منذ ما بعد ثورة 25 يناير 2011 وهناك فتور في العلاقات بين مصر ودولة الإمارات العربية الشقيقة وصل إلي حد البرودة إن لم يكن التوتر والقطيعة. ولا يدري أحد السبب وراء هذا الفتور حتي الآن علي الأقل بالنسبة لرجل الشارع أو المتابعين لظواهر الأمور غير المطلعين علي دهاليز وأسرار هذه الأزمة. لقد تجلي هذا الفتور في حملة ضارية شنها مدير شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان علي جماعة الإخوان المسلمين التي تملكت زمام الحكم في مصر بعد الثورة. واتهام هذه الجماعة بالتدخل في شئون دول الخليج الداخلية. والعمل علي قلب أنظمتها السياسية. في ظل ما تراه هذه الدول من تقارب في العلاقات بين مصر وإيران. والمعروف أن هناك أزمات مزمنة بين دول الخليج من ناحية وخاصة الإمارات العربية المتحدة وبين إيران من ناحية أخري. واحتلال إيران لثلاث جزر إماراتية في الخليج الغربي وإدعائها أن هذه الجزر تابعة لها. وهي جزر طنب الكبري وطنب الصغري وأبوموسي. وقد ترتب علي فتور العلاقة أن منعت الإمارات العربية منح تأشيرات جديدة للمصريين لدخول أراضيها.. بل إنها أوقفت تنفيذ عقود مبرمة بين مواطنين مصريين ومؤسسات وشركات إماراتية علي مدي السنتين الماضيتين. وفي ظل استمرار هذا الفتور في العلاقات الذي وصل إلي حد التوتر الشديد قامت دولة الإمارات الشقيقة بالقبض علي 11 أو 13 مواطناً مصرياً منهم ثلاثة أطباء يعملون في مؤسساتهم وقيدهم إلي أماكن غير معلومة دون إبداء أي أسباب إلا حجة الأمن. بل إن الأمر تعدي ذلك إلي منع أسرهم من مغادرة البلاد والسفر إلي مصر. ورغم تدخل الخارجية المصرية ومنظمات حقوق الإنسان لم تستجب دولة الإمارات لطلبات الإفراج عن هؤلاء المعتقلين أو علي الأقل معرفة أماكن اعتقالهم للاتصال بهم ومعرفة كيفية معاملتهم وضمان أن تكون هذه المعاملة طبقاً لقواعد حقوق الإنسان وأواصر الأخوة بين الشعبين. وفي المقابل.. ومن ناحية مصر.. لم يقم الرئيس الدكتور محمد مرسي بزيارة مجاملة للإمارات رغم أنه قام بعدة زيارات للمملكة العربية السعودية الشقيقة عدة مرات ولجمهورية إيران. ومن هنا نلاحظ أيضاً أن الإمارات لم تبد أي نية لمساعدة مصر اقتصادياً في هذه الفترة رغم علمها بمدي صعوبة الموقف الاقتصادي فيها منذ ما بعد الثورة حتي الآن.. بل إنه لم يلاحظ وجود أي اتصال ولو هاتفي بين الرئيس مرسي وسمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات في أية مناسبة من المناسبات. وهناك تساؤل من قبل رجل الشارع عن سبب هذا التوتر في العلاقات.. هل السبب أن الإمارات تتعاطف مع الرئيس السابق حسني مبارك الذي كان صديقاً شخصياً لسمو الأمير الراحل الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الإمارات السابق وأن هذا التعاطف لا يعني التدخل في الشئون الداخلية لمصر وإنما هو مجرد تعاطف إنساني من الناحية الصحية وكبر السن وأن معاملته يجب أن ترعي هذين الأمرين. فهل هذا التساؤل في محله أو في موضعه؟! وهل هذا هو السبب الحقيقي وراء توتر العلاقات؟! أم أن هناك أسباباً أخري غير معروفة؟! لكن أيا كان السبب وفي كل الأحوال فإن دولة الإمارات- في رأيي- أكبر من أن تأخذ أبرياء بأي جريرة دون ذنب جنوه.. وإلا فليقل لنا أي مسئول إماراتي أسباب القبض علي هؤلاء المواطنين المصريين. إننا نود أن نلفت انتباه الإخوة الأشقاء في الإمارات أن علاقات الشعوب هي الأبقي وهي التي تصب في مصلحة البلدين.. أما الحكومات فإنها لا تدوم.. وثقتنا كبيرة في تفهمهم أن الذين تم القبض عليهم هم أفراد من شعب مصر الشقيق العزيز. والصمت في هذا الموضوع غير مطلوب والصراحة هي التي تضع الأمور في نصابها الصحيح.