*الخبير الاقتصادي: 3 أسباب تكشف المغالطات التى انطلق منها المتحمسون للقانون *الحديث عن حماية المستثمرين ومنحهم ضمانات "كذب" لأن القوانين السابقة حققت ذلك * القانون يتضمن مزايا غير مسبوقة فى تاريخ التشريع الاقتصادى المصرى وكل الدول الجاذبة للاستثمار فى العالم
أعد الخبير فى الشئون الاقتصادية والاستراتيجية الدكتور عبد الخالق فاروق، دراسة خطيرة بشأن قانون الاستثمار الجديد رقم 17 لسنة 2015، والذى أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، تم بموجبه تعديل عدد من القوانين المتعلقة بتسهيل عمل المستثمرين ورجال المال والأعمال، والذى اعتبر فاروق بعضها فى غاية الخطورة على مستقبل الاستثمار فى مصر. وقال الدكتور عبد الخالق فاروق، فى الجزء الأول من دراسته، إن تعديلات أحكام القوانين المتعلقة بتسهيل عمل المستثمرين ورجال المال والأعمال شملت: "قانون شركات المساهمة والتوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة رقم (159) لسنة 1981، قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم (11) لسنة 1991، قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم (8) لسنة 1997 وقانون الضريبة على الدخل رقم (91) لسنة 2005"، موضحًا أن الحملة الإعلامية الحكومية المصاحبة لإعداد وإصدار هذا القانون انطلقت من عدة مقولات، أسست الفلسفة الحاكمة له، ومن أبرزها أن قوانين الاستثمار السارية فى مصر وآخرها القانون رقم (8) لسنة 1997 وتعديلاته، لم تعد كافية لتوفير ضمانات وحماية للمستثمرين، وأن أحداث ثورة 25 يناير وما تلاها أدت إلى مخاوف كثير من رجال المال والأعمال والمستثمرين العرب والأجانب، وأن مؤتمر شرم الشيخ الذى كان تم تنظيمه فى مارس 2015 احتاج إلى حدث كبير يلفت الأنظار ويقدم مزايا إضافية للمستثمرين ورجال والمال والأعمال. وأكدت الدراسة، أنه بناء على هذه الدوافع خرج القانون الجديد بتلك الصيغ التى شملت كثيرًا من المزايا الإضافية غير المسبوقة فى تاريخ التشريع الاقتصادى فى مصر، وربما فى كل الدول الجاذبة للاستثمار فى العالم، حيث تضمنت استبدال 14 مادة فى قانون حوافز الاستثمار رقم (8) لسنة 1997، وإضافة 11 مادة مكررة، علاوة على إضافة 17 مادة على ثلاثة أبواب جديدة. المغالطات التى انطلق منها المتحمسون لهذا القانون وأكد الخبير الاقتصادي، فى دراسته، أن هناك مغالطات انطلق منها المتحمسون لهذا القانون، وأن الحملة الإعلامية لرجال الحكم والإدارة ورجال المال والأعمال المصريين انطلقت كذلك من مقولة أساسية تمثل مغالطة فاضحة، وهى أن قوانين الاستثمار السارية فى مصر حتى 2015، لا توفر الضمانات الكافية لحماية الاستثمار والمستثمرين، مشددا على أن هذا الكلام يفتقر إلى الحقيقة ويرقى إلى مستوى الكذب البواح لعدة أسباب أوردها فى دراسته على النحو التالي: 1- لقد صدر فى مصر منذ عام 1974 وحتى عام 2005، سبعة قوانين متتالية لتشجيع الاستثمار المحلى والعربى والأجنبى وجذب المستثمرين، وهذه القوانين هى: - القانون (43) لسنة 1974 وتعديله بالقانون رقم (32) لسنة 1977. - ثم صدر القانون رقم (230) لسنة 1989. - أعقبه القانون رقم (8) لسنة 1997، الذى أجرى عليه ثلاثة تعديلات لاحقة بالقانون رقم (13) لسنة 2002، والقانون رقم (13) لسنة 2004، والقانون رقم (94) لسنة 2005. وكل منها كان يقدم مزيدًا من المزايا الإضافية والتنازلات المجانية لرجال المال والأعمال والمستثمرين والسماسرة من كل حدب وصوب. 2- كذلك عُدلت عشرات القوانين الأخرى المرتبطة بشكل أو بآخر بالنشاط الاستثمارى مثل قوانين المناقصات والمزايدات (رقم 89 لسنة 1998 الذى أجرى عليه أكثر من ستة تعديلات)، والاستيراد والتصدير والنقد الأجنبى (38 لسنة 1994 وتعديلاته) والضرائب على الدخل والأرباح (بدءًا بالقانون رقم 157 لسنة 1981 وتعديلاته بالقانون رقم 187 لسنة 1993 ثم القانون رقم 91 لسنة 2005)، والجمارك (رقم 66 لسنة 1963 وتعديلاته بالقانون رقم 186 لسنة 1986)، وقانون هيئة المجتمعات العمرانية رقم (59) لسنة 1979 وتعديلاته، وقانون الأراضى الصحراوية رقم (143) لسنة 1981 وتعديلاته، وقانون سوق رأس المال رقم (95) لسنة 1992 وتعديلاته اللاحقة، وقانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة رقم (83) لسنة 2002، وقانون الضريبة العامة على المبيعات رقم (11) لسنة 1991 وتعديلاته بالقانون رقم (2) لسنة 1997، وغيرها من القوانين التى تزيد على مائة وعشرين قانونًا فى جميع مجالات النشاط التى تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بالاستثمار والمستثمرين ورجال المال والأعمال. 3- وفرت القوانين الاستثمارية المتتالية والمتلاحقة ضمانات وحماية أكثر من كافية للنشاط، بحيث بدا الأمر وكأننا أمام حالة تسليم الدولة واقتصادها لرجال المال والأعمال "تسليم مفتاح". وأشارت الدراسة إلى الضمانات والحماية المقررة للاستثمار والمستثمرين ورجال المال والأعمال فى قوانين الاستثمار المصرية قبل عام 2015، وإصدار القانون الجديد، حيث أكدت أن قوانين الاستثمار فى مصر تضمنت الكثير من الحصانات والضمانات للمستثمرين ومشروعاتهم وكان آخرها القانون رقم (8) لسنة 1997، ومن أبرز هذه الضمانات الآتي: 1- لا يجوز تأميم الشركات والمنشآت الخاضعة لأحكامه أو مصادرتها (م 8). 2- لا يجوز فرض الحراسة عليها أو أموالها أو الاستيلاء أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها (م 9) 3- للمنشآت والشركات وحدها حق تسعير منتجاتها وتحديد أرباحها تماشيًا مع آليات السوق ومع الظروف الاقتصادية السائدة ( م 10). 4- لا يجوز لأية جهة حكومية إلغاء أو إيقاف التراخيص للانتفاع بالعقارات، إلا فى حالة مخالفة شروط الترخيص (م 11) . 5- الحق فى تملك الأراضى للبناء والعقارات أيًا كانت جنسية الشركاء أو محال إقامتهم أو نسب مشاركتهم ( م 12مستبدلة بالقانون رقم 94 لسنة 2005). 6- فى مجال الاستيراد والتصدير للشركات والمنشآت الخاضعة لهذا القانون الاستيراد بذاتها أو عن طريق سجل المستوردين (منفذ لتهريب البضائع) وكذلك تصدير منتجاتها بالذات أو بالواسطة ودون حاجة إلى قيدها فى سجل المستوردين (م 13). 7- التحرر من نطاق أحكام قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة رقم (159) لسنة 1981، خصوصا المواد 17و18 و19 المتعلقة بإجراءات تأسيس الشركات، والمادة (41) المتعلقة بتحديد نصيب العاملين فى الأرباح التى يتقرر توزيعها، والفقرتين الأولى والرابعة من المادة (77)، والمواد 83 و92 و93 المتعلقة بمجلس الإدارة وتمثيل العاملين فى مجالس إدارات تلك الشركات (م 14 المعدلة بالقانون رقم 94 لسنة 2005). 8- سمح القانون رقم (8) لسنة 1997 بجواز تداول حصص التأسيس والأسهم خلال السنتين الماليتين الأوليتين للشركة، بموافقة رئيس مجلس الوزراء أو من ينيبه (عادة وزير الاستثمار)، بينما كانت القوانين لا تسمح بذلك قبل مرور ثلاث سنوات ضمانًا للجدية وعدم التلاعب (م 14 المعدلة). 9- لا تخضع الشركات المساهمة لأحكام القانون رقم (73) لسنة 1973 بشأن شروط وإجراءات انتخاب ممثلى العمال فى مجالس إدارات شركات القطاع العام، وبالتالى أصبح ممثلو العمال بالمنشآت الخاضعة لهذا القانون يعينها مجلس الإدارة ويحدد مكافآتها، وليس لها تمثيل مستقل للعمال وهى لجنة شكلية لا دور حقيقيًا لها(م 14 المعدلة). 