يعد عز الدين نجيب واحداً من مؤسسي الثقافة الرسمية في مصر. حينما كانت نابعة من الشعب وعائدة إليه. فترة الستينيات.. وكان واحداً من كتيبة الشباب التي اختارها ثروت عكاشة وزير الثقافة حينذاك لتقود عملية التنوير والابداع في المحافظات من خلال قصور الثقافة. ويتوقف الناقد والفنان عز الدين نجيب عند هذه المرحلة في كتابه الجديد "الثقافة والثورة" الصادر عن هيئة الكتاب ومنها ينطلق إلي "مفاسد" الثقافة الرسمية قبيل ثورة 25 يناير. وروتينية أداء رجالها وعلي رأسهم وزراء ما بعد الثورة ويستشهد بتجارب عملية ميدانية تؤكد ضيق أفق هؤلاء المسئولين.. لكنه لا يكشف الفساد فقط. بل يطرح الحلول أيضاً من خلال اقتراحات بعينها. ومنها ما يسميه "دستور المثقفين". في باب الهوية من هذا الدستور. يتحدث الكاتب في صفحة 185 فيقول: الهوية المصرية مركبة. متعددة الأبعاد والوجوه والطبقات المتداخلة. وليست أحادية. أو مسطحة. أو ذات بعد واحد. الحضارات المصرية القديمة والقبطية والعربية والإسلامية. والثقافات الفرعية "كالنوبية والبدوية". والثقافة الشعبية. ومكتسبات الثقافات العالمية التي ترسخت في صميم الثقافة الوطنية. هي المكونات الأساسية للهوية المصرية. فيما تمتلك "العربية/الإسلامية" مكانة خاصة في قلب الهوية المصرية. كواقع موضوعي. بدأ تشكيل الهوية ببداية الحضور المصري في التاريخ. وتتواصل عملية التشكل وتفاعل المكونات الداخلية مع العناصر الخارجية. علي امتداد القرون حتي الآن. وهي هوية منفتحة علي التفاعل الذاتي بين مكوناتها العميقة. والتفاعل مع الآخر. بلا انغلاق عنصري. ولا تبعية متخاذلة. هذه التعددية في التكوين. وفي الأعماق الحضارية. تمثل ثراء أقصي للهوية وللشخصية المصرية. يؤسس لمكانة "المصري" في التاريخ. لا يمكن تاريخياً أو موضوعياً أو إنسانياً لأغراض سياسية أو عقائدية اختصار "الهوية" المصرية في أحد أبعادها أو مكوناتها. وإلغاء أو تهميش بقية الأبعاد والمكونات. تمثل عملية "الاختصار" أو "الالغاء" أو "التهميش" إن تحققت في الوعي أو الواقع ابتساراً وتخريباً للهوية والوحدة الوطنية المصرية. وتناقضاً في الوقت نفسه مع الواقع التاريخي الموضوعي. إن الاعتراف بوحدة مكونات وعناصر الهوية المصرية وتعاملها الداخلي بلا تمييز. هو مقدمة جوهرية لازمة للتعايش الآمن المتكافئ. علي الأقل. بلا إقصاء أو نزعات تعصبية. هو مقدمة جوهرية للتصالح مع الذات المتعددة الأبعاد والعناصر والمكونات. وهو مقدمة جوهرية الإبداع الحياة المصرية المشتركة للجميع. علي قدم المساواة. بالفعل لا بالقول.