مثلما رأيت في تعليقك علي رسالتي السابقة بأنني أحظي بنصيب كبير من اسمي.. أري أن لزوجتي ايضا حظاً من اسمها وهو "السيدة فوزي". فهي بحق السيدة التي تربعت علي عرش حياتي لتبدله 180 درجة وهي التي حققت لي الفوز في مباريات كدت أخسرها بالجملة لولا دفعها وتشجيعها الدائم لي. لقد كانت "السيدة" الزوجة رقم "2" وليتها ظهرت في حياتي قبل ذلك لكن كل شيء يسير بمقادير فحين قبلت بالارتباط بي كانت تعلم بتجربتي الأولي في الزواج وكيف أنها استغرقت عشر سنوات دون أن تثمر عن أبناء؟. وبعقلها الراجح تفهمت أن لكل تجربة ظروفها وملأت قلبها يقيناً في أن الله سيبارك زيجتنا.. هذا اليقين والظن الحسن الذي استطاع إحالة الصحراء الصماء إلي جنة غنّاء. فها قد تحقق الحلم الذي كنت أراه مستحيلاً بقدوم أول مولود لنا.. فرحة لم تعادلها فرحة وأنا أحصل علي لقب "أب" الذي كدت أفقد الأمل في الحصول عليه. تصوري.. منحنا الله هذه العطية دون الحاجةپإلي فحوصات طبية أو علاجات بل صار لدينا بدلاً من الولد "اثنان"» اللذان سعينا لتوفير الحياة الكريمة لهما.. أنا من خلال وظيفتي المنهكة بالسكة الحديد وهي بمشاركتها لي في رعاية قطعة الأرض الزراعية الصغيرة التي استأجرناها لمواجهة الديون التي مازلت مطالباً بالوفاء بها منذ زواج الشقيقات. إنها "السيدة فوزي" التي تنازلت عن مؤهلها الفني الدبلوم الصناعي وتحملت معي مشقة الزرع والقلع حتي نفي باحتياجات الولدين وبلغ بها التدبير مبلغه حين عكفت علي شرح الدروس لهما دون الحاجة لمدرس خصوصي أو مجموعات.. إنها التي أحبت شقيقاتي الثلاث وزوجة شقيقي الأوحد وفتحت لهن البيت لتغدق عليهن من حسن الضيافة والكرم. و.. واختبرت شجاعتها في موقف تعرضنا له معاً حينما كنا نستقل قطاراِ وكانت العربة غير مزدحمة مما أتاح لنا حرية التنقل بين المقاعد وفي تلك الأثناء ظن بعض الركاب من الشباب التافه أنها بمفردها فحاولوا مضايقتها فما كان منها إلا أن خلعت ما في قدمها وراحت تنهال عليهم ضرباً وركلاً!! باختصار لقد رأيت في "السيدة فوزي" نجم السعد الذي سطع في حياتي بعد سنوات من الآلام والحرمان.. ويبقي دعائي إلي الله أن يعينني علي تحقيق أمنيتها في أداء "العمرة".. وأن يحفظها لي ولولدينا.. اللهم استجب. مبروك أحمد جلمد - البحيرة المحررة في البداية ألفت النظر إلي أن عرض هذه الرسالة يأتي في إطار تلبية مطلب صاحبها والذي حمله إليّ في رسالته الأولي التي تناولتها في 16 سبتمبر الحالي حين طلب تخصيص مساحة أخري للحديث عن زوجته "السيدة فوزي" تلك التي عوضه الله بها عن صبر السنين فجاءت له بالذرية الطيبة التي طالما حلم بها طوال فترة زواجه الأولي. ولاشك يا سيد "مبروك" أنك جدير بهذه العطية وأنت الذي أفنيت حياتك من أجل إسعاد شقيقاتك الثلاثة حين أرجأت قرار زواجك لأعوام طويلة تنفيذاً لوصية أبيك الراحل أنت الذي صبرت حينما انقطع رجاؤك في الانجاب من زوجتك الأولي تلك التي كان حديثك لنا عنها حديثاً ودوداً منصفاً سواء ما يتعلق بلحظة اختيارك لها أو انفصالك عنها. وكان انصافك للأولي هو سر توفيقك مع الثانية التي أدركت عظيم خصالك سواء في رحلتك مع شقيقاتك أو مع زوجتك السابقة.. فهنيئاً لك بالسيدة فوزي زوجة وأماً بل وشقيقة وجمعكما الله قريباً علي جبل عرفات وليس فقط بتطلعكما لأداء العمرة. *** وبعد ولمن لم يقرأ الرسالة الأولي للقارئ مبروك أحمد جلمد فهي تتحدث عن مشوار كفاحه في الحياة والذي بدأه عندما أراد مواصلة تعليمه الثانوي الصناعي وحالت ظروف والده الكفيف دون ذلك.. فلم يجد سبيلاً سوي العمل بأحد المخابز لتلبية مصاريفه الدراسية حتي وفقه الله بالحصول علي الدبلوم وفي نفس العام تسلم خطاب تعيينه بالسكة الحديد.. ثم سرعان ما هيأ الله له فرصة السفر للعمل بالعراق في شركة بترول بمرتب مجز. سافر "مبروك" وأخذ يرسل لأبيه بكل راتبه من أجل أن يقيم بيتاً جديداً يعوضه وأشقاءه عن البيت القديم المتهالك المقيمين فيه لكن والده رفض الاقتراب من أمواله وآثر الحفاظ عليها داخل منديله "المحلاوي" لحين عودته من الخارج. ولم يمض وقت قصير علي عودته نهائياً من العراق وشروعه في بناء الطابق الأول من المنزل الجديد حتي توفي والده وهو يوصيه بشقيقاته خيراً.. فما كان منه إلا أن ارجأ فكرة الزواج وسعي في تنفيذ وصية أبيه حتي أطمان علي شقيقاته الثلاث في بيوتهن وبدأ يفكر في نفسه. بحث "مبروك" عن الزوجة المناسبة.. ووجدها.. لكن بقدر الوفاق الذي ملأ حياتها بقدر التعاسة التي ظللتها لعدم قدوم الأبناء. وبعد عشر سنوات من الصبر الطويل قررا الانفصال.. هذا القرار الذي كان فاتحة خير لكل منهما فقد شاء الله أن تتزوج هي بآخر وتنجب منه.. ويتزوج "هو" بالسيدة فوزي لينجب منها.. تلك الزوجة التي كان لها شأن آخر في حياته استدعي منه مناشدتنا بأن نفسح له المجال في عدد آخر للحديث عنها.. وكان له اليوم ما أراد.