عاد الدوري العام لكرة القدم.. وليته لم يعد.. هل عاد لكي نتفاخر وننتشي ونقول إن عندنا "كورة"..؟؟ أم عاد بقرار سياسي لإلهاء الناس عن السياسة وتحديد إقامتهم في المنازل بإرادتهم لمتابعة المباريات "الماسخة" التي تفتقد أي طعم ولون ورائحة.. مثلث الروعة الذي تضفيه الجماهير.. اللاعب رقم "واحد" في المباريات والتي تحرك الصخر وتعطي نكهة مميزة للساحرة المستديرة..؟؟!! الجميع - وأنا منهم - طالبوا كثيراً بعودة الدوري العام.. ولكن كان منطقياً أن تكون العودة بالجماهير كاملة أو حتي تحديد عدد المشجعين ببضعة آلاف.. إما أن تقام المباريات الرسمية والمدرجات خاوية علي عروشها.. فهذا وضع شاذ.. وكفانا شذوذاً في أمور كثيرة. قد يقول قائل: إن الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد لا تسمح بتواجد الجماهير في المدرجات وفي الشوارع المحيطة بالاستادات قبل وبعد كل مباراة وما يتبعها من نتائج مفرحة أو محزنة.. وفي الحالتين ربما يكون هناك شغب وانفلات خاصة في المباريات الحساسة التي يكون أحد طرفيها الأهلي والزمالك والإسماعيلي.. والأمن لن يلاحق علي فض المظاهرات والاحتجاجات وشغب جماهير الكرة. مادمنا سنسلم بذلك.. فقد كان من الأفضل ألا يعود الدوري من الأساس وأن تستبدل المسابقة الرسمية بمباريات ودية سواء مع فرق محلية أو عربية أو أجنبية وبدون جماهير أيضاً.. لأن الهدف الأسمي من عودة الدوري هو تجهيز اللاعبين للمنتخب والمنافسات الافريقية والدولية وليس الحصول علي الدرع. ياجهابذة الرياضة.. عودة الدوري بدون جماهير غير مفيدة للمنتخب بشكل كبير.. المفيد أكثر أن يحتك اللاعبون بمدارس كروية متنوعة وجيدة بعد إعدادهم بدنياً وفنياً. أعلم جيداً أن الأندية قاربت علي الإفلاس وخزائنها خاوية وعليها التزامات ضخمة وعقود لاعبين وأجهزة فنية إضافة إلي أن كرة القدم خاصة في الأندية الشعبية هي التي تصرف علي باقي اللعبات.. كما أن الكرة أصبحت صناعة قبل أن تكون "لعبة".. ولكن يبقي السؤال المهم: وهل ستوفي الأندية التزاماتها وسيفتح العاملون في المجال الكروي بيوتهم من النسبة الضئيلة التي ترد إليهم من حصيلة البث المباشر للمباريات..؟؟ أعتقد أن الجميع يمكنه أن يحصل علي نفس النسبة وأكثر إذا أقيمت مباريات ودية مع فرق افريقية أو أجنبية لها اسمها وسمعتها وتميزها. الدوري ليس غاية في حد ذاته.. بل وسيلة يتم من خلالها التخديم علي المنتخبات بمختلف مراحلها السنية. ياسادة.. أقولها لكم وأرجو أن تفهموها: مباريات بدون جماهير.. كالطعام المسلوق بلا ملح أو توابل.. أكل للمرضي يعني.. والشعب تعب وزهق ومل وقرف من الأمراض وأكلها.. سواء الأمراض المتوطنة أو الموروثة أو المستحدثة أو الوافدة علينا من كل فج عميق. أما أن تكون لدينا رياضة حقيقية وكرة قدم حقيقية كما يقول الكتاب ووفق منظومتها العالمية.. أو فضوها سيرة ووجع قلب ودماغ.