"لئن بسطت إليَّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين "28" إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين "29" فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين "30" فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين" سورة المائدة. لماذا اختار الله الغراب بالتحديد؟! هذا السؤال يجيب عنه العلم: فقد ورد بين المعلومات التي أثبتتها دراسات سلوك عالم الحيوان ما يسمي بمحاكم الغربان.. وفيها تحاكم الجماعة أي فرد يخرج علي نظامها حسب قوانين العدالة الفطرية التي وضعها الله سبحانه وتعالي. ولكل جريمة عند جماعة الغربان عقوبتها الخاصة بها: ہ فعقوبة جريمة اغتصاب طعام الفراخ الصغار: تقضي بأن تقوم جماعة من الغربان بنتف ريش الغراب المعتدي حتي يصبح عاجزا عن الطيران كالفراخ الصغيرة قبل اكتمال نموها. ہ وجريمة اغتصاب العش أو هدمه: تكتفي محكمة الغربان بإلزام المعتدي ببناء عش جديد لصاحب العش المعتدي عليه. ہ وجريمة الاعتداء علي أنثي غراب آخر: تقضي جماعة الغربان بقتل المعتدي ضرباً بمناقيرها حتي الموت. وتنعقد المحكمة عادة في حقل من الحقول الزراعية أو في أرض واسعة. تتجمع فيه هيئة المحكمة في الوقت المحدد. ويجلب الغراب المتهم تحت حراسة مشددة. وتبدأ محاكمته.. فينكس رأسه. ويخفض جناحه. ويمسك عن النعيق اعترافاً بذنبه فإذا صدر الحكم بالإعدام وثبت جماعة من الغربان علي المذنب توسعه تمزيقاً بمناقيرها الحادة حتي يموت. وحينئذ يحمله أحد الغربان بمنقاره ليحفر له قبراً يتواءم مع حجم جسده يضع فيه جسد الغراب القتيل ثم يهيل عليه التراب احتراماً لحرمة الموت. وهكذا تقيم الغربان العدل الإلهي في الأرض أفضل مما يقيمه كثير من بني آدم. أثبت العلماء المختصون بدراسة علم سلوك الحيوانات والطيور في أبحاثهم أن الغراب من بين سائر الحيوانات والطيور الذي يقوم بدفن موتاه.. والأقرب لسلوك الانسان.. فهل نحاول في حياتنا سواء علي المستوي السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي أن يكون الالتزام بما يقيم العدل ويؤسس لحياة منظمة بدلا من سلوك أفراد غير عابئة بالمجتمع الذي نعيشه فتنشر الفتنة والبغضاء والفوضي؟!