لن ينصلح حال مصر ما لم يتغير منهج الحياة علي أرضها وما لم يتغير سلوك المصريين في حياتهم اليومية وفي معاملاتهم. لذا لابد أن تنتهي الفردية والانانية وأن يتشارك الجميع في موارد البلاد وخيراتها لا أن تقتصر علي فئة دون غيرها. لابد أن يستعين أولو الأمر بأهل الخبرة وأن يتوقفوا عن الاستعانة بأهل الثقة فقط. لابد أن يعاد توزيع الثروة والسلطة مرة أخري في مصر وأن تحل الكفاءة محل المحبة وأن يجد الفقراء لهم محلاً في بلادهم فالقضاء علي الفقر هو صمام الأمان في هذه البلاد وهذه النقطة تعتبر أهم وأخطر النقاط التي يجب أن يهتم بها رئيس البلاد أيا كان اسم الرئيس القادم لمصر. فقد ثبت أن التباين الشديد في توزيع الثروة في مصر وتفاوت مستوي الدخول خلق طبقة لا تزيد نسبتها علي 5% تمتلك ما يزيد علي 95% من ثروات مصر بينما بقية الشعب يعيش علي حد الكفاف حتي إن ما لا يقل عن 40% من المصريين يعيش تحت خط الفقر ولا يصل حتي إلي حد الكفاف. وهذا الذي يجري أدي إلي وجود طبقتين: - طبقة تعيش في رفاهية وبذخ لا تهتم كثيراً بهموم المواطن ولا بحياته ولا بحالته. - وطبقة تشكل الأغلبية الساحقة من الشعب تعيش وهي مشغولة بتلبية احتياجاتها البسيطة والأساسية من طعام وعلاج وملابس وسكن وفرصة وظيفية. هاتان الطبقتان بمثل هذه النسب بمعني أن الأقلية تمتلك كل شيء وطبقة أغلبية ساحقة لا تمتلك شيئاً فإن التصادم في هذه الحالة قادم بلا شك. ولا يجب أن نغفل العوامل المساعدة لوقوع مثل هذا الصدام وأخطرها وأهمها ظهور فئة من المجتمع متباهية باستمرار بقصورها وطائراتها ونوعية طعامها وسفرياتها وزيجاتها وحفلاتها ومجوهراتها. هذه الفئة التي يركز عليها الإعلام الفوضوي السائد في مصر الآن حيث اختفت بقية شرائح الشعب إعلامياً وظهر أو يظهر فقط نجوم السينما ونجوم الملاعب ونجوم الإعلام ونجوم الرقص والغناء والتهافت علي أخبارهم وسلوكياتهم وإقصاء بقية نجوم الوطن وهم الشعب الحقيقي.. فما ينشره الإعلام من أخبار عن أن الفنانة الفلانية تقاضت في فيلم تعاقدت عليه 16 مليون جنيه وأن الفنان السبعيني تقاضي 35 مليون جنيه لمسلسل رمضاني وأنه استعان بابنه كمخرج مقابل 10 ملايين جنيه وابنه الثاني ككمثل مساعد بعشرة أخري أو أن المطرب الذي هرب خلال أحداث الثورة إلي باريس الخمسيني يتعاقد علي مسلسل مقابل 30 مليون جنيه ويشترط أن تكون معه أسماء بعينها من شلته أو مجموعته من أهل الثقة. كل هذه الأخبار وغيرها هي أخبار تستفز المواطن الذي لا يجد بطانية في الشتاء تغطي جسده العاري وتقي ابنته من البرد ويسمع أن هناك من يأت له الطعام ساخناً بالطائرات وينفق علي حفلات العرس ملايين الجنيهات وهو يعلم أن هناك 9 ملايين شاب وشابة في مصر يقتربون من العنوسة أو دخلوا في نطاقها. المتناقضات كثيرة وسكان العشوائيات ليسوا ببعيد عما يحدث في مصر وهم يرون ويراقبون البذخ الإعلامي وبرامج تعليم الديكور والطبخ الراقي ومسابقات الرقص الزوجي شبه العاري الذي تذيعه إحدي القنوات الفضائية بشكل شبه يومي ومسابقات الغناء وبذخ إضاءة وديكور المسرح وملايين الجنيهات التي تنفق عليه. ويكفي أن يعلم الجميع أن هناك 16 ألف عشوائية تلتف حول القاهرة وهي 16 ألف قنبلة قابلة للانفجار تنتظر الوقت المناسب لتنفجر.. لذا فالإصلاح الاجتماعي هو الحل وإلا فالثورة الثالثة قادمة.