تشهد الفترة الحالية العديد من المحاولات المتكررة للمتاجرة بالعملات النقدية الأجنبية وتهريبها الي الخارج وهو الأمر الذي يهدد بشكل سلبي الاقتصاد المصري ويهدد الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية. ظاهرة الخروج بالعملة الأجنبية بدأت تتزايد بوضوح أعقاب ثورة 25 يناير التي شهدت أيامها الأولي خروج ملايين الدولارات من مطار القاهرة حيث كان يخرج يومياً ما يقرب من خمسة ملايين دولار ثم استمرت الظاهرة حتي الآن ولكن بشكل أقل حدة ولأموال أقل والغريب أن الكثير من الذي تم ضبطهم كانوا أشخاصاً طبيعيين وليسوا رجال أعمال وكانت أبرزت الضبطيات التي وقعت منذ شهرين هي محاولة موظف بسيط بشركة صرافة السفر بعملات أجنبية متنوعة تبلغ قيمتها حوالي 23 مليون جنيه مصري وهو ما يؤكد أن خروج الدولارات يتم بطريقة ممنهجة والهدف منها هو غسيل الأموال.. حيث تخرج الأموال من مصر وبعدها بفترة تدخل الي صاحبها دون أن يتم معرفة أصول هذه الأموال وهل هي ناتجة عن تجارة المخدرات أم السلاح. وبنظرة سريعة الي عمليات التهريب التي كشفها رجال الأمن والجمارك بمطار القاهرة الدولي خلال الفترة الماضية نجد أنها كثيرة ومتكررة فمنذ 3 شهور ضبطت جمارك المطار بنك عملة متنقلاً تمثل في راكب مصري تم ضبطه أثناء سفره الي دبي وبحوزته 4 ملايين و800 ألف ريال سعودي و300 ألف يورو ودولارات وآلاف من العملات الكويتية والإماراتية والأردنية والقطرية بما يوازي حوالي 15 مليون جنيه مصري أخفاها داخل قاع سحري في حقيبته وبعدها بأيام قليلة تم ضبط راكب مصري أثناء محاولته تهريب 3 ملايين و600 ألف ريال سعودي أيضاً الي دبي ثم تمكنت سلطات إدارة تأمين الركاب. من ضبط تاجر مصري حاول تهريب 415 ألف ريال سعودي و10 آلاف جنيه مصري و5 آلاف دولار أمريكي الي الرياض. واستمرت حالات التهريب حيث تم ضبط مصري حاول تهرب 140 ألف دولار أمريكي الي الصين.. كما تمكنت سلطات الأمن من ضبط راكبين مصريين أثناء سفرهما الي الصين حاولا تهريب 106 آلاف دولار. وبرغم وقوع العديد من المهربين في أيدي رجال الأمن إلا أن هذا لم يردع المهربين حيث ضبطت سلطات الجمارك راكباً مصرياً بحوزته 70 ألف دولار أمريكي أخفاهم في حقائبه أثناء السفر الي دبي.. كما نجحت إدارة تأمين الركاب بمطار القاهرة الدولي في ضبط راكب مصري حاول تهريب 225 ألف دولار الي دبي. واحبطت سلطات جمارك المطار راكباً مصرياً بحوزته ألف درهم إماراتي. قبل سفره إلي دبي أخفاها داخل حقيبة لاب توب. ولم يقتصر تهريب الأموال علي المصريين بل امتد الي الأجانب حيث تمكنت الجمارك من ضبط راكب صيني حاول تهريب 80 ألف دولار أمريكي إلي بكين. وبعدها بأيام قليلة تمكنت الجمارك من ضبط راكب أردني بحوزته مبلغ مالي كبير حاول اخفاءه داخل ملابسه دون أن يقدم اقراراً جمركياً كما هو متبع في مثل هذه الأحوال. وفي النهاية اضطر للتنازل عنها.. كما تم احباط تهريب مليون ومائة ألف دولار بحوزة راكب سوري أخفاها داخل حقائبه قبل سفره الي اسطنبول.. كما حاول راكب سوري تهريب مليون دولار وهكذا نري أن الأموال تطير إلي دول وجهات مختلفة وان كانت دبي هي أكثر الدول استقبالاً لهذه الأموال. الحالات المتكررة للخروج وتهريب الدولارات واجهته رئاسة الجمهورية باصدار القانون رقم 160 لعام 2012 الذي ينص علي تعديل الفقرتين الأولي والثانية من المادة 116 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بقانون رقم 88 لعام .2003 ووفقاً للمادة الأولي يكون ادخال النقد الأجنبي أو اخراجه من البلاد مكفولاً لجميع المسافرين في حدود عشرة آلاف دولار أو ما يعادلها من العملات الأخري ويحظر عليهم حمل أكثر من ذلك. كما تتضمن الفقرة الثالثة المعدلة حظر ادخال أو اخراج أي نقد أجنبي من خلال الرسائل أو الطرود البريدية. يقول أحمد حسن رئيس الإدارة المركزية لجمارك مطار القاهرة بأنه تم البدء في تطبيق القانون بعد تسلمه رسمياً. وبذلك ستتم مصادرة أي مبالغ تزيد علي عشرة آلاف دولار. ولا يحق للراكب أن يقوم بتدوين ما يزيد علي عشرة آلاف دولار في الاقرار الجمركي سواء عند السفر أو الوصول وذلك يطبق سواء علي المصريين أو الأجانب. أكد الدكتور حمدي عبدالعظيم رئيس أكاديمية السادات سابقاً ان عمليات تهريب وخروج العملة الأجنبية تؤثر علي الاقتصاد المصري بالسلب وهو الأمر الذي يضطرنا للاقتراض من الدول الأجنبية.. مشيراً الي أن القرار سيكون في صالح الاقتصاد المصري. وأضاف أن المبالغ التي يتم ضبطها لها طريقان الأول التصالح عن طريق وزير المالية والثاني المصادرة والاحالة الي النيابة وتوجيه تهمة تهريب أموال للخارج.. مشيراً إلي أن الأموال التي تحمل داخل حقائب لتهريبها للخارج بها شبهة غسيل أموال. بينما تري د.زينب عوض الله رئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية أن قرار حظر منع المسافرين من الخارج بأكثر من عشرة آلاف دولار لن يجدي وستستمر ظاهرة التهريب ولن نجني منها سوي تضييق الأمر علي المسافرين العاديين الذين يريدون السفر بأموال لانجاز مصالحهم بالخارج دون اللجوء للتحويلات البنكية المعقدة التي قد تستغرق أياماً.. مشيرة إلي أن مبلغ العشرة آلاف دولار مبلغ هزيل في الوقت الحالي خاصة في ظل ارتفاع الأسعار العالمية. تعجبت في الوقت نفسه من أن يتم في نفس القرار منع القادمين من الخارج من حمل أكثر من عشرة آلاف دولار.. وتساءلت كيف يتم تطبيق ذلك في ظل الاقتصاد الحر الذي نعيشه؟