تحدثت بالأمس في هذا المكان عن افتتاح مؤتمر أدباء 6 أكتوبر الذي انعقد تحت عنوان "المفهوم الثقافي للثورة.. وتجليات ثورة 25 يناير".. ومن الواجب أن اتحدث اليوم عن الدراسات والأبحاث الجديدة التي نوقشت في جلسات المؤتمر من قبل نخبة متميزة من المثقفين والأدباء والأكاديميين جمعتهم معا بدأبها المعهود السيدة اجلال عامر مدير عام فرع ثقافة 6 أكتوبر. في البداية قال الدكتور أحمد زايد رئيس المؤتمر: إذا كانت الثورة في تجلياتها الظاهرة فعلاً سياسياً يستهدف تقويض أسس الظلم والاستبداد فهي في مضمونها الكامن فعل ثقافي يعكس ثقافة شعب باحث عن العدل.. يتوق إلي مجتمع توزع فيه القيم المادية والمعنوية بنفس الطريقة التي توزع بها المياه.. كما أن الثورة تمثل رغبة في كنس ماران علي ثقافة المجتمع من تخلف وعجز تطلعاً إلي روح ثقافية جديدة تزينها ابداعات جديدة وقدرة متدفقة علي الاختلاف والمغايرة.. قدرة متدفقة علي روح حداثية جديدة متوثبة إلي غد أفضل. وقدم الدكتور عوض الغباري أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب جامعة القاهرة بحثاً قيما بعنوان "المقدمات الابداعية لثورة 25 يناير في الشعر" أكد فيه أن استلهام المقدمات الابداعية لثورة 25 يناير في الشعر دال علي أثر الكلمة وفعلها في النفوس لأن الشعر تنوير للعقول والقلوب.. والأدباء بحساسيتهم المرهفة واستشرافهم للمستقبل هم البوصلة التي تبشر بالأمل وتواجه الألم وتنذر بالعواقب الوخيمة للظلم والعدوان. وعرض د. الغباري في هذا الصدد لنماذج من أشعار صلاح عبدالصبور وحافظ ابراهيم وبيرم التونسي وفؤاد حداد وصلاح جاهين وفاروق جويدة.. وكلها نماذج تغني للحياة وترفض الظلم.. تبشر بالأمل والحب والحرية وتمقت السجن والسجان واليأس والظلمة. وقدم د. خطري عرابي الأستاذ المساعد بكلية الآداب جامعة القاهرة دراسة غاية في الجدة والطزاجة والمتعة بعنوان "تجليات ثورة 25 يناير في الابداع الشعبي" حشد الكثير والكثير من الابداع الشعبي الذي تألق في ميدان التحرير في صورة شعارات وهتافات وأغنيات ونكات سياسية تتعلق بالموقف وتفاعلاته فيما يتعلق بتحميس الشباب والمطالبة بالحقوق والدعوة لتلاحم الشعب. يقول د. خطري: الجديد في هذه الثورة أنها ثورة شعبية دون قائد محدد ودون طائفة محددة... انها ثورة شعب بكل طوائفه وكأن هدفها واحد وهو اسقاط النظام. الدكتور سامية قدري أستاذ الاجتماع المساعد بكلية البنات جامعة عين شمس عرضت دراسة بعنوان "ثورة 25 يناير بين السياسي والثقافي" تناولت ثورة 25 يناير باعتبارها مرحلة من مراحل التطور التاريخي الذي يعني عدم ملاءمة النظام القديم وضرورة استبداله بنظام آخر أكثر فاعلية وتعبيراً عن جماهير الشعب.. وباعتبارها أيضا حدثا ثقافيا اعتمد علي آليات ثقافية أفرزتها ثقافة سياسية غير تقليدية أطلق عليها "ثورة الشباب".. وقد تضمنت الدراسة عدة عناصر أهمها: "ثورة 25 يناير وعودة الوعي للحياة السياسية المصرية" و"ثورة ما بعد حداثية" و"ميدان التحرير كرمزية اجتماعية". ومن بين العوامل التي ساعدت علي نمو الحركات الاجتماعية توقفت د. سامية قدري أمام موجة التحول الديمقراطي وثورة الاتصالات والمعلومات والتحول نحو اقتصاديات السوق وتراجع دور الدولة نتيجة الخصخصة. أما الدكتور سيد قطب فقدم دراسة نقدية ممتعة حول نماذج من الروايات التي مهدت للثورة وبشرت بالحرية والعدالة ومن هذه الروايات "غرفة المصادفة الأرضية" لمجيد طوبيا. و"غرفة العناية المركزة" لعز الدين شكري. و"أيام النوافذ الزرقاء" لعادل عصمت. و"أن تكون عباس العبد" لأحمد العايدي. و"تغريدة البجعة" لمكاوي سعيد. علي الجانب الآخر ركزت الورقة البحثية التي أعدها د. خالد فهمي بعنوان "عندما يغرد الميدان.. قراءة في أدب الثورة وتجلياته في ميدان التحرير" علي الابداع الشعري الذي قدم للثوار من منصة الميدان والقصائد التي انتجت أثناء الثورة وفي أعقابها.. وأهمها قصيدة الابنودي "الثورة فيضان قديم" وقصيدة فاروق جويدة "ارحل وعارك في يديك". وقصيدة الشاعر الشاب خالد الطبلاوي "تبت يدان". وقصيدة هشام الجخ بعنوان "مشهد رأسي من ميدان التحرير".. وهذه القصائد في مجملها تحمل نمط الشعرية التحريضية والتثويرية.. لكن هذا لم يمنع ظهور نمط آخر أخلص لمفهوم الشعر الذي يفرض قدراً من التأمل كان أبرز مثال له قصيدة تميم البرغوتي عن ثورة 25 يناير. وقدمت فاطمة ابراهيم محمد رصداً للحالة الابداعية التشكيلية في ميدان التحرير المتمثلة في فن الكاريكاتير ورسوم الأطفال ومعرض متحف الثورة بالميدان وعلم مصر الذي تحول إلي لوحة تشكيلية علي الوجوه والجدران وحتي باقات الورود التي أهداها الثوار لجنود القوات المسلحة. وإلي جانب هذه الأبحاث والدراسات كانت هناك في المؤتمر قراءات نقدية لنصوص أدباء ثقافة 6 أكتوبر وشارك في اعداد هذه القراءات كل من: محمد اسماعيل ومحمد كمال رمضان وخالد جودة أحمد.. ثم كانت هناك شهادات لابراهيم الدسوقي وحاتم أبو بكر. بقيت اشارة أخيرة إلي أن هذا الجهد الكبير كان وراءه فريق من الجنود المتطوعين يتقدمهم الشاعر فضل أبو حريرة والشاعر عادل عثمان الحجار والقاص محمد عاشور هاشم.. ولكل هؤلاء نقول: أحسنتم ونجحتم.