ما هو سر النحس الذي يطاردنا نحن المصريين باستمرار؟! فكلما حاولنا النهوض من عثرة تقع في حفرة.. وكلما أمسكنا بطرف خيط يقودنا إلي المستقبل انقطع هذا الخيط لننحدر بقوة إلي الخلف.. الأزمات تلاحقنا وتحيطنا من كل جانب.. والشرور تتربص بنا وتتحين الفرص لتنقض علينا. ما هو السر؟ لا نعرف بالضبط؟ هل نواينا لبعضنا البعض مشوبة بأحقاد دفينة لا نبتغي بها وجه الله ولا وجه الوطن؟ هل يعاملنا الله بما انطوت عليه نفوسنا وما تلبسته أفكارنا؟ الأوضاع التي تمر بنا ونمر بها تدعونا إلي أن نعيد النظر في تفكيرنا وأفكارنا وسلوكياتنا.. نريد أن تصفو نفوسنا تجاه بعضنا البعض وبعدها نحسن الظن بالله فيرفع عنا ما نحن فيه من محن. حادث منطاد الأقصر الذي انفجر في الجو وراح ضحيته 18 سائحاً أجنبياً ومصرية واحدة.. هل هو حادث عادي عارض؟ أم أنه فاجأنا في توقيت غير مناسب؟ هل يمكن أن نصنفه ضمن الحوادث المتعددة والمتنوعة التي يتعرض لها السائحون في مصر بين يوم وآخر؟. أخشي أن يكون الأمر مختلفاً هذه المرة.. ففي الوقت الذي تتعرض فيه السياحة في مصر إلي عملية تدمير ممنهجة من خلال تصريحات وتصرفات غير مسئولة عن الآثار التي هي كنز هذه السياحة ومدي كونها آثاراً يجب الحفاظ عليها كتراث إنساني خالد وبين كونها أصناماً أو أوثاناً محرمة يجب إزالتها وتدميرها.. في هذا الوقت بالذات يقع حادث المنطاد ليضيف إلي جروح السياحة جرحاً جديداً غائراً ينزف لفترات طويلة قبل أن يندمل وننساه وينساه العالم. أغلقنا أبواب السياحة العالمية كلها أو كدنا. ولم يعد أمامنا سوي السياح الإيرانيون الذين يمكن أن نفتح لهم أبوابنا لأنهم الأقرب لطبيعة السائح الذي يلائمنا في هذه الظروف وفي هذا الوقت. يتحدث السيد هشام زعزوع عن 12 مليون سائح سيزورون مصر وينعشونها اقتصادياً بمليارات الدولارات.. ويتحدث السيد المرسي حجازي وزير المالية والدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء عن قرض صندوق النقد الدولي ليحل جزءاً من الأزمة.. لكن القرض لا يأتي والسياحة تقتلها حوادث الطرق البرية في الغردقة وسيناء. وحوادث شحط السفن السياحية في النيل وأخيراً المنطاد الطائر في الأقصر.. فإذا أضفنا إلي ذلك كله النظرة العامة لسياحة الآثار وسياحة الشواطئ والخلل الأمني في كل أنحاء مصر والصدامات والخلافات السياسية فقل علي السياحة السلام. ندعو إلي حوارات سياسية ليكون هناك تواصل بين التيارات المختلفة ونتفق علي حد أدني للعمل من أجل مصر.. ولكن بعضنا يرفض.. وبعضنا الآخر يجلس علي المائدة البيضاوية يتكلم بلسان رطب ويخفي خنجراً خلف ظهره.. ثم نعود ونتساءل: ما هو النحس الذي يلازمنا ويطاردنا؟!