10- استثنى قانون الاستثمار رقم (8) لسنة 1997 هذه الشركات والمنشآت الخاضعة لأحكامه من أحكام القانون رقم (113) لسنة 1958 بشأن ضرورة الإعلان عن الوظائف الخالية والمسابقات وطريقة إعلان النتائج (م 15). 11- أعفيت الشركات الخاضعة لقانون حوافز الاستثمار رقم (8) لسنة 1997 من نص المادة (24) من قانون العمل رقم (137) لسنة 1981 الخاص بحق وزير القوى العاملة فى إلزام المنشآت باستخدام العمال، وفقا لتواريخ قيدهم لدى الجهات الإدارية المختصة. وعن الإعفاءات والمزايا الضريبية والجمركية، قالت الدراسة إنه قبل صدور قانون الضريبة على الدخل رقم (91) لسنة 2005، كانت المشروعات والشركات والمنشآت الخاضعة لقانون الاستثمار رقم (8) لسنة 1997 تحظى بالمزايا والإعفاءات الضريبية والجمركية التالية: 1- تعفى لمدة خمس سنوات من الضريبة الموحدة على دخول الأشخاص الطبيعيين (الأفراد) أنصبة الشركاء فيها بالنسبة لإيرادات النشاط التجارى والصناعى، أو من الضريبة على أرباح شركات الأموال، أو أرباح الشركات والمنشآت، تبدأ من أول سنة مالية تالية لبداية الإنتاج ومزاولة النشاط (من يحدد؟؟). 2- يكون الإعفاء لمدة عشر سنوات بالنسبة للشركات والمنشآت التى تقام داخل المناطق الصناعية الجديدة (المنيا الجديدة – بنى سويف الجديدة – أسيوط الجديدة – السادات – العاشر من رمضان .. إلخ)، والمجتمعات العمرانية الجديدة، والمناطق النائية التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء (وكله بثمنه؟؟). 3- أعفت المادة (17) أرباح المنشآت والشركات التى تمارس نشاطها – خارج الوادى القديم – وكذلك أنصبة الشركات من الضريبة على إيرادات النشاط التجارى والصناعى، أو من الضريبة على أرباح شركات الأموال بحسب الأحوال لمدة عشرين عاما من أول سنة تالية لبداية الإنتاج أو مزاولة النشاط (هى مادة مستحدثة فى قوانين الاستثمار فى مصر). 4- إعفاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة الممولة من الصندوق الاجتماعى للتنمية (م 18). 5- إعفاء المشروعات والمنشآت من ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر، وعقود القرض والرهن المرتبطة بأعمالها لمدة 3 سنوات من تاريخ القيد فى السجل (جرى تعديلها لتصبح 5 سنوات بدلاً من 3 سنوات بالقانون رقم 13 لسنة 2002). 6- أعفت المادة (21) أرباح شركات الأموال (مثل البنوك) من الضريبة بما يعادل نسبة من رأس المال المدفوع بشرط أن تكون الشركة من شركات المساهمة، وأن تكون أسهمها مقيدة بإحدى بورصات الأوراق المالية، وهى تفوق النسبة التى قررتها المادة (120) من قانون الضرائب رقم (157) لسنة 1981 الخاصة بالضرائب على الدخل المعدل بالقانون رقم (187) لسنة 1993. 7- أعفت المادة (22) من الضريبة إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعوائد السندات وصكوك التمويل والأوراق المالية الأخرى المماثلة التى تصدرها شركات المساهمة بشرط أن تطرح فى اكتتاب عام، وأن تكون مقيدة ببورصات الأوراق المالية (أى من الأرباح الرأسمالية Capital Gains). 8- ورد فى المادة (23) من قانون حوافز الاستثمار رقم (8) لسنة 1997 أحكام المادة (4) من قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية رقم (186) لسنة 1986 بتحصيل ضريبة 5% فقط من قيمة جميع ما تستورده من آلات ومعدات وأجهزة لازمة لإنشائها (م23)، (جرى تخفيضها فى قانون الاستثمار الجديد رقم 17 لسنة 2015 إلى 2.5% فقط). 