قرأت لتوفيق الحكيم يوماً أن القري العربية كانت ستصبح قري سويسرية. لولا الانفاقات الهائلة علي الصراع العربي الإسرائيلي. القليل منها أنفق علي التسليح. واللاجئين والمؤتمرات الفارغة. والإعلام الذي اتجه إلي المواطن العربي يبصره بالخطر. كأنه ليس في قلب الخطر فعل. وفي ذكري مرور 65 عاماً علي إنشاء دولة إسرائيل. فإن السؤال الذي ترفضه بعض القيادات العربية لغرابته. أو لاستحاله تصوره: هل تختفي دولة إسرائيل؟. يشير هؤلاء إلي الضعف العربي مقابلاً للقوة الصهيونية. وإلي مساندة الغرب لكل الدعاوي والتصرفات العدوانية الإسرائيلية بل إن كل المسئولين في واشنطن يلحون علي أن أمن إسرائيل متصل بأمن الولاياتالمتحدة. إذا حاولنا أن نجاوز هذه الصورة المحبطة التي شارك في صنعها أعداء الخارج وأعداء الداخل فلعلنا نذكر قول المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي: إن اسرائيل لن تعيش طويلاً لأنها مجتمع شاذ. دولة غريبة في أرض غريبة. وحتي لا يقتصر الأمر علي الحدس التاريخي كما أورده توينبي فإن واحداً ممن شاركوا في تجسيد الحلم الصهيوني. وهو اليهودي المتعصب هنري كيسنجر أعلن مؤخراً بالانجليزية ما نصه: بعد عشر سنوات لن يكون هناك إسرائيل. لم يعقب مسئول. ولا مثقف عربي علي ما قاله كيسنجر. وإن اطلقت الميديا الصهيونية أبواقها. متناسية الدور الخطير الذي بذله كيسنجر في رحلته المكوكية عقب انتصار العرب في 1973. ليبدل وضع الانتصار بحجة تخفي تدبيراته الصهيونية. وهي أن الولاياتالمتحدة لن تسمح بانتصار السلاح السوفييتي علي سلاحها!. كذلك فقد عبر عاموس ياولين رئيس الاستخبارات الاسرائيلية السابق. عن تخوفه من أن عدم التوصل إلي حل بين العرب الفلسطينيين وبين الإسرائيليين سيؤدي إلي تدمير إسرائيل كلياً!. بالطبع فإن رجل الاستخبارات الإسرائيلي لا يتمني ولا يتنبأ. لكنه يحاول استقراء الأحداث. القيادة الفلسطينية في رام الله تصر علي المفاوضات سبيلاً وحيداً لحل القضية. ترفض أن يكون للأجيال التالية رأيها في تطورات المستقبل. إلي جانب لا أقول بدلاً من القيادات التي تستقر علي قمة العمل "المقاوم" في فلسطين منذ عشرات السنين. الغريب أن يتكلم كبار الصهاينة عن مستقبل كيانهم. في حين أن مجرد طرح السؤال بين المواطنين العرب في فلسطين يعني الاعتقال. إن لم يكن بيد المحتل الصهيوني. فبيد السلطة الوطنية التي تجد في حلم الدولة المستقلة بصورة صحيحة جريمة تستحق العقاب !. المنظمة اسمها "التحرير" والتحرير لن يتحقق بمجرد الجلوس إلي مائدة المفاوضات.