رغم ظهور سلالة انفلونزا جديدة أكثر ضراوة بالانسان في الصين التي استقبلنا منها السلالة الأولي في عام 2006 والتي استوطنت بمصر والتي كبدتنا خسائر في الثروة الداجنة تجاوزت ال 10 مليارات جنيه الا ان مزارعنا غير مستعدة للوافد الجديد حيث ان 70% منها عشوائية وتفتقد لاشتراطات الأمان الحيوي. الخبراء حذروا من تكرار تجربة 2006 بصورة أكثر خطورة حيث ان السلالة الجديدة H7Ng التي ظهرت في الصين شديدة الخطورة علي الانسان وتتسم بانتقالها بين البشر مما ينذر بخسائر بشرية كبيرة. قالوا ان سوء أحوال المزارع لدينا والتربية المنزلية وراء العديد من الكوارث حيث لا تراعي أي اشتراطات أو ضوابط لحصار المرضي. طالبوا باليقظة التامة في الموانئ والمطارات وتجهيز الأمصال اللازمة لهذا الوافد الضاري واتباع الطرق العلمية في تحصين البؤر الساخنة فقط حتي لا تحصل الدواجن غير المصابة علي مناعة ضد المرض ووضع اشتراطات محددة لانشاء مزارع جديدة. * د. مصطفي بسطامي عميد طب بيطري القاهرة واستاذ الدواجن يري ان هناك خطورة كبيرة من ظهور السلالة الجديدة من فيروس انفلونزا الطيور H7Ng في الصين خاصة في ظل حالة الفوضي وعدم الاستقرار التي نعيشها والاستيراد المفتوح علي مصراعيه بدون ضوابط ومحاذير خاصة وان بداية انتشار المرض لدينا في عام 2006 وتحديدا في شهر فبراير كان من الصين ايضا عندما قمنا باستيراد مسحوق الريش مما أدي لظهور السلالة التي توطنت لدينا وتعرف ب "H5NA" وهي موجودة حتي الآن. أضاف اننا في حاجة شديدة الآن إلي اجراءات صارمة في الاستيراد وخاصة للأنواع الحية من الدواجن وكذلك المواد الخام في الصناعة مصر العلف الحيواني والعلائق وخاصة من آسيا وشرق آسيا بالذات حتي لا تسلل السلالة الجديدة لدينا خاصة ان هذه المنطقة غنية بالفيروسات سواء البشرية أو البيطرية التي تحصد أرواح البشر والثورة الداجنة وهو ما يستدعي اليقظة التامة من رجال الحجر البيطري في الجمارك والموانئ المختلفة. أوضح ان مصر تكبدت خسائر باهظة بسبب انفلونزا الطيور تمثلت في فقدان مئات الملايين من الدواجن والتي يقدر الخبراء قيمتها وفقا لدراسات دقيقة بما يزيد علي 10 مليارات جنيه بجانب ما أصاب الصناعة من تراجع سواد علي المستوي المحلي أو فيما يتعلق بالتصدير. أشار إلي ان المشكلة تتمثل في أن ما يزيد علي 70% من مزارعنا تعتبر عشوائية وغير مرخصة ولا تخضع لأي معايير فيما يتعلق بالأمان الحيوي الذي يعني ادارة المزارع من خلال معايير وضوابط محددة وهو ما يعطي الفرصة لتسلل المرض لدينا وتكرار تجربة .2006 قال ان المواجهة الحقيقة لانفلونزا الطيور سواء للسلالة المستوطنة لدينا أو التي ظهرت مؤخرا يتطلب زيادة الرقابة علي المزارع القائمة وفي نفس الوقت مساعدتها علي تقنين أوضاعها من خلال تسهيل اجراءات التسجيل وعدم معاملة أصحاب المزارع من صغار المربين علي أنهم لصوص يستحقون العقاب ولكن معاملتهم بطريقة علمية تضمن من خلالها انضمامهم الي المنظومة الرسمية وفي نفس الوقت تنظيم الدورات التدريبة والارشادية لهم وللعاملين معهم لأنهم في النهاية يمثلون صناعة وطنية مهمة وعدم استيعابهم بشكل منظم يعني المزيد من انتشار المرض وفي نفس الوقت القضاء علي البقية الباقية من الثروة الداجنة