الدولة غائبة؟.. نعم.. أجهزتها لا تعمل كما يجب؟.. نعم.. وإن عملت فإن الاستهانة بها هو شعار المرحلة؟.. نعم.. الامثلة والأدلة كثيرة كلنا نعلمها ونتابعها ونتحسر؟.. نعم.. لكني سأتوقف أمام خبر ربما لم يلفت نظر الكثيرين رغم دلالته!! الخبر يقول "مصرع" وإصابة 5 في تصادم نقل بميكروباص علي الطريق الدائري بالهرم.. قد يقول قائل والجديد فكل يوم تطالعنا الصحف بمثل هذه الحوادث وبالارواح البريئة التي تزهق؟.. الجديد هو أن تفتيش السيارة النقل المتسببة في الحادث كشف عن وجود "شيشة" في الكابينة بجوارها قطع من الحشيش.. أي أن السائق والتباع كانا يدخنان الحشيش أثناء قيادة السيارة علي الطريق الدائري لذلك وقع هذا الحادث المأساوي!! إدمان معظم سائقي النقل للحشيش والمخدرات بأنواعها مشكلة قديمة ومزمنة عجزت الدولة طوال سنوات عن مواجهتها.. ومن المعروف ان سائقي النقل كانوا يتوقفون في استراحات معروفة ومحددة لتناول المخدرات لكن ان يصل الامر إلي تدخين الحشيش في الكبينة أثناء سير السيارة عيني عينك.. فهذا إن دل علي شئ فهو يدل علي تأكد قائدي سيارات النقل من غياب تواجد الدولة في صورة كمائن أمنية أو من قدرتهم علي مواجهة تلك الكمائن إن وجدت!! .. ناهيك عما قيل عن وجود لجان لفحص دماء هؤلاء السائقين علي الطريق لاكتشاف المدمنين منهم وتبين أنه مجرد كلام أو أضغاث أحلام!! سيارات النقل تحولت إلي قاتل مجنون يسير علي الطرق والمحاور والدائري بتفرعاته المختلفة بينما ضحاياها يتساقطون يمينا ويسارا ويتحولون إلي مجرد رقم في ملف ضحايا الطرق .. سيارات النقل من المفروض أن تلتزم باليمين وهذا لايحدث.. المفروض ان تسير ببطء وهذا لا يحدث.. المفروض ألا تتخطي الملاكي والاجرة وهذا لايحدث!! عندما غابت الدولة وغاب المفروض والواجب أصبح طبيعيا أن تزهق الارواح البريئة.. لم يفكر أحد في من هم هؤلاء الضحايا ماذا وراءهم من اسر ومسئوليات.. وماذا وراءهم من أم ثكلي وزوجة أصبحت أرملة وأطفال تيتموا.. والأهم ارواح بريئة ماتت غدرا لاننا تركنا الحابل بالنابل!! رحم الله هؤلاء الضحايا وكتب الشفاء للمصابين.. لكن دماء هؤلاء وهؤلاء ستظل في رقبة المسئولين الذين تركوا الدولة للفوضي والبلطجة وانشغلوا بصراعات سياسية لانعلم متي ولاكيف ستنتهي. لقد نسي المسئولون دورهم في تأمين حياة المواطنين وقتلوا أحلامنا في حياة أفضل وتركونا نبحث عن ملامح دولة كانت!!