منظمات تُحذر من انتشار الأمراض المعدية بسبب تكدس السجون الداخلية: المساجين أمانة في أيدينا.. وتكييفات وعصائر وممارسة الرياضة للتخفيف عن النزلاء.. وحقوقيون: تصريحات غير صحيحة
سلط الارتفاع غير المسبوق في درجة الحرارة في مصر هذه الأيام، الضوء على معاناة السجناء، في ظل الحر الشديد، واكتظاظ السجون بالآلاف، ما يثير المخاوف على أرواحهم، وإمكانية تعرضهم للأمراض المعدية نتيجة عدم التهوية. وكانت صور مسربة قد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تكدسًا كبيرًا للمحتجزين داخل السجون ومراكز الاحتجاز؛ حيث ظهر بعضهم ينام وهو جالس، وينام آخرون على أجساد زملائهم، وسط ظروف احتجاز غير آدمية. وذكرت تقارير أن نصيب المحتجز الواحد داخل أقسام شرطة "أقل من نصف متر مربع"، وأشارت إلى أن شكاوى المحتجزين والمسجونين بأقسام الشرطة لم تعد مقتصرة على التعذيب، وإنما تضمنت ضيق مكان الحجز والزحام وسوء التهوية. وبحسب إحصائيات، فإن هناك نحو 40 ألف معتقل بالسجون منذ يونيو 2013، محتجزون في السجون ومعسكرات الأمن المركزي وأقسام الشرطة، فيما اتجهت الحكومة ممثلةً في وزارة الداخلية لبناء 10 سجون جديدة بهدف استيعاب كثافة السجون الحالية. ولقي العديد من المسجونين مصرعهم في صيف العام الماضي، فيما أعلن مصدر أمني بوزارة الداخلية، أنه تم تركيب "تكييفات" وفتحات تهوية داخل غرف الحجز بأقسام الشرطة وفى السجون، مشيرًا إلى أنه سيتم توزيع عصائر ومرطبات على النزلاء، لمواجهة موجة الحرارة التى تضرب البلاد حاليًا. وأضاف، أن الإجراءات تأتي تخوفًا من وفاة بعض السجناء أو تعرضهم لأزمات مفاجئة نتيجة الحر الشديد؛ حيث سيتم تعميم فكرة "التكييفات" داخل غرف السجون وأماكن الاحتجاز، مشيرًا إلى أنه تم التشديد على مأموري مراكز وأقسام الشرطة والسجون بعدم السماح بزيادة أعداد السجناء داخل غرف الحجز والعنابر عن العدد المسموح به قانونًا، حتى لا يتسبب الزحام في إصابة البعض بعمليات ضيق التنفس. وقال اللواء أبوبكر عبدالكريم، مساعد وزير الداخلية لشؤون العلاقات العامة والإعلام، إنه يتم مراعاة المساجين خاصة في هذا الوقت؛ بسبب الموجة الحارة التي تشهدها البلاد. وأضاف: "السجناء أمانة لدى الوزارة حتى يتم الانتهاء من مدة عقابهم ونعمل على توفير التكييفات داخل أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز منذ العام الماضي، وتمكين زيادة المياه داخل السجون بجانب مساعدة المساجين تناول العصائر وزيادة ساعات الرياضة حتى يقضوا وقتًا أكبر خارج مكان احتجازهم مراعاة لارتفاع درجات الحرارة، ونحن من أكثر الوزارات، التي تعمل على محاسبة الموظفين لديها فهي لا تستر عن أي تجاوز أو خطأ يتم وقوعه". وقال ذوو المعتقلين بالسجون، إن أبناءهم يتعرضون لحملات تعسفية برفض إدخال "المراوح" وشفطات التهوية لهم، واصفين ما يحدث داخل السجون العمومية ب"الموت في جهنم". ودشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك، تويتر"، حملة إنسانية تحت عنوان "عايز أتنفس"، بهدف التعبير عن معاناة المعتقلين بالسجون؛ حيث وضعوا أكياس