أعرف أن الوقت مبكر علي اختبار حكومة ابراهيم محلب واصدار احكام عليها لكن هناك مؤشرات مقلقة بدت في تصريحات وقرارات ومبادرات بعض الوزراء الجدد والتي اتسمت بعدم ادراك ظروف الوطن والمواطن علي النقيض تماما من التحركات الذكية لرئيس الحكومة ولا أدري اذا كان ذلك من باب تقسيم الأدوار أم من باب الاختيارات السيئة نظرا للسرعة التي تم بها التشكيل الحكومي. ونبدأ بوزير التموين الذي فاجأنا باكتشافات مذهلة أهمها فساد منظومة الخبز وتسرب الدقيق إلي السوق السوداء ووعوده لنا برغيف لا يقل جودة عن الرغيف الذي وعدنا به جميع وزراء تموين الثورة الذين اكتشفوا أيضا فساد المنظومة اللعينة والتي لم يستطيعوا اصلاحها طوال السنوات الثلاث الماضية رغم وجود خطط جاهزة لإصلاح ملف رغيف الخبز منذ سنوات واللطيف ان الوزير تحدث عن منظومة تحرير الخبز دون المساس بسعر الرغيف الذي يعد خطا أحمر بحسب تصريحاته وأتخيل رد فعل المواطنين الساخر من هذا الكلام الذي سمعوه مرارا وتكرارا وشبعوا منه منذ حكومات ما قبل ثورة 25 يناير مرورا بحكومات الثورة وكانوا ينتظرون من الوزير الجديد ألا يتحدث عن خطوط حمراء وزرقاء ولكن يعمل علي تحقيق ذلك علي الأرض خاصة مع تفاقم مشكلة الرغيف وعودة الطوابير وارتفاع أسعار الخبز غير المدعم. ولم يكد وزير التموين ينتهي من اكتشافه الفذ بخصوص الخبز حتي خرج بقرار الغاء التسعيرة الاسترشادية التي وضعها سلفه محمد أبو شادي علي أمل فرملة أسعار الغذاء وعلل الوزير قراره بأن مصر تتبع سياسات حرية الأسواق وان الاسترشادية تثير فوضي الأسعار!! مؤكدا انه لن تكون هناك تسعيرة اجبارية أو استرشادية وإذا علمنا ان اتحاد الغرف التجارية كان أشد المعارضين لوضع مثل هذه التسعيرة وإذا علمنا أيضا ان وزير التموين الحالي كان يعمل مستشارا لرئيس اتحاد الغرف التجارية لوضحت الأسباب الحقيقية وراء القرار العجيب المريب خاصة ان التسعيرة الاسترشادية لم تكن إحدي القضايا العاجلة علي أجندة الوزارة. وزيرة القوي العاملة بدورها سارعت إلي البحث عن مبادرة اعلامية لوقف اضرابات واعتصامات العمال لعدة أشهر وفي أقوال أخري لمدة عام مع التبرع بساعتي عمل والغريب ان الذي تبني المبادرة ما يعرف بالاتحاد القومي للعمال والذي لا يزيد عدد الأعضاء العاملين فيه عن عدة مئات فضلا عن نقابات قد لا تمثل العاملين ووقعت الوزيرة ميثاق شرف خاصاً بوقف الاضرابات لصالح عجلة الانتاج الشهيرة ورغم أننا جميعا نريد الاستقرار للبلد ونأمل عودة المصانع للانتاج بكامل طاقتها العمالية والانتاجية إلا ان المنطق المستقيم يقتضي العمل علي حل مشاكل العمال أولا ووضع خارطة طريق واضحة وبمواعيد محددة لتلبية المطالب العمالية العادلة والعاجلة. فعلي سبيل المثال من يقبل أن يظل بدون أجر لمدة ستة أشهر مثل عمال شركة مساهمة البحيرة لاستصلاح الأراضي أو يظل بدون عمل مثل عمال الشركات العائدة من الخصخصة . أما أكثر ما يثير القلق من الحكومة الجديدة فهو صدور تلميحات وربما تصريحات صادرة من وزارة الكهرباء بزيادة أسعار الكهرباء والنكتة ان وزير الكهرباء قال ان الأسعار لم ترتفع منذ يناير من العام الماضي. وكان الشيء الطبيعي أن ترتفع الأسعار كل عام علما بأن ارتفاع العام الماضي كان بنسبة 16% ورفعت كافة الشرائح والحديث عن عدم المساس بمحدودي الدخل غير واقعي لأن كمية ال 50 كيلو التي يتحدثون عن اعفائها من الزيادة لا تسمح سوي بإضاءة عدة مصابيح كهربائية فقط وكأن من لديه تليفزيون أو غسالة ملابس أو حتي مروحة قد أصبح من شريحة القادرين!! عفوا معالي رئيس الوزراء "ابراهيم محلب" الشعب طال انتظاره لتخفيف معاناته وأعبائه المعيشية وليس إضافة المزيد.