دعونا نتفق أولاً أن الدراما التليفزيونية تشكل صناعة ثقيلة مثلها مثل صناعة الأسلحة. ومثل صناعة الحروب التي تشتعل لكي تستهلك إنتاج مصانع السلاح!! ليس في هذا الكلام أدني خيال أو مبالغة. الصهيونية العالمية استخدمت اختراع الصور المتحركة كاختراع علمي وليد ولم يكن قد تحول بعد إلي فن شديد التأثير له جمهور واسع.. والصهيونية المتأسلمة استخدمته وتستخدمه في المرحلة الآنية. والدراما التليفزيونية مثل الأسلحة قد تكون فاسدة ترتد إلي صدور مستقبليها أو صالحة تقوي العزيمة وتثري الوجدان وتوقظ المدارك وتدعم الوعي. راجعوا تاريخ هوليود التي حولها اليهود الصهاينة إلي إمبراطورية خاصة لغزو العقول وتصدير أنماط التفكير ونماذج البشر والعلاقات وحتي تصميمات الملابس والمكياج وأشكال الغرام ومعايير الجمال. راجعوا البوم "القواد العسكريين" والمواقف الوطنية ومعني المعارك الفكرية حين تعالج من خلال صناعة الترفيه وأنماط السخرية والتسفيه للحضارات القديمة وللبشر بألوانهم "الصُفر" و"الحُمر" والعرب والشيوخ المشوهين الارهابيين فارغي الأدمغة! ولماذا العودة إلي الماضي وأمامنا حاضر قريب يتجسد في حرب العراق. تابعوا كيف لعبت الصور فعلها في حرث العقول وماذا فعلت مؤسسات "قصف العقول" في توجيه السياسات الأمريكية التي تم ترجمة جانب منها من خلال المسلسلات والأفلام وكانت الدراما الفيلمية والتليفزيونية من الأسلحة الموجهة في معارك الأفكار التي خاضتها هوليود وباستخدام سلاح الترفيه المرئي.. لا أريد أن أسترسل لأن الحديث مستفز وموجع.. ولأننا كبلد عاني من تسلط طويل ومركب وتحت مسميات عديدة آخرها ما يسمي الإسلام السياسي وجماعات الارهاب باستخدام سلاح الدين.. سوف نعاني من "أعمال" تبثها قنوات لا تقل خطورة عن الأسلحة في أيدي أعضاء هذه الجماعات. المسلسلات التي انهمرت فوق رؤوسنا أسهمت بوعي في تغييب وعي نسبة كبيرة تعاني من الأمية وتتعطش بيأس إلي أي قدر من البهجة والمرح حتي وإن كانت مؤقتة.. ولا يهم إن كانت مصادر تمويلها ملوثة. ومغرضة أو موجهة لطمس حقائق وابراز أكاذيب باعتبارها حقائق وتكريس صور "الحرام" في أشكال نساء تصدر صورهن إلي الداخل والخارج باعتبارهن "المصريات" وفي وقت ظهرت فيه المرأة المصرية مثل القمر في ليالي اكتماله نساء من كل المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.. ظهرت تضئ بحدسها وانتمائها التلقائي وغريزتها الفطرية التي تستشعر الخطر وتخشي الموت الغادر يطول أبناءها وأسرتها خصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة. الدراما التليفزيونية افتقدت عن عمد جوهر الحقيقة في تركيبة المرأة المصرية والشعب المصري الصلب تلك التي أبرزها كتاب لديهم مسئولية وطنية ومجتمعية مثل اسامة أنور عكاشة وكثيرين غيره.. شوهت الماضي والحاضر. الدراما التليفزيونية التي انهمرت كالمطر الأسود فقدت الدافع الوطني والرسالة الأخلاقية والتناول اليقظ للحالات الاجتماعية التي عشناها.. كثير من الأعمال ظهرت مثل المرأة المشروخة قسمت الوجه الإنساني وحرفت حقباً من التاريخ وطمست ملامح الوطن وطالت من رموزه وحماة حدوده. الدراما التي أرادت أن تسلينا قتلت عن عمد أجمل ما فينا : قدرتنا علي المواجهة والتصدي.. والقدرة الكامنة التي تتفجر في لحظات التهديد وأمام الزلازل بأنواعها. اختزلت الوطن والناس ومصر في صور مشوهة وانفقت ملياراً وأكثر.. لتصب في أدمغة المصريين هذه الصور القبيحة!!