البشارات عن محمد بن عبدالله لو أنها اقتصرت علي روايات الاخباريين الإسلاميين. والمؤرخين المتحمسين لدينهم. فإنها تهمل ما ورد في التوراة والانجيل من تأكيد البشارات بالنبي الأمي الذي سيبعث من الأمم. لا من بني إسرائيل. إنها بشارات تؤكد كما أكد القرآن الكريم أن أهل الكتاب كانوا يعرفون محمد صلي الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم ولو أن محمدا قد ادعي هذه الدعوة. ولم يكن لها سند في التوراة أو الانجيل لما اعتنق يهودي أو نصراني الإسلام. لكن الكثيرين من اليهود والنصاري دخلوا دين الله أفواجا. حينما أضاء نور الهداية صدورهم. ولديورانت مؤرخ معاصر. مسيحي الديانة وإن لم يؤمن بالأديان مع ذلك فإنه يتكلم عن نبي الإسلام. عن الفترة ما بين 569 إلي 622 من مولد السيد المسيح يقول: لقد كان محمد من أسرة كريمة ممتازة. لكنه لم يرث منها إلا ثروة متواضعة. فقد ترك له عبدالله أبوه خمسة من الابل وقطيعا من الماعز وبيتا وأمة عنيت بتربيته في طفولته. ولفظ محمد مشتق من الحمد. وهو مبالغة فيه. كأنه حمد مرة بعد مرة. ويمكن ان تنطبق عليه بعض فقرات في التوراة تبشر به. ويسأل السحار: لو كان الاخباريون المسلمون. والمؤرخون المتحمسون لدينهم. هم الذين وضعوا البشارات والإرهاصات في أخبارهم وتاريخهم. فمن الذي جعل زارادشت يوصي قومه بان يستمسكوا بما جاءهم إلي أن يأتيهم الجمل الأحمر من بلاد العرب؟ ويعرض الكاتب للكثير من دلائل النبوة في كتب القدامي. بتعدد الديانات التي ينتسبون إليها ويتوقف أمام خاتم النبوة الذي كان بين كتفي محمد صلي الله عليه وسلم دلالة علي نبوءته الشريفة. هل كان من وضع كتاب السيرة؟ يرد السحار بأن المتشككين في كل شيء ذهبوا إلي أن كتاب السيرة المسلمين اخترعوا قصص الارهاصات بنبوة نبيهم. وقصص الاحبار والرهبان والكهان الذين بشروا بمحمد صلي الله عليه وسلم وكذلك خاتم النبوة. وتقبيل الراهب بحيرا له. وطلب الراهب نسطورا من محمد إيان كان منطلقا إلي الشام في تجارة السيدة خديجة. ان يكشف عن ظهره ليري العلامة هل كل ذلك موضوع لتأكيد رسالة محمد صلي الله عليه وسلم؟ ويشير الكاتب إلي قول الذين لا يؤمنون بالعلامات والدلائل المادية الملموسة إن وجود ذلك الخاتم لا يقدم ولا يؤخر في أمر محمد بن عبدالله وصدق رسالته. فما كانت بعثة محمد في حاجة إلي دليل مادي ملموس لتأكيدها. ويكفي ما في حياة الرسول قبل أن يبعثه الله. وبعد الرسالة ما يؤكد صدق رسالته. إن الإسلام في كل ما شرع من عبادات يشرك الجسد مع الروح. فهو يحترم الجسد احترامه للروح. ففي الصلاة يشارك الجسد الروح بالقيام والسجود في العبادة. وكذلك الحال في الصوم. وفي الحج. فلا غرابة والقول للكاتب أن يكون في الرسول علامات جسدية مع الدلالات الروحية التي ينفرد بها. وثمة قول لكتاب السيرة إن من العلامات الجسدية خاتم النبوة. والحمرة الدائمة في عينيه. فهل كان ذلك محض اختراع؟ ويردف الكاتب القول: لو سلمنا بأن كتاب السيرة المسلمين لنبيهم هم الذين اخترعوا حكاية خاتم النبوة. فمن الذي دسها في التوراة؟ إن أشعيا يقول في إحدي بشاراته بالنبي الأمي الذي سيبعث من الأمم لا من بني إسرائيل وأثر سلطانه علي كتفيه إشارة لا شك إلي خاتم النبوة. فهو حقيقة. وليس خيالا من اختراع المؤمنين بخاتم الرسالات. للكلام بقية