د. سامية التمتامي رائدة علم الوراثة البشرية في مصر وهي أول باحثة عربية تحصل علي دكتوراه في علم الوراثة البشرية عام 1966 وأسست شعبه للوراثة البشرية في مصر ضمت أكثر من 100 باحث واكتشفت اكثر من "40" مرضا وراثيا مسجلا باسمها في المراجع العالمية وكان لها الفضل في توجيه اصحاب القرار بوزارة الصحة لاجراء تحاليل للأطفال حديثي الولادة ممن يعانون من نقص هرمون الغدة الدرقية.. "المساء الأسبوعية" التقت بها واجرت معها حواراً حول اكثر من قضية صحية. * في البداية سألناها عن مشوارها العلمي؟ * * كنت احلم بدراسة الطب وتأثرت في ذلك بالشاعر الدكتور إبراهيم ناجي حيث كان طبيبا للعائلة وكنت مبهورة بشخصيته وحبه لمهنته وانسانيته ومساعدته للمرضي هذا شق إلي جانب التحاق شقيقي الاكبر بكلية الطب مما دعم لدي الرغبة في دراسة الطب وبالفعل التحقت بكلية طب القاهرة وتخرجت فيها عام 1957 وهي دفعة المشاهير بالمناسبة فزملائي هم د. مجدي يعقوب ود. خيري السمرة رحمه الله ود. محمود شريف وجميعهم قدموا للمجتمع الكثير وتخصصت في مجال طب الاطفال وعملت نائبة في مستشفي الاطفال بأبوالريش لا أخفيك سرا فقد كان الجو العام يشجع علي النبوغ وكنت ابحث في الحالات النادرة جدا وانشرها عن طريق اساتذتي د. مصطفي الديواني وهو من مؤسسي طب الاطفال هو والدكتور ممدوح جبر وكان المناخ العام يشجع علي النقاش والحوار وهو ما دفعني للبحث العلمي واجراء الأبحاث ولك أن تتخيلي انه بعد نصف قرن من ممارسة الطب ليس لي عيادة خاصة ولكني توجهت بكل طاقتي إلي المركز القومي للبحوث تاركة منصب معيدة بالجامعة رغم حصولي علي أعلي التقديرات وفضلت ان امارس هوايتي البحثية في المركز حيث عملت في وحدة ابحاث الاطفال بعدها سافرت إلي امريكا وحصلت علي درجة الدكتوراه في علم الوراثة البشرية وهو علم لم يكن معروفا بمصر وقتها وكنت أول طبيبة في مصر والعالم العربي وافريقيا تتخصص في هذا المجال. * أسست أول عيادة خارجية للامراض الوراثية نريد المزيد من التفاصيل عنها؟ * * بالفعل قمت بتأسيس أول عيادة لاستقبال المرضي المصابين بأمراض وراثية من جميع الاعمار لتقديم التشخيص الدقيق والنصح الوراثي منذ عام 1975 ومنذ ذلك التاريخ والعيادة تستقبل المرضي المحولين من المستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة حتي وصلت عدد الحالات 27 ألف اسرة مصابة بأمراض وراثية نتابعها من خلال العيادة وطورنا وتوسعنا وانشأنا عيادة متخصصة لدراسة تشوهات الاطراف والامراض الوراثية للعظام عام .2002 * ما هي اكثر الأمراض الوراثية انتشارا من خلال متابعتكم للحالات المترددة علي العيادة؟ * * انيميا البحر الابيض المتوسط ونقص هرمون الغدة الدرقية ومرض فنيل كيتوتوريا وعموما هناك اكثر من 30 مرضا يسهل اكتشافهما بسهولة لأن الاعاقات اسبابها مكتسبة كحوادث الطرق ولا يمكن منعها إذا وقعت الحوادث واسباب وراثية وهنا يمكن التدخل بالفحص والتحليل ومنعها قبل حدوثها وأمراض التخلف العقلي وأمراض العظام وتكسر العظام في الاجنة والعظم الزجاجي وقصر القامة "القزم" والامراض العصبية وضمور العضلات والالتباس الجنسي وهي امراض إما بسبب ارتفاع سن الابوين أو نتيجة لزواج الاقارب وهناك امراض مرتبطة بالجنس تنتقل من الأم لاولادها الذكور مثل الهيموفيليا "سيولة الدم" أو انيميا الفول وعمي الالوان وهناك الامراض المرتبطة بخلل الكرموسومات مثل الطفل المنغولي. * ماذا يعني الفحص الطبي قبل الزواج من وجهة نظرك؟ * * في غاية الأهمية وللاسف إلي الآن شهادات مزورة لا محل لها من الاعراب وانا اقول للطبيب قبل المأذون خاصة في حالات زواج الاقارب لابد من شهادة طبية تؤكد الخلو من الامراض الوراثية المنتشرة في المجتمع خاصة مرضي الثلاتميا "انيميا البحر المتوسط" حيث تبلغ نسبة حاملي المرض 10% فإذا تزوج رجل وامرأة حاملين للمرض ينجبان اطفالا مصابين بنسبة 25%. * وما رأيك بالنسبة لزواج الاقارب؟ * * لا نستطيع منعه ولكن يجب الابتعاد عنه قدر الامكان حيث انه يضاعف نسبة الاصابة بالامراض الوراثية بمعدل 10 مرات. * هل استطاعت المرأة المصرية ان تثبت كفاءتها في البحث العلمي؟ * * المرأة المصرية في البحث العلمي أثبتت كفاءة واضحة وملموسة لما تتميز به من صبر ومثابرة واصرار ورغبة في اثبات الذات وهي الآن اثبتت نجاحا في كافة المجالات البحثية سواء الطبية أو الزراعية والهندسية والدليل انها تمثل اكثر من 50% من الكفاءات بالمركز القومي للبحوث. الانجاب في سن متأخر * اطلقت صيحات تحذير من الانجاب في سن متأخر سواء للرجل أو المرأة ما تعليقك؟ * * الأبحاث اثبتت ان الانجاب بعد سن 35 عاما سواء للرجل أو المرأة تكون هناك فرصة أكبر لحدوث خلل في الكرموسومات للمولود كما يحدث في مرض داون "الطفل المنغولي" وان افضل سن للانجاب ما بين 25 و35 عاما حتي لا يحدث خلل سواء بالزيادة في الكرموسومات أو النقص فيولد اطفال معاقين. كما ان الانجاب المتكرر يزيد من فرص ظهور امراض وراثية وثبت انها تزيد في الاسر كبيرة العدد. * ما هي الأمراض التي يمكن التصدي لها بسهولة إذا ما تم اكتشافها مبكرا؟ * * مرض الفينل كيتوتوريا فإذا ما تم اكتشافه في حديثي الولادة في الاسبوع الاول يمكن علاجه بتناول انواع معينة من الغذاء وعلاجه بالغذاء ليتحول الطفل من معاق رسمي إلي سليم صحيا.. وللعلم هناك مواليد يموتون بمجرد ولادتهم متأثرين بعدد من الامراض الوراثية دون ان يكتشفهم أحد ومن يعيش تلازمه اعاقات حركية أو عقلية أو حسية. * وماذا عن الجمعية القومية للوراثة البشرية التي ترأسينها؟ * * هي جمعية ترعي المرضي غير القادرين نتحمل نفقات التحاليل التي تجري لهم ونعالج الحالات المزمنة كتكسر العظام الزجاجي الذي يحتاج حقنة شهريا ثمنها 1500 جنيه والجمعية تقوم بنشر الوعي القومي بالامراض الوراثية وطرق تجنب حدوثها كما تساعد المرضي في التشخيص السليم للحالات وتم ادراج الجمعية كعضو في الاتحاد الدولي لجمعيات الوراثة البشرية نظرا لما تقدمه من اسهامات علمية والجمعية تتلقي التبرعات علي حساب 522912 البنك العربي الافريقي فرع المركز القومي للبحوث. * ماذا تطمعين لعلم الوراثة البشرية؟ * * ان تعترف به كليات الطب كأحد العلوم الطبية الهامة وانشاء اقسام له خاصة ان منظمة الصحة العالمية أوصت منذ عام 1966 بتدريسه بجميع كليات الطب ولكن للاسف في مصر يتجاهلونه رغم ان الوراثة أساس الاصابة بمعظم الأمراض خاصة السكر وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول كلها امراض شائعة اسبابها وراثية. * وماذا عن التكريم والتقدير؟ * * الحمد لله حصلت علي جائزة الدولة التقديرية في العلوم الطبية عام 2000 وجائزة النيل في العلوم عام 2011 عن اجمالي اعمالي العلمية واكتشافاتي العلمية في مجال الامراض الوراثية وهي أعلي جائزة في الدولة في مجال العلوم الطبية كما حصلت علي جائزة جامعة اكسفورد التقديرية عام 2000 فضلا عن جوائز التقدير والتفوق من المركز القومي للبحوث سنويا. فضلا عن ان اسمي ضمن موسوعة whoiswho العالمية. * وماذا عن الأبحاث الدولية؟ * * قالت اكتشفت اكثر من 40 مرضا وراثيا خلال رحلتي البحثية وتم تسجيلها باسمي "تمتامي سندروم" قمت بنشرها في مرجع دولي نشرته الدوائر العلمية. مظاهرات الطلبة * بعيدا عن العلم والأبحاث ما رأيك في مظاهرات الطلاب بالجامعات؟ * * أنا ضدها تماما وضد أن تتحول الجامعات إلي ساحات للصراعات السياسية فالجامعة مكان للعلم الذي له قدسيته ولابد أن تواجه هذه الاضرابات والمظاهرات بقوانين صارمة واشعر بقلق بالغ علي العام الدراسي للطلاب الذين للاسف لا يقدرون قيمة الوقت وزاد استيائي احتجاز عميدة احدي الكليات بمكتبها وهو ما يعكس تدنياً اخلاقياً غير محتمل.