9- تعفى الأرباح الناتجة عن اندماج أو تقسيم أو تغيير الشكل القانونى للشركة من الضرائب والرسوم التى تستحق بسبب هذا الاندماج أو التقسيم أو تغيير الشكل القانونى (م 24 من قانون 8 لسنة 1997) وهى ثغرة للتهرب الضريبى واضحة للعيان (احتفظ قانون الضرائب على الدخل الجديد رقم (91) لسنة 2005 بنفس النص). 10- أما المادة (25) فقد منحت مزايا تمتع الشركات والمنشآت المندمجة والدامجة، أو التى جرى تقسيمها أو تغيير شكلها القانونى بالإعفاءات المقررة لها قبل الاندماج أو التقسيم أو تغيير شكلها القانونى إلى أن تنتهى مدة الإعفاء الخاصة بها. 11- المادة (26) تعفى أرباح شركات الأموال وإيرادات النشاط التجارى والصناعى من الضريبة الناتجة عن تقييم الحصص العينية التى تدخل فى تأسيس شركات مساهمة أو التوصية بالأسهم أو الشركات ذات المسئولية المحدودة، أو فى زيادة رأسمالها. 12- شمل مجال سريان هذا القانون ومزاياه أنشطة 16 مجالا واسعا تشمل تقريبا كل أوجه النشاط الاقتصادى والمالى فى الدولة مثل (استصلاح الأراضى بجميع أنواعها – الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى – الصناعة والتعدين – تصميم الآلات والمعدات الصناعية – صناعة السينما ودور عرضها – التنقيب عن المعادن – الفنادق والشقق والقرى السياحية والنقل السياحى واستكمال منشآتها – النقل المبرد للبضائع والثلاجات الخاصة بحفظ الحاصلات الزراعية والمنتجات الغذائية ومحطات الحاويات وصوامع الغلال – أعمال الشحن والتفريغ – النقل الجوى للركاب والبضائع واستغلال المطارات – النقل البحرى وأعالى البحار ونقل الركاب والشحن – الخدمات البترولية المساندة لعمليات الحفر والاستكشاف ونقل وتوصيل الغاز – الإسكان بشرط ألا تقل عن 50 وحدة سكنية فى شكل بناء واحد – مشروعات البنية الأساسية من مياه الشرب والصرف الصحى والكهرباء والطرق والاتصالات – المستشفيات والمراكز الطبية والعلاجية التى تقدم 10% من طاقتها بالمجان – التأجير التمويلى – ضمانات الاكتتاب فى الأوراق المالية – رأس مال المخاطر والمشاركة فى المشروعات – إنتاج برامج وأنظمة الحاسبات الإليكترونية – المشروعات الممولة من الصندوق الاجتماعى للتنمية ) ويجوز لرئيس الوزراء إضافة مجالات أخرى تتطلبها حاجة البلاد، وذلك بناء على التفويض التشريعى الذى خوله القانون لمجلس الوزراء. وقال الدكتور عبد الخالق فاروق فى دراسته: صحيح أن قانون الضرائب على الدخل رقم (91) لسنة 2005 قد نص على إلغاء الإعفاءات الضريبية للمشروعات والمنشآت الجديدة التى تعمل وفقا لقانون الاستثمار رقم (8) لسنة 1997، إلا أنه قد نص أيضا على احتفاظ المشروعات القائمة قبل صدور القانون الجديد "رقم (91) لسنة 2005" على الإعفاءات والمزايا الضريبية القائمة حتى انتهاء مدتها سواء كانت خمس سنوات أو عشر أو عشرين عامًا..!! فى الجزء الثانى من دراسته والذى ننشره الأسبوع المقبل، يكشف الدكتور عبد الخالق فاروق: ما الذى جاء به قانون الاستثمار الجديد رقم (17) لسنة 2015؟ ويفند فيه الآثار المترتبة على تطبيق القانون حتى اليوم، والتى من أخطرها وأهمها إسقاط المسئولية الجنائية للشخص الاعتبارى بما يتفق وطبيعته تشجيعيا للاستثمار فى مصر لحماية المستثمر غير المسئول عن "الإدارة الفعلية" من الخضوع للعقوبات الجنائية المقيدة للحرية عن الأفعال المرتكبة باسم الشركة أو المنشأة، وقصر العقوبات الموقعة على الشخص الاعتبارى فى الغرامة مع الإيقاف، وإلغاء ترخيص مزاولة النشاط كعقوبات أصلية، هذا بالإضافة إلى العقوبات التبعية أو التكميلية التى تتفق وطبيعة الشخص الاعتبارى، وغيرها من المخاطر التى تضر بمصر واقتصادها فى العمق.