النجاح الذي حققه ثوار 25 يناير نال تقدير واحترام الشعب لأنهم التزموا بأخلاقيات راقية في تعاملاتهم سواء مع بعضهم البعض أو مع الآخرين.. سلوكياتهم في ميدان التحرير كانت نموذجية وتعبر عن حضارة المصريين واستطاعوا بهذا الأسلوب المتحضر أن يجذبوا إلي جوارهم الشيوخ وانصهر الجميع في بوتقة واحدة وصار ذلك الشيخ يتحدث بأساليب الشباب وكأنه أصبح واحداً منهم متجاوزاً الزمن الذي بينه وبين أولئك الثوار. رغم هذه المظاهر والمواقف البطولية إلا ان هناك فئات أخري ركبت الموجة البعض انتهز وارتكب جرائم نهب وسرقة واستحل أموال الغير بالباطل وأقدم علي أعمال يجرمها القانون ويأباها الذوق السليم.. وآخرون من سائقي وأصحاب السيارات لم يكترثوا بقواعد وآداب المرور منهم من يمشي عكس الاتجاه دون مبالاة أو تقدير لما يسببه من ارتباك في حركة المرور وناهيك إذا تلفظت بكلمة معه فإنك تواجه بسيل من الشتائم والسباب وكلمات أخري يعف اللسان عن ذكرها وناهيك عن البلطجية الذين فرضوا إتاوات علي الناس دون وجه حق. وهناك بعض العاملين في نقل المخلفات انتهزوا الفرصة وألقوا بها في عرض الشارع وتركوها أكواماً تعبر عن سلوكيات غير حضارية بالاضافة إلي إلقاء المخلفات في بعض المناطق دون تقدير لما تحدثه من أضرار بيئية وأمراض تهدد الأهالي وتبدو هذه السلوكيات في تقاطع الشوارع والتداخل بين السيارات وكأن شرطي المرور هو الذي ينظمنا دون رادع من أنفسنا. وهناك ظاهرة أخري تنبيء عن سلوكيات تؤدي إلي تدمير الأرض الزراعية فهناك كثيرون انتهزوا هذه الفرصة وانشغال حكومة تسيير الأعمال في إدارة شئون الدولة وقاموا بعمليات البناء بصورة تثير الاستياء دون تقدير لجريمة الاعتداء علي المساحات الخضراء ومدي خطورتها علي مستقبلنا في تحقيق الأمن الغذائي. صورة كريهة وتصرفات طائشة مما أدي إلي ارتفاع أسعار الأسمنت والحديد والطوب ومستلزمات البناء وتجهيزاته لأسعار تجاوزت الأرقام الفلكية. صور متعددة لسلوكيات تشير إلي ان البعض لا يهمه سوي نفسه فقط دون اعتبار للآخرين وقطعاً هذا الأسلوب ترفضه جماهير شعبنا وهناك أعمال أخري وصور توضح مدي الانفلات الذي أصاب حياتنا. المفروض ان يتعلم هؤلاء من شباب 25 يناير وسلوكياتهم التي تحدث عنها كل من زارهم في الميادين التي يقفون بها. ولا شك ان شعبنا المصري الأصيل يرفض مثل هذه الأساليب الانتهازية وغيرها وتتنافي مع طبيعة وأصالة المصريين. ان الانفلات وركوب الموجة بصورة عشوائية بغيضة لا يقودنا إلي التقدم وإنما سوف يتراجع بنا سنوات وسنوات. ان الواجب يحتم علينا جميعاً ان ننطلق إلي العمل الجاد بعد ان تم الإعلان عن المطالب والاستجابة لها وان تكون سلوكياتنا الحضارية في مقدمة الأولويات التي يجب ان نلتزم بها ولندرك أننا جميعاً في مركب واحد والأمر يتطلب ان ننهض بأقصي سرعة ونقف ضد من يحاول اختراق القانون وارتكاب أعمال تدمر اقتصادنا. الوطن يحتاج إلي مضاعفة الجهد لتحقيق الخسائر التي لحقت به وأعتقد ان جماهير شعبنا سوف تتجاوز هذه المرحلة بثبات مع الوقوف في وجه أصحاب السلوكيات غير الحضارية لأن الخسائر سوف تلحق بالجميع.