بلاستيكية على رؤوسهم للتنديد بما يعانيه المعتقلين داخل السجون وأماكن الاحتجاز. وانطلقت "عايز أتنفس" بخمس لغات لإنقاذ المعتقلين من الموت في أماكن الاحتجاز التي وصفها البعض ب"غير الآدمية"، فيما نقلت عن محتجزين أفرج عنهم مؤخرًا أن زنازين السجون يوضع بها ضعف السعة الاستيعابية حتى يصبح التنفس شبه مستحيل، إلى جانب سوء منافذ التهوية بغرف الاحتجاز. وأعلنت مؤسسة "عدالة لحقوق الإنسان" – JHR – عن تضامنها مع حملة "عايز أتنفس"، والتي تطالب بالتخفيف عن المعتقلين في السجون بعد أن وصلت درجة الحرارة في البلاد إلى مستويات قياسية؛ حيث رصدت العديد من حالات الإصابة بالجفاف، والالتهابات الجلدية، في ظل ارتفاع درجة الحرارة إلى أكثر من 45 درجة. وأرسلت منظمات حقوقية منها "جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، حقوق السجناء والمحتجزين، والمركز المصري لتعليم حقوق الإنسان" خطابات إلى كل من النائب العام ووزراء الداخلية والصحة ومصلحة السجون، أعربت فيها عن قلقها من أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى وفاة بعض المحتجزين؛ نتيجة حالة التهوية التي وصفتها بالمتردية، مطالبةً باتخاذ تدابير وقائية من شأنها حماية السجناء وحماية المجتمع، على رأسها تشكيل لجنة من المتخصصين من أطباء الصحة ومصلحة السجون لمتابعة أحوال النزلاء داخل السجون، وإعلان تقارير دورية عن نتائج أعمال اللجنة. وطالبت بالإفراج الفوري عن النزلاء الذين صدرت بشأنهم قرارات إخلاء سبيل من الحبس الاحتياطي، والإفراج الصحي عن السجناء المصابين بأمراض مزمنة، وتقليل عدد النزلاء في العنابر، وتوفير الموارد لتطهير وتعقيم السجون والزنازين وغيرها من أماكن الاحتجاز. وقال المحامي رضا برعي، الباحث القانوني لجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، في تصريحات صحفية، إن غياب الحد الأدنى من الرعاية الطبية يؤدي إلى انتشار الأمراض داخل السجون، مؤكدًا أن نزلاء كثيرين في السجون مصابون بأمراض معدية وخطيرة نتيجة التكدس، والتي تظهر بصورة أكبر خلال فترة الصيف، فضلاً عن عدم دخول أشعة الشمس وانعدام التهوية الكافية لعنابر السجون وارتفاع الرطوبة ما جعلها بيئة غير صحية. وأشار برعي، إلى أن منظمات كثيرة حذرت من خطورة أحوال السجناء، خاصة في فترة الصيف، فضلاً عن أن كل السجون تفتقر للرعاية الطبية وعدم وجود أطباء وممرضين في عدد من التخصصات ما يسبب كارثة صحية. وكتب الداعية محمد الصغير عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مغردًا عن أوضاع السجون التي أسماها في تغريدته "عنابر الموت" قائلًا: "ارتفعت درجة الحرارة في مصر ضمن موجة حارة مسجلة أعلى معدل لها وعنابر الموت تتخطى ذلك بمراحل اللهم رحماك بكل مسجون مخنوق". وأكد جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، تدهور أوضاع المسجونين بكل أماكن الاحتجاز، قائلًا: "لا صحة لما أعلنته وزارة الداخلية عن توفير تكييفات داخل السجون، والوزارة من المفترض بها أن تكون آمنة على السجناء وتحافظ على حياتهم، لكن ما يحدث في مصر عكس ذلك تمامًا".