التي لا تمثل فقط أهمية كبري في توفير البروتين الحيواني للانسان ولكن ايضا تساعد علي احداث التوازن في الأسعار فيما يتعلق باللحوم الحمراء. زيادة الخسائر * د. حسين علي حسين أستاذ الفيروسات بطب بيطري القاهرة قال ان الخطورة الكبري من سلالة H7Ng تتمثل في قدرتها علي الانتقال بسرعة من الحيوان إلي البشر وكذلك من البشر إلي البشر علي عكس سلالة H7N5 من انفلونزا الطيور المتوطنة في مصر والتي لا تنتقل بين البشر وتنتقل من الحيوان إلي البشر في ظروف معينة كنقص المناعة لدي الشخص المصاحب للدواجن أو الاصابة بأمراض معينة مثل الضغط والسكر عند الاحتكاك المباشر مع الدواجن. أضاف ان عودة انفلونزا الطيور بشراسة من خلال هذه السلالة الجديدة يمكن ان يؤدي إلي زيادة الخسائر البشرية من هذا المرض الذي تسبب وفقا لتقرير منظمة الفاو في أكتوبر 2013 في اصابة 174 حالة في مصر توفي منهم 63 حالة وان كانت هناك مؤشرات ايجابية عن انخفاض الحالات البشرية في ال 3 سنوات الأخيرة وفقا للفاو بجانب الخسائر الاقتصادية الباهظة. أشار إلي ان المشكلة الكبري في مزارعنا الخاصة بالدواجن والتي تساعد علي انتشار الكثير من الاوبئة والأمراض سواء بين الثروة الداجنة أو البشر هي البنية التحتية التي تحتاج الي اعادة هيكلة بالتركيز علي صغار المربين ومزارعهم التي لا تتبع أي معايير للأمان الحيوي سواء فيما يتعلق بتجهيز المزارع بوسائل الوقاية والنظافة أو المسافة بينه المزرعة والتي تليها أو حتي البعد عن السكان فمزارع الدواجن تكثر بشكل غريب في منطقة الدلتا بين المواطنين مما يساعد علي انتشار الأمراض المشتركة بين الحيوان والانسان. أوضح أن الأمر أصبح جد خطير ويحتاج إلي حلول تعتمد علي البعد الوقائي الذي يمنع ظهور وانتشار المرض بسلالاته المختلفة وهذا يتطلب اقامة المزارع علي أسس سليمة من الناحية العلمية سواء من حيث التجهيز أو مراعاة المسافة وكذلك التخصص بمعني ان تكون هناك مزارع للتسمين وثانية للأمهات وثالثة للبياض لأن هذا يساعد كثيرا في نجاح استراتيجية المقاومة ومنع انتشار المرض. أوضح انه رغم عدم رصد أي حالات من الاصابة بالسلالة الجديدة في مصر الا انه يجب في نفس الوقت اتباع تعليمات المنظمات العالمية الطبية والبيطرية المتمثلة في توفير المواد المشخصة للسلالة الجديدة لسهولة اكتشافها وكذلك توفير الامصال واللقاحات المختلفة وهذا ما يجب ان تهتم به وزارتا الصحة والزراعة. * د. أحمد السنوسي وكيل طب بيطري القاهرة واستاذ الفيروسات يؤكد ان الخطورة من السلالة الجديدة ليست علي الثروة الداجنة فقط ولكن الخطورة الأكبر تمتد الي الانسان حيث اثبتت الدراسات ان هذه السلالة قد تكون قليلة الضراوة علي الدواجن مقارنة بالسلالة الموجودة في مصر ولكنها أكثر ضراوة علي الانسان حيث انها تتطور بشكل كبير وتؤدي إلي الاصابة الشديدة في الجهاز التنفسي السفلي مما يمكن ان يؤدي للوفاة. أضاف ان المقاومة لهذه السلالة التي مازالت موجودة في الصين حتي الآن في حالة وصولها تتطلب اتخاذ قرار حاسم باعدام طيور مصابة سواء في المزارع أو الأسواق واستيراد اللقاحات المطلوبة لحماية الانسان من هذه السلالة الشرسة حيث نجحت الصين في انتاج مثل هذه اللقاحات. كما ان مزارعنا يجب