حسم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الجدل العبثي الذي أدخلنا فيه وزير التعليم بتصريحاته المتكررة عن عدم وجود أي زيادات غير طبيعية في مصاريف المدارس هذا العام رغم الشكاوي العديدة التي صرخ بها أولياء الأمور في وسائل الإعلام. لم تكتف بيانات الجهاز بالكشف عن الزيادات الرهيبة التي طرأت علي مصاريف المدارس ومصاريف التعليم بصفة عامة.. وإنما كشفت أيضاً أن هذه الزيادات تسببت في رفع معدلات الأسعار ورفع معدلات التضخم. طبقاً لبيانات جهاز الإحصاء المنشورة في جريدة "الشروق" في 11/11/2014 فإن "معدل التضخم السنوي في شهر اكتوبر بلغ 11.5% وهو أعلي مستوي منذ يناير الماضي مدفوعاً بالزيادة الكبيرة في مصاريف التعليم خلال هذا الشهر مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي". وكشفت البيانات الرسمية أن "مصاريف التعليم ارتفعت بنسبة 24.1% خلال العام الحالي 2014 مقارنة بارتفاع 2.5% فقط في ..2013 أي أن الزيادة خلال هذا العام بلغت قرابة عشرة أضعاف الزيادة في العام الماضي.. ومثلت مصاريف التعليم أكثر من نصف الزيادة في أسعار كل السلع خلال شهر اكتوبر. وتركز ارتفاع مصاريف التعليم في المراحل الأولي.. فقد ارتفعت مصاريف التعليم قبل الابتدائي والتعليم الأساسي بنسبة 27.6% وارتفعت مصاريف التعليم الثانوي بنسبة 24.2% بينما كان الارتفاع الأقل في التعليم العالي بنسبة 16.3%. ورغم أن المدارس ملزمة بالحصول علي موافقة وزارة التربية والتعليم قبل زيادة المصروفات إلا أن ضعف النشاط الرقابي للوزارة بالإضافة إلي العدد الكبير من المدارس قد سمح للمسئولين عن هذه المدارس بالعبث وإهمال القانون. استغلت المدارس عدم وجود رقابة قوية للدولة.. واستطاعت الالتفاف علي القرار الوزاري الذي حدد نسبة زيادة المصروفات في المدارس الخاصة بين 3% و17% وذلك بعدم تسجيل الزيادة التي أدخلوها عنوة في المصروفات أو تسجيلها في بنود أخري مثل أنشطة أو تبرعات "جبرية" أو دعم المباني والإنشاءات. وعلي هذا النحو كان طبيعياً أن تصبح الزيادة في مصاريف الدراسة المحرك الأساسي لارتفاع الأسعار في شهر أكتوبر إلي جانب ارتفاع شرائح استهلاك الكهرباء وشرائح استهلاك المياه للمنازل وأخيراً الزيادة الجنونية في أسعار شقق متوسطي الدخل التي أعلنتها وزارة الاسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة. والآن.. هل اقتنع السيد الوزير بأن صرخات الناس من زيادة مصاريف المدارس كانت علي حق بعد البيانات الرسمية للجهاز المركزي للإحصاء؟!.. هل سيعمل علي تفعيل أجهزة الرقابة أم أنه مشغول بأمور أخري أهم لضمان استمراره في الموقع الوزاري؟! هل يمكن أن يتخذ السيد الوزير قراراً رادعاً بضبط ايقاع العمل في المدارس وإعادة المصروفات الزائدة إلي أصحابها حتي لا تصبح حقاً مكتسباً للمدارس تحتسب عليه الزيادة في العام القادم وبنفس النسبة؟!