أثارت قيمة القرض الروسي الذي وافقت عليه مصر لتمويل بناء محطة الضبعة النووية لإنتاج 4800 ميجا وات من الكهرباء بتكلفة تصل إلى 25 مليار دولار, العديد من علامات الاستفهام والتعجب, ففي الوقت الذي يراه البعض أنه لن يضيف أعباءً مالية جديدة على الاقتصاد المصري لكون فترة سداده تبدأ بعد بناء وتشغيل المحطة, يعتقد آخرون أن قيمة بناء المحطة النووية مبالغ فيها وتقدير تكلفتها وصل إلى 10 مليارات دولار في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. وأشار خبراء إلى أن روسيا ستحقق أكبر استفادة ممكنة من إنشاء المحطة التي ستمولها بنحو 85% من قيمة الأعمال التي ستقوم بها هي أيضًا, في حين أن ارتفاع التكلفة لنحو 52 مليار دولار قد يثير مخاوف أوروبا من الهدف التي ستقام المحطة من أجله والذي ربما يتجاوز إنتاج الكهرباء, لتخصيب اليورانيوم، مما قد يضع مصر في مأزق دولي. ونصت الاتفاقية في المادة الأولى على أن يقدم الطرف الروسي قرض تصدير حكومي لصالح الطرف المصري من أجل تمويل الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل لوحدات الطاقة الخاصة بمحطة الطاقة النووية بقيمة 25 مليار دولار. ويستخدم القرض بواسطة الطرف المصري لتمويل 85% من قيمة كل عقد لصالح تنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات المتعلقة بالمعدات، ويسدد الطرف المصري القيمة المتبقية للتمويل والبالغة 15% في أقساط، إما بالدولار أو بالجنيه المصري لصالح المؤسسات الروسية. وذكرت الاتفاقية استخدام الطرف المصري القرض لمدة 13 عامًا خلال الفترة من ( 2016 حتى 2028)، حسب الاتفاق بين وزارتي المالية المصرية والروسية في صورة دفعات على سنوات. وعن الفائدة، ذكرت الاتفاقية أن الطرف المصري يدفع فائدة على القرض بمعدل 3% سنويًا، وتستحق الفائدة على أساس يومي بداية من استخدام كل مبلغ من القرض وحتى تاريخ السداد النهائي لكل مبلغ من مبالغ أصل القرض، ويسري سداد آخر دفعة من الفائدة بالتزامن مع السداد النهائي لأصل القرض. واشترطت الاتفاقية على أنه في حالة عدم سداد أي من الفوائد المذكورة خلال 10 أيام عمل، يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 150% من معدل الفائدة الأساسي. قال عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي, إن روسيا ستستفيد بشكل كبير من القرض التي ستمنحه لمصر بقيمة 25 مليار دولار لتمويل بناء محطة الضبعة النووية، حيث إن معظم القرض بما يعادل نحو 85% سيعود إلى روسيا مرة أخرى في صور مستحقات مالية ورواتب للشركات الروسية والخبراء العاملين على إنشاء المحطة النووية, هذا بالإضافة إلى قيمة الفائدة المستحقة على القرض. وأوضح أن مفاعل الضبعة, سيتم إنشاؤه من مكونات روسية 100%، وبالتالي سيتحقق لهم قيمة مضافة, في حين أن مصر ستستفيد في أنها ستمتلك محطة نووية بأحدث التكنولوجيا الموجودة, لأول مرة, بالإضافة إلى الخبرة الفنية التي سيكتسبها المصريون من بناء هذه المحطة, كما أن مصر لن تدفع أي قيمة أو فائدة للقرض إلا بعد تشغيل المحطة, والاستفادة من عملية بيع الطاقة لسداد القرض, وبالتالي تنعدم الأعباء التمويلية على مصر ليكون القرض من أفضل القروض التي تحصل عليها مصر وارتفاع قيمة القرض تأتي لكون المشروع للطاقة النووية التي تتسم بارتفاع التكلفة. وفي سياق مخالف، يرى الدكتور علي عبدالعزيز، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن الرأي العام عليه أن يسأل السيسى كيف وقع مبارك على نفس المحطة وعلى نفس إنتاجها من الكهرباء 4800 ميجاوات بتكلفة من 2 مليار دولار إلى 10 مليارات دولار وهو يوقع على تمويلها الآن بقرض قيمته 25 مليار دولار؟ وأضاف عبدالعزيز في تصريح خاص ل"المصريون" أن هذا القرض سيورط مصر والأجيال القادمة, لكونه سيرتفع مع قيمة الفوائد إلى نحو 31 مليار دولار, إذا حسبنا الدفعات السنوية مضروبة في 13 عامًا. وأشار إلى أن هذا سيكون له تأثير سلبي على اقتصاد مصر, لأن الأخطر في القرض هو أن التكلفة ضخمة، مما قد تثير تساؤلات أمريكا وأوروبا عن طبيعة الاستخدام لقيمة القرض وهل هو لإنتاج الكهرباء فقط أن له استخدامات أخرى, مما قد يضعنا في موقف مشابه لموقف العراق في 2003, وغزوها بسبب الأسلحة النووية، خاصة أن هناك بدائل بالفعل تعمل عليها مصر في الوقت الحالي لإنتاج الكهرباء بواسطة شركة سيمنز لإنتاج نحو 4800 ميجاوات بتكلفة 2 مليار دولار.