قال محلل سياسي،إن هناك تقارب على استحياء، وبوادر تصالح سياسى بين أنقرةوالقاهرة فى الظهور، تمثلت فى زيارات متبادلة بين مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين من كلا البلدين. وأضاف أحمد عزيز الخبير في الشئون الدولية، أن التحالفات الاستراتيجية بين الدول لا تفرضها الظروف التاريخية فقط، ولا الأيديولوجية فحسب، بل هى مزيج بينهما لإنتاج حاجة سياسية للمحافظة على المصالح فى شكلها الاقتصادى