المثل الانجليزي يقول "Nevertoolate" والترجمة المجازية "أبدا لم يتأخر الوقت".. والمعني أن الإنسان بقدوره أن ينجز ويعطي. ويعمل مادام في قلبه نبض ولديه ارادة الفعل بغض النظر عن المرحلة العمرية. ومهما بدت ملامح الخريف أو غربت شمس العمر أو ... الخ هذا المثل أدين له بالكثير. فكثيراً ما تتسلل إلي روحي مشاعر الشيخوخة. وأهبط في هوة الاحباط لأن ما تصورت عمله لم يسعفني الوقت إلي انجازه.. ولكنني من حسن الحظ امتلك ثروة من الأمل ممثلة في صديقات لي لم يتوقفن عن الابداع ولم يسدلن ستار "المعاش" ليقبعن وراءه يحتسين القهوة ويقرأن الفنجان. من هؤلاء الصديقة الدكتورة عفاف طبالة التي حصلت مؤخرا علي جائزة الشيخ زايد عن أدب الطفل. وعفاف شعلة من النشاط الذهني. لديها دائما أفكار خلاقة ومثل كثير من المبدعين تتخوف من نفاد قدرتها علي الوصول إلي درجة الكمال.. فهي من القليلات اللاتي أعرفهن يؤمن بالكمال وتصر عليه.. وعندما توليت رئاسة تحرير مجلة "شاشتي" كنت حريصة جدا ان أشجعها علي الكتابة رغم انها لم تتمرس علي الكتابة الصحفية. ورغم ذلك كان عمودها الأسبوعي "كلام نظري" من أجمل ما ينشر في المجلة.. وعفاف أصلا مخرجة تسجيلية وقدمت للتليفزيون المصري تحقيقات مدهشة وقد عملت رئيسا لقناة النيل للدراما في الفترة "1996 2001". المدهش أكثر ان عفاف بدأت الكتابة للأطفال وهي جدة ولها أحفاد كبار وبعد أن بلغت سن المعاش. وكتابتها تكشف من أول "حكاية" عن خصوبة وعذوبة انسانة مبدعة قادرة علي الابحار في الخيال بعيون طفل وعقل فيلسوف وقلم أديب وعين سينمائي وتصميم كاتب درامي. بالاضافة إلي حس تربوي واع. وروايتها "البيت والنخلة" التي نالت عنها الجائزة تعتبر نموذجا بديعا في الكتابة للأطفال فهي مشبعة بالخيال والشخصيات الساحرة وبالقيم الإنسانية والأحداث والمغامرات الجذابة. وقد جاء في حيثيات الجائزة أن الكتاب قدم خطابا أدبيا متطورا يخرج عن السائد في كتابة "أدب الطفل". ولم تكن هذه هي الجائزة الأولي وانما حازت علي تقدير دولي في معرض بولونيا لأدب الأطفال. لم يكن الوقت متأخرا أبدا أمام عفاف طبالة رغم قلقها الدائم وتخوفها. وذلك لأنها حين بدأت الكتابة لم يكن ما فات من العمر قد مر هباء.. فقد علمت عفاف أجيالا من المخرجين الشباب حين كانت رئيسة لقناة النيل للدراما.. والذي أحب أن تعرفه ان هذه السيدة اكملت تعليمها وحصلت علي الدكتوراه بعد ان تزوجت وصارت أما وابناؤها نماذج طيبة مهندس وسفيرة رائعة في الخارجية والاثنان نموذجان تفخر بهما أي أم.