يردد البعض تأكيدات بأن فريد الديب، محامى الرئيس المخلوع، قد هرب خارج البلاد، وأنه لن يعود بعد أن أنهى مرافعته عن مبارك وبعد أن تلقى العديد من تهديدات القتل والحرق ..! ويهرب الديب أو يعود فإن هذا شأنه وهذا قراره، فهو لن يجد متاعب مع الحياة فى مصر أو خارجها بعد ملايين الملايين من الجنيهات والدولارات التى حصل عليها سواء من مبارك أو من هشام طلعت مصطفى أو من غيرهما فى قضايا كثيرة ترافع فيها وقبلها نظير الحصول على هذه الأتعاب الضخمة. ولكن أن يتعرض الديب لتهديدات بالقتل لأنه ترافع عن مبارك ولأنه حاول تبرئته فإن هذا غير مقبول، ولا يتفق مع المنطق والعقل وروح العدالة ودولة القانون التى نسعى إلى تثبيت دعائمها. فماذا كانوا يتوقعون من الديب أن يفعله؟ هل كان فى اعتقادهم أن محامى الدفاع سيرتدى عباءة الثورية وبدلا من الدفاع عن موكله يستبدل ذلك بأن يكيل له الاتهامات أيضًا. هل كانوا يأملون فى أن يتخلى الديب عن قضيته وينضم للدفاع عن أسر الشهداء حتى يحملوه فوق الأعناق بدلا من التهديد بقتله؟! . إن الديب مثل أى محامٍ كان يؤدى واجبه وعمله، وهناك العديد من المحامين الذين قبلوا الترافع عن متهمين فى قضايا قتل، وهم على ثقة بأنهم القتلة، ومع ذلك قبلوا هذه القضايا وحاولوا تبرئتهم..! وقليل من المحامين فى زماننا هذا هم من يرفضون قبول القضايا التى لا يكونون على قناعة بها أو التى تتعارض مع أخلاقياتهم ومبادئهم، ولكن الغالبية لا يترددون فى قبول أى قضية بها من الأتعاب ما يتناسب مع حجمها. إننا فى هذا لا ندافع عن الديب أو غيره، ولكننا نبحث عن الهدوء والعقل فى التعامل مع قضايا العدالة وإلا ضاعت معالم الطريق، وتأثر ضمير القاضى وأصبحت العدالة تطبق وفقًا لأهواء ومفاهيم ورغبات الشارع أو الأغلبية. إن العالم كله تابع ثورة مصر الحضارية، وأشاد بها وتفاعل معها، وهذا العالم هو الذى يتابع الآن باهتمام محاكمات الرئيس المخلوع وأركان نظامه، ويصر ويطالب على أن تكون محاكمات عادلة، وهو أمر يزيد الثورة احترامًا وقوة وتقديرًا. فثورتنا لم تكن دموية مثل ثورة ليبيا التى أقاموا فيها محاكمة للقذافى، وهو ملقى على الأرض جريحًا ونفذوا فيه حكم الإعدام بلا تردد. ثورتنا تبحث عن القصاص العادل، وهو أساس لثورة حديثة تتفاعل مع العالم ومع مبادئ وأسس وقيم احترام حقوق الإنسان. إننا نحمد الله على أن الثورة لم تخطئ بإقامة المحاكم الثورية، التى كان يمكن معها أن تضيع العدالة، وأن يتلوث الثوب الأبيض بقطرات من الدم . وثقتنا تبقى كبيرة فى أن قضاءنا العادل سوف يأتى أيضا بالقصاص، حتى وإن كانت العدالة بطيئة ومتأخرة. [email protected]