عندما يكون "المقسوم" من الله سبحانه وتعالي فالرضا به عبادة فعلاً.. كما أن "الرضا" نفسه هو أعظم ما ينعم به الله علي عبده.. ورغم انني لست شيخاً ولا حاجة فإنني اعتقد. جازماً. ان من يرضي بالمقسوم هو أحب العباد إلي الله عز وجل. الامر يختلف عندما يكون "المقسوم" من الحكومة.. خاصة إذا كان لا يفي بالحاجة.. الرضا به. هنا ليس عبادة بل استسلام في موقف لا ينفع فيه سوي الهجوم أو علي الاقل المقاومة. لا أحد يشكك في وطنية ونزاهة د. عماد الدين أبو غازي وزير الثقافة. ولا في صدق نواياه للنهوض بالثقافة المصرية. ولا في رغبته واصراره علي الغاء الانشطة الاحتفالية والكرنفالية التي تهدر الاموال ولا تحقق أي عائد ثقافي للمواطن. لكن تكرار نغمة التوفير والترشيد والتخفيف عن ميزانية الدولة التي يرددها د. أبوغازي يمكن ان تفهم خطأ من الحكومة التي لا تهتم بالثقافة أساساً. فتعمل علي تخفيض ميزانيتها الامر الذي سيؤدي إلي اصابتها بالشلل التام. في وقت نحتاج فيه أن تكون الثقافة حاضرة بقوة أكثر من أي وقت مضي. جميل أن يعلن د. أبو غازي عن عدم الاقدام علي انشاء مواقع ثقافية فخمة تتكلف الملايين. والاكتفاء بانشاء مواقع بسيطة تؤدي الغرض. لا بأس طبعاً في ذلك لكن ثمة انشطة تحتاج ميزانيات معقولة. بدونها ستكون مثل عدمها. النشر. والمسرح. ونوادي الادب. والثقافة العامة. والفنون الشعبية. وغيرها من الانشطة التي تتوجه إلي المواطن البسيط في القري والنجوع . لا بأس في أن تسعي الثقافة إلي تحقيق دخل يتيح لها تسيير بعض أمورها. وإن كان الأمر يحتاج إلي اجراءات قانونية تمكنها من ذلك. وفي كل الاحوال اجراءات قانونية تمكنها من ذلك. وفي كل الاحوال يجب عدم الاقتراب من الانشطة الخدمية الموجهة إلي المواطنين الذين في حاجة إلي التثقيف الآن أكثر من أي وقت مضي. المفروض ان ترفع وزارة الثقافة شعار "لا لتخفيض ميزانيات الثقافة" وفي مرحلة لاحقة وبعد أن يتعافي الاقتصاد لابد من المطالبة. وباصرار شديد. بزيادة ميزانيات الثقافة الهزيلة أصلاً.. أما الاستسلام والرضا والمبادرة بالتخفيض فهي أمور ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.. دعم الثقافة لايقل أهمية عن دعم رغيف العيش.