بغض النظر عن حالة الفوران والغضب الشعبي في شتي المجالات ولأسباب كثيرة ليس هذا مجالاً لسردها فإن كل شيء مقبول وقابل للمواجهة ماعدا التجاوز إلي حد اللعب علي تغيير الهوية للمجتمع سواء كان مصرياً أو أجنبياً. والسؤال.. لماذا قامت الدنيا في تركيا ولم تقعد حتي الآن رغم ما حققه أردوغان من نجاحات اقتصادية ساهمت في نقل الأتراك من صفوف المجتمعات الفقيرة إلي دولة وشعب واعد اقتصادياً بل وحقق نمواً وتنمية هائلة ساهمت في وضع بلدهم في مصاف الدول العشر الأوائل وبدأ الاتحاد الأوروبي يفكر في ضمها لعضويته؟ الاجابة سهلة وبسيطة هي أن رئيس الوزراء التركي الرجل القوي عالمياً اقترب من اللعب في الهوية التركية ومحاولات لتعديل الدستور بما يراه البعض مساساً بالهوية التركية التي ساهمت في تحقيق كل النجاحات السابقة.. صحيح أن تلك الهوية بدأت ملامحها منذ الزعيم التركي مصطفي كمال أتاتورك الذي حطم كل أفكار الدولة العثمانية وحولها إلي دولة علمانية تدين بالإسلام لكن ملامح تلك الهوية وتبلورها استمر لعقود طويلة من الزمن وأي زعيم أو رئيس للحكومة يحاول المساس بها يعني كتابة نهايته السياسية. لذلك كله استمر حكم عبدالناصر مع شعب يحبه ويطالبه بالعودة عند التنحي ونفس الأمر لم يتجاوزه السادات حتي اغتيل علي يد الإرهاب الديني الذي لا يري إلا الهوية الدينية مجالاً للحياة والحكم "وهذا حقه". ثم جاء مبارك وظل سنوات طويلة من حكمه يحاول اقناعنا بأنه لا يقترب من الهوية المصرية رغم أن في عهده عقد مؤتمر دولي للشواذ وبدأت نوادي "الماسونية" تلعب في الخفاء لكن كل ذلك بالإضافة لعناصر أخري كثيرة كان الشعب صامتاً لكنه يرصدها حتي ثار وأطاح بالنظام. مما سبق يتضح أننا أمام مشاهد تاريخية تسببت إلي حد كبير في انقلابات وثورات وأحداث عنف لمجرد أن هناك من يحاول الاقتراب من شخصية المجتمع الجمعي. وللتاريخ أيضاً فإن محاولات الاقتراب من تلك الشخصية الجمعية يبدأ بتغيير حقيقي لبنية الإنسان.. تبدأ من الطفل في مرحلة الحضانة وحتي نهاية تعليمه الجامعي وإن ذلك مرتبط بقناعة مجتمعية عمن يقود عملية التغيير وأن كل ذلك مرهون بالالتفاف والحب حول القائم بالتغيير. ولن يحدث في أي زمن أو وقت أن يحدث التغيير بالقوة أو بفرض الأمر الواقع لأن كل الأحداث العظمي في العالم أثبتت أن الشعوب لا تساق.. فهم كائنات حية. لذلك أصر علي ما قلته قبل ذلك بالحب وبالقرارات الإنسانية العادلة أو بالاقتناع يستطيع أي نظام أن يحدث التغيير الذي يريده وبغير ذلك فإن أي نظام سيفشل حتي لو ضرب شعبه بالكيميائي أو النابالم ولنا في سوريا النموذج والمثل.. ألا قد بلغت اللهم فاشهد.