من نعم الله علي عباده الذين تربوا في بيوت الأنبياء والمرسلين واستجابوا لدعوة هؤلاء الرسل خاصة الذين تربوا في بيت سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فقد استطاع بحكمته وأخلاقه الكريمة وسلوكياته التي تقطر رحمة وتبدو آثار الإيمان وأنواره في كل تصرفاته كل ذلك كان من أهم الأسس لغرس الإيمان في قلوب أهل بيته الكرام وهم الذين اغترفوا من معينة الصافي قولاً وفعلاً وسلوكاً وتعاملاً فكانوا بحق نجوماً بين أهل الإيمان وقد ضربوا المثل في هذا المجال فقد تغلغل نور اليقين في قلوبهم وكانت سلوكياتهم أبلغ الأدلة علي أن الإيمان امتلك كل وجدانهم. امتثلوا لكل أوامر رب العالمين وتحملوا الكثير من الأعباء في سبيل دعوة الحق. وجاءت تصرفاتهم وتعاملاتهم تنبئ عن يقين استقر في قلوبهم وامتلك وجدانهم. يكفي هؤلاء شرفاً أن الله عز وجل قد ذكرهم في القرآن وأنزل في شأنهم آيات تتلي "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" وأزواج النبي من النساء من بين أهل البيت رضي الله عنهن جميعاً. فقد روي ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس" نزلت في نساء النبي صلي الله عليه وسلم خاصة وليس المراد أنهن المراد فقط دون غيرهم فقد روي ابن حاتم عن العوام بن حوشب رضي عنه عن ابن عم له قال: دخلت مع أبي علي عائشة رضي الله عنها فسألتها عن علي رضي الله عنه فقالت رضي الله عنها: تسألني عن رجل كان من أحب الناس إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم دعا عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله عنهم فألقي عليهم ثوباً فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.. قالت: فدنوت منهم فقتل: يارسول الله وأنا من أهل بيتك؟ فقال صلي الله عليه وسلم تنحي فإنك علي خير. ومما يؤكد أن نساءه من أهل البيت ما رواه مسلم في صحيحه عن يزيد بن حبان قال: انطلقت أنا وحصين بن سيرة وعمر بن سلمة إلي زيد بن أرقم رضي الله عنه فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وتسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم قال يا ابن أخي: والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلي الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوا وما لا فلا تكلفوا فيه ثم قال: قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً خطيباً في مكان بين مكة والمدينة فحمد الله وأثني عليه ووعظ وذكرتم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله تعالي فيه الهدي والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث علي كتاب الله عز وجل ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي قالها مرتين فقال له حصين: ومن أهل بيته يازيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته. ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة بعده قال: نعم. والذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي داخلات في قوله الله تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت. هكذا كرم آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن أنزل فيهم قرآنا ويستحق أهل الإيمان من رب العالمين الرعاية والعناية لأنهم جعلوا الله نصب أعينهم في كل تحركاتهم وتقوي الله تملأ حياتهم لا يحيدون عن هذا الطريق مهما تكن الظروف والملابسات. إن الله مع المتقين وآل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم كانوا رجالاً ونساء في هؤلاء تحملوا مشاق الحياة والتزموا بقول الرسول صلي الله عليه وسلم وفاطمة بنت سيد الخلق ريحانة رسول الله صلي الله عليه وسلم كانت هي التي التزمت بأقوال أبيها ولم تصد عنها.