رفض علماء الدين الفتاوي المتشددة التي تدعو إلي مقاطعة غير المسلمين في أعيادهم وتحريم تقديم التهنئة لهم في المناسبات الدينية مؤكدين ان الرسول صلي الله عليه وسلم قد أمرنا بالبر والاحسان للبشر كافة. كان الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية قد هنأ قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والقس صفوت البياضي رئيس الطائفة الانجيلية وسفير الفاتيكان بالقاهرة والأنبا أنطونيوس نجيب بطريرك الأقباط الكاثوليك في مصر. والمطران منير حنا رئيس الطائفة الأسقفية في مصر والشرق الأوسط وجميع رؤساء الطوائف والأخوة المسيحيين في داخل البلاد وخارجها بمناسبة عيد الميلاد الجديد.. متمنياً أن تكون الأعياء فرصة جديدة لنشر الحب والسلام علي الأرض وتأكيدا لصلات الروابط والأخوة بين المصريين جميعاً. قال د. جمعة في تهنئة للإخوة الأقباط بمناسبة احتفالات أعياد الميلاد المجيد ان ولادة الأنبياء هي إشراقات للسلام وأمان للانسانية ورسالة سعادة وهداية للبشرية جميعاً..وان ميلاد السيد المسيح عليه السلام كان ومازال وسيظل ميلاد خير وسلام ورحمة ليس فقط لاخواننا المسيحيين بل وللمسلمين وسائر البشر أجمعين في جميع الأزمات. أشار المفتي إلي أنه يجب علينا كأبناء وطن واحد ان نتبادل التهاني وان ننشر الحب والسلام فيما بيننا لأننا اليوم بحاجة إلي اشاعة مشاعر التآخي والتلاحم والوحدة الوطنية ونبذ الشقاق والخلاف حتي نترك للأجيال القادمة بناء حضارياً إنسانياً أساسه الايمان وعماده العدل وقوته المحبة بين أبناء الوطن الواحد وقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتلاحم مع أبناء الوطن مما يؤكد انه لا مكان للاحتقان الديني ومثيري الفتنة والوطن في أشد الحاجة لدعم الوحدة. من جهته أكد الدكتور أحمد كريمة الاستاذ بجامعة الأزهر ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يتعامل مع النصاري ويحترم الآخرين ويدعو إلي المحبة والسلام.. مشيراً إلي أنه صلي الله عليه وسلم كان يتعامل معهم يأكل من أكلهم ويشرب من إنائهم. طالب د. كريمة المسلمين بأن يقدموا التهاني لغير المسلمين أسوة بما اقتداه الرسول الكريم وصار علي نهجه التزاما لأوامر الله.. فهم شركاء الوطن وقد حاربوا مع اخوانهم المسلمين ضد أعداء الاسلام والانسانية ولذلك فان تقديم التهاني لهم جائز شرعاً. حقائق ثابتة وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقائق منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان قال تعالي في سورة الممتحنة: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين" 8 الممتحنة" هذه الحقائق الثابتة أبلغ رد علي هولاء المتطرفين والمتشددين بلا سند. ان الأمة الاسلامية ومصرنا العزيزة في أشد الحاجة لهذا التكاتف والتآزر للخروج. كما أوضح العلماء ان الفتاوي التي ترفض تقديم التهنئة بعيد الميلاد وغيره من المناسبات الخاصة بغير المسلمين أقل ما يقال عنها بانها متشددة وتتنافي مع سماحة الدين الاسلامي الحنيف ومبادئه التي تدعم الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد. الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق يري ان الفتاوي التي ترفض تقديم التهنئة بعيد الميلاد لغير المسلمين أقل ما يقال عنها إنها متشددة فالزيارات والتهاني تعمل علي دعم الوحدة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية بمصر.. فنحن مسلمون ومسيحيون نعيش في وطن واحد يجمعنا الحب والخير ويتساوي الكل في الحقوق والواجبات.. ولا تفرقة بينهما لأننا كمصريين نعيش أخوة متحابين تجمعنا مصالح مشتركة كما ان تهنئة غير المسلم بأعياده لا تمس عقيدة المسلمين من قريب أو بعيد بل هي من باب البر والاحسان الذي نادي به الاسلام. يري الدكتور سالم عبدالجليل وكيل أول وزارة الأوقاف ان تهنئة غير المسلمين بأعيادهم حق من حقوق حسن الجيرة الذي نادي به الاسلام مشيراً إلي ان الرسول صلي الله عليه وسلم كان يزور جاره النصراني أثناء مرضه كما قام لجنازة يهودي حينما مرت عليه وهذا دليل علي التسامح مع غير المسلمين ومن تصرفات الرسول التي تجعلنا نرضي كل الآراء المتشددة ومن يفتي بغير ذلك إنما يسيء للاسلام. أضاف ان النبي الكريم عليه الصلاة والسلام تزوج من مارية القبطية وكان يتعامل مع اليهود والنصاري بكل حب وسماحة والاسلام أباح لنا زواج المسلم من الكتابية فلماذا نتشدد نحن ونقطع التواصل بين الديانتين؟ فالعلاقات بين المسلمين والأقباط قديمة منذ الأزل وكلنا شركاء في وطن واحد والاسلام بأي حال من الأحوال لا يدعو للفرقة بل للم الشمل وبالتالي فان تهنئة غير المسلمين بمناسباتهم يعد نوعا من البر الذي يحثنا عليه ديننا الحنيف.