ان يكون علي اتصال دائم بالمختبر القومي بمركز بحوث صحة الحيوان للتعرف علي آخر الارشادات الخاصة بهذه السلالة وكيفية التعامل معها. بجانب تطبيق السياسة التي اقرتها منظمة الفاو في عملية التحصين بأن يكون التحصين موجها بمعني ان يتم تحصين البؤر الساخنة وفرض كردون حولها فقط وعدم تحصين باقي الدواجن في الأماكن غير المصابة حتي لا تحدث للدجاج مناعة جزئية تؤدي إلي الحد من تأثير المصل فيما بعد. بؤر المرض * د. عادل عبدالعظيم أستاذ الأمراض المعدية يحذر من اننا قد نفشل في مواجهة السلالة الجديدة من الفيروس اذا لم تتم اعادة تخطيط المزارع القائمة علي أسس علمية ومنع اقامة أي مزارع جديدة الا بعد الالتزام بمعايير الأمان الحيوي والأهم من هذا وذاك هو منع التربية المنزلية والريفية التي يتواجد فيها خليط من دواجن عديدة مع الدجاج من بط وأوز ورومي حيث ان هذه الأنواع من أخطر ما يمكن لأنها تصاب بالمرض وغالبا لا تظهر أي أعراض عليها ومن ثم تظل بؤر المرض وتنتشر دون ان ندري وهذا ما يفسر أن التربية المنزلية هي السبب في وفاة كثير من الحالات البشرية. أوضح أن القضاء علي انفلونزا الطيور بسلالاتها المختلفة يتطلب ان تكون هناك استعداد دائم للتحور المستمر للفيروس بالتغيير الدائم لأنواع الأمصال التي يتم استخدامها في المكافحة وذلك من خلال الفصل الدائم لفترة المرض الجديدة وانتاج أمصال مناسبة قادرة علي مواجهته والقضاء عليه. أشار إلي ضرورة اعادة النظر في سياسة استيراد الأمصال بحيث يكون هناك رقابة صارمة عليها بحيث لا تقتصر علي مجموعة من المستوردين ولكن فتح الباب لمن يلتزم بالاشتراطات الواجب توافرها في المصل مع ضرورة تطبيق سياسة تحصين قوية سواء في القطاع التجاري أو الريفي والاهتمام بضبط ايقاع ا لمزارع بالالتزام بمعايير الأمان الحيوي. عشوائية شديدة * المهندس وائل عبدالرحمن رئيس مجلس إدارة احدي شركات الدواجن يؤكد ان استمرار الفشل في مواجهة انفلونزا الطيور سوف يؤدي الي استفحال الظاهرة التي أدت الي نفوق مالا يقل عن 50% من ثروتنا الداجنة وهو ما أدي إلي ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والأسماك بشكل كبير. أضاف أن المشكلة الأساسية في مجال تربية الدواجن تتمثل في أن جزءاً قليلاً من المزارع وهي التابعة لشركات كبري تلتزم بمعايير الأمان الحيوي الذي يعني ببساطة منع وصول أو خروج المرض من المزرعة بتدابير وخطوات محددة أما الغالبية العظمي من المزارع والتي تزيد علي 22 ألف مزرعة فهي عبارة عن مزارع صغيرة تعتمد علي عنابر التسمين التي تقوم بتربية الدواجن لمدة شهر ونصف الشهر ثم تقوم ببيعها ومن ثم لا تستطيع تحمل التكلفة العالية لتطبيق معايير الأمان الحيوي. أوضح انه لا علاج الا باتباع المعايير العلمية التي تطبق في جميع دول العالم حيث لا يتم السماح باقامة أي مزارع دون الحصول علي موافقة أو وجود رقابة عليها لضمان عدم انتقال الأمراض وانتشارها فنحن في مصر نعاني من فوضي شديدة في هذا المجال ولهذا فالأمر يتطلب ضوابط محددة قبل الموافقة علي أي مزرعة جديدة تضمن التزامها باشتراطات الأمان الحيوي والوقاية من الأمراض عن طريق التحصين ورفع كفاءة الجهاز المناعي للطائر من خلال عدد من الوسائل المتعارف عليها.