لم أكن أتخيل أننا سوف نصل في أي يوم من الأيام إلي مثل هذه الفوضي وذلك الانفلات الذي أصاب كل أو صال المجتمع المصري وزلزل كيان كل إنسان غيور علي وطنه وقيمة وعلاقاته . لم أتصور أننا فقدنا مبادئنا حتي في تربية أبنائنا مما أدي إلي انهيار العلاقات فيما بيننا. الصغير يتطاول علي الكبير بتبجح وبلا حياء كما أن الكبير فرَّط في حقوقه وواجباته . ولذلك فلت العيار. ولست أدري متي نفيق من هذه الكبوة التي نعيشها منذ ثلاث سنوات عجاف؟! في نفس الوقت لم يكن يدور حتي بالخيال أن تمتد هذه الحالة الفوضويه إلي ساحات الامتحانات المقدسة والتي كنا نعتبرها من المواقع الحصينة لن تمتد إليها يد العبث بأي حال من الأحوال لكن للأسف وصلنا إلي حالة اصابتنا بالفزع والهلع. فلم يكن أحد منا يتصور أن استخدام التكنولوجيا والتقدم العلمي سوف يطول هذه الساحة المقدسة التي تتعلق بإعداد أجيال المستقبل في مختلف المجالات العلمية وسباق التقدم. لكن وبأسف شديد لقد شاهدنا وتابعنا بقلوب يعتصرها الألم أخباراً متلاحقة عن تسرب امتحانات اللغة العربية والإنجليزية بالثانوية العامة. وفي مادتي التفاضل والتكامل والميكانيكا للثانوية الأزهرية وما خفي كثير يعجز العقل عن تصوره وكيف يحدث تصوروا أن أستاذة بكلية الحقوق تضبط حالة غش تقوم بها أم لابنتها . وما لنا نذهب بعيداً وفي كفر الشيخ أولياء أمور لم يتورعوا وأقدموا علي القيام بهذه المهمة وناهيك عن عمليات الغش الجماعي والاخبار تتناقلها وسائل الإعلام عن طلاب يحاولون الاجابة علي أسئلة الإنجليزي التسيب ولعنة التكنولوجيا تطارد طلاب الثانوية العامة والأزهرية ولا حول ولا قوة إلا بالله. هذه الصورة القاتمة تتطلب منا جميعاً وقفة جادة لوقف هذا الانفلات الاخلاقي والاجتماعي . كلنا مطالبون بصحوة ويقظة بكل شدة ومواجهة هذه الظواهر ودراسة أسبابها بكل عناية واهتمام وأن يقوم علماؤنا بمراكز الأبحاث والمهتمون بشئون التقدم العلمي ووضع كل المشاكل المحيطة بهذه الظواهر التي تتعرض لها العملية التعليمية صلب حياة الأمة . مع عدم وضع الرءوس في الرمال أو الاستهتار أو اللامبالاة فالأمر جد خطير. إذ أن التعليم هو أساس التقدم والحضارة والدول المتقدمة تضع في مقدمة أولوياتها التعليم واقامة الصروح التي تنقل الدولة من حالات التخلف والجهل والأمية إلي آفاق التقدم العلمي. ولا يغيب عن الخاطر أن غزو الفضاء والتكنولوجيا التي أصابتنا لعنتها قد استغلتها الدول المتقدمة في القفز إلي افاق تساهم في تقدمها ورقيها . ولم تستغلها في مثل هذه الفوضي التي أصابتنا. التساؤل الذي يتردد في الصدر ويثير الاستياء كيف تدهورت أحوالنا لهذه الدرجة؟ وهل هذا حال المصريين الذين كانوا مضرب الأمثال في التفوق وتصدير العلم إلي العرب والأفارقة؟ وهل الخمول أصاب أولياء الأمور ولم يدر بعقولهم أن معظم الدول تخلصت من الأمية بينما لا تزال تعاني هذه الأمة التي تصل نسبتها نحو 40%؟! و إلي متي نظل نتباكي علي ضعف مستوي الخريجين؟ هذه الحقائق رغم مرارتها تستدعي وقفة شجاعة من أبناء مصر واتخاذ أحدث الاساليب لعلاجها والتصدي لأي محاولات لنشر الفوضي. والوقوف صفا واحداً وتطبيق ضوابط صارمة واتخاذ الاجراءات القانونية لوقف الانفلات الذي لم يصب ساحة الامتحانات وحدها وإنما امتد للشارع حيث الأمن مفقود وكل يفعل ما يريد . ويكفي أن نلقي نظرة علي ظاهرة التحرش بالفتيات وغيرها من الجرائم التي تصيبنا بالقلق علي أنفسنا وأبنائنا. لابد من تحرك مشترك من الدولة بكل أجهزتها ومؤسسات المجتمع المدني وكل فرد من أبناء الشعب وليتنا ندرك أن اللعنة لن ينجو منها أحد المخاطر تهددنا جميعا. ابناؤنا في التعليم يجب أن يكونوا في بؤرة الاهتمام. إذا لم نتدارك الأمر ونقف مع الدولة في تطبيق القانون علي الجميع دون تكاسل أو تقاعس. إن اللعنة التكنولوجية التي تلاحق طلاب الثانوية العامة والأزهرية هي ناقوس الخطر الذي ليته يوقظنا من هذا السبات وإلا فلا نلومن إلا أنفسنا . اللهم هل بلغت اللهم فأشهد. والله المستعان!!