كشف الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي قبل أيام عن اعتزام الحكومة الانتقالية رفع أسعار الكهرباء علي شريحة 20% من السكان. قال المهندس إبراهيم محلب رئيس الحكومة أن القرار المرتقب لرفع أسعار الكهرباء سوف يستبعد الشرائح محدودة ومتوسطة الدخل وهو ما أثار المخاوف حول استهداف الحكومة شرائح واسعة من القطاع المنزلي. هذا في الوقت الذي نفي فيه وزير التجارة والصناعة والاستثمار أن الحكومة بصدد رفع أسعار الكهرباء للصناعة مع مستهل السنة المالية الجديدة التي تبدأ في يوليو القادم. من جانبهم دعا خبراء الطاقة وحماية المستهلك إلي تحذير الحكومة من المساس بأسعار استهلاك القطاع المنزلي والبدء بمراجعة أسعار الكهرباء الموجه للقطاع الصناعي خاصة الصناعات كثيفة الطاقة مثل الأسمنت والحديد والأسمدة والنحاس والألومنيوم. رضا عيسي الخبير الاقتصادي والناشط في مجال حماية المستهلك طالب الحكومة بالبحث عن موقف الشركات كثيفة استهلاك الطاقة أولاً وعن كبار المستهلكين الذين يحصلون علي الطاقة بأسعار مدعمة حتي الآن مشيراً إلي أن إحدي شركات الأسمنت بمحافظة قنا قامت بالتحول من استهلاك المازوت عندما رفعت الحكومة أسعاره في عام 2011. لتعتمد علي الكهرباء وذكرت الشركة في تقريرها المالي عام 2013 والمقدم لبورصة الأوراق المالية أنها استهلكت نحو 191 مليون كيلو وات ساعة خلال العام المالي بمتوسط أسعار 32.6 قرش للكيلو وات وهذا السعر أقل بكثير من تعريفة الاستهلاك المنزلي لإحدي الشرائح متوسطة الاستهلاك وهي فوق ال 650 كيلو وات والتي تبلغ 45 قرشاً. بحسب رضا عيسي فإن أسعار الصناعة مازالت تبلغ 27 قرشاً ترتفع بنسبة 50% في أوقات الذروة التي تحددها وزارة الكهرباء وتبلغ 4 ساعات. في الوقت الذي تبيع فيه هذه الشركات خاصة الأسمنت والحديد والأسمدة منتجاتها بالأسعار العالمية للمستهلكين في السوق المحلي والذين لا يستفيدون من الدعم المقدم لهذه الشركات. "أسعار الكهرباء للقطاع المنزلي ارتفعت بنحو 15% عام 2012 وكان يجب أن تبحث الحكومة عن مصادر للموارد بعيداً عن زيادة الأعباء علي المواطنين" مما يؤكد أن زيادات أسعار السلع قد التهمت جانباً كبيراً من زيادة الحد الأدني للدخل متوقعاً أن تلتهم زيادة الكهرباء ما تبقي منها. وطالب الحكومة بإعلان خريطة استهلاك الكهرباء وأسعار كافة المتعاملين مع شركات الكهرباء بشفافية كاملة لنعرف من يستهلك أكثر ومن يحصل علي الدعم. ووفقاً لعيسي فإن كبار العملاء المستخدمين لما يعرف بالجهد الفائق تتراوح بين 27.7 قرش للكيلو وات للصناعات كثيفة الطاقة و25.2 للزجاج والسيراميك أما باقي الصناعات فيبلغ السعر 15.4 قرش وتحصل الشركة العربية بأنابيب البترول "سوميت" علي الكهرباء بسعر 27.3 قرش أما باقي المشتركين علي الجهد الفائق فيصل السعر إلي 12.9 قرش. علي الجانب الآخر تتراوح تعريفة استهلاك القطاع المنزلي بين خمسة قروش للشريحة الأولي و57 قرشاً للشريحة الأخيرة علماً بأن الشرائح المتوسطة تتراوح أسعارها بين 27 و45 قرشاً أي أعلي من أسعار الصناعة. يشير "عيسي" إلي تناقض الحكومة التي تعترف بأن هناك 60 مليون مواطن مستحق للدعم من خلال البطاقات التموينية بينما تتجه إلي رفع أسعار الكهرباء علي قطاع كبير من هؤلاء. ويرفض الدكتور شريف قاسم رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية التوجه الحكومي لرفع أسعار الكهرباء علي المستهلكين مؤكداً أن ترشيد استهلاك الكهرباء الذي تهدف إليه الحكومة لا يتحقق دائماً برفع الأسعار فهناك إجراءات كثيرة في مقدمتها التصدي بحسم لمشكلة سرقة التيار الكهربائي فضلاً عن توفيق أوضاع المباني المخالفة والتي لا يدفع أصحابها ثمن استهلاكهم من الكهرباء بسبب رفض وزارة الكهرباء إيجاد حلول لها علماً بأن الكثير من هذه المباني في المدن الجديدة والأحياء المتوسطة ليست مقصورة علي العشوائيات. يطالب قاسم الحكومة بأن تضع برامج حازمة لترشيد الاستهلاك الحكومي للكهرباء والذي تتجاوز نسبته ال 14% من إجمالي استهلاك الكهرباء. إلي جانب إطلاق حملات توعية بأهمية استخدام الطاقة الشمسية في المباني الحكومية وقد أعلنت وزارة الكهرباء أنها بصدد استخدام الطاقة الشمسية ويجب أن تحذو جميع الوزارات حذوها. مشيراً إلي ضرورة وضع خطة قومية للترشيد دون الاتجاه إلي رفع الأسعار علي المستهلكين باعتباره القرار السهل. فرفع الأسعار ليس الحل لمشكلة الكهرباء ولكنه شكل من أشكال الجباية. من جانبها تري سعاد الديب رئيسة الاتحاد النوعي لحماية المستهلك أنه من غير المقبول أن تلجأ الحكومة إلي رفع أسعار الكهرباء في الوقت الذي يعاني فيه المستهلك من خدمة سيئة ومن انقطاعات دائمة للتيار سوف تستمر لمدة أربع سنوات وفقاً لتأكيدات الحكومة مطالبة الحكومة بأن تأخذ رأي ممثلي حماية المستهلك في القرارات التي تتعلق بأسعار الخدمات الاحتكارية مثل الكهرباء. "كلنا عايزين البلد تعدي ولكن ليس علي حساب الشرائح الفقيرة" قالت الديب إن نحو 40% من السكان عند خط الفقر ولابد أن تراعي الحكومة ذلك.. مشيرة إلي أن من لديه جهاز تكييف لا يعد غنياً. فالشرائح المتوسطة والأقل من ذلك لديها جهاز تكييف والذي أصبح أحد ضروريات الحياة واستهلاك مثل هذه الأسرة يرفعها إلي شرائح استهلاك مرتفعة خاصة إذا ما كان تثبيت الأسعار سوف يقتصر علي الشرائح الدنيا. تطالب بأن تبدأ الحكومة بالصناعات كثيفة استهلاك الطاقة خاصة أنها تبيع منتجاتها في السوق المحلي بالأسعار العالمية.