لم يحصد أقباط ماسبيرو في نهاية المطاف سوي مكاسب صغيرة وقتية من وراء اعتصامهم الطويل الذي نظموه أمام مبني الإذاعة والتليفزيون. وهي مكاسب كانوا سيحصلون عليها وأكثر ان صبروا قليلاً. كيف..؟ لقد نجحوا في الافراج عن بعض ممن تم القبض عليهم وفتح باب الكنائس المغلقة. لكنهم شجعوا التجرؤ علي سيادة القانون والأمن والنظام العام. وشلوا حركة الحياة العامة لما يقرب من أسبوعين وشاركوا في ارتكاب أعمال عنف وشغب في الشارع.. لاحظ هنا أنني لا أتحدث عن المطالب الدينية لهم مثل: فتح الكنائس ولا المطالبة بإصدار قانون دور العبادة الموحد. ولا المطالب الخيالية الأخري الهادفة إلي استئصال شأفة مظاهر كل ما هو إسلامي من مصر: السلفيون والاخوان تحديداً. وربما فيما بعد منع إقامة الأذان علنا في المساجد. الأنكي بالطبع. تسيير مظاهرات صغيرة إلي مبني السفارة الأمريكية في القاهرة. فازت مجموعة أقباط ماسبيرو ومن كان وراءها بتمويل إذاعتها الداخلية والأوبن بوفيه الذي كان منصوباً في أحد الأركان. والاعتداءات الغاشمة علي بعض الصحفيين من وسائل الإعلام الذين حاولوا تغطية الحدث وترديد الشعارات الاستفزازية. بل والاعتداء علي بعض المسلمين الذين وقفوا تضامناً معهم. وقطع الطريق وتفتيش المارة. كأي قوة احتلال!.. لكن لم يحرزوا أي بطولة حتي مع تنظيف المكان في المرة الأولي للإعلان عن إنهاء الاعتصام مساء الأربعاء الماضي. الخسارة الأفدح فيما جري كانت من نصيب مصر والمصريين جميعاً. والأقباط مصريون بالطبع وستطولهم تداعيات وقفة ماسبيرو التي لم تكن علي المستوي أو الشكل المأمول. الشاهد ان جولة ماسبيرو لن تكون الأخيرة. ستتبعها جولات أخري علي وجه التحليل المنطقي للأحداث. ماذا يعني ذلك؟ تنتظرنا جولات أخري قادمة بكل تأكيد. ربما أشد فوضوية. وربما أقل. لسبب بسيط هو أن هناك أطيافاً عريضة.. في المجتمع أحست بالإهانة جراء الطريقة والنتيجة التي أفضي إليها اعتصام ماسبيرو. واعتبرت ان طريقة الاستجابة لها جرت علي حساب القانون والنظام وكانت بمثابة ابتزاز. تلك الأطياف. لا أحد يمكنه الجزم أين ومتي سيكون ردها. دعونا نكون أكثر صراحة ووضوحاً: القوي الموجودة علي الساحة الآن وهي تنظيم في تيارات ذات صبغة دينية تراقب وتتربص ببعضها البعض. دعك من أن التيار الإسلامي بتنويعاته يسعي فاشلاً.. لتهدئة مخاوف الأقباط من الظنون والوساوس التي تعصف بهم. فالهواجس والشكوك. ولا شيء غيرها هي التي تتسيد الساحة الآن. وإذا لم تكن هناك ثقة بالنفس وفي المستقبل لن نخرج من الدائرة الجهنمية التي يسعي إليها الجميع بلا تعقل أو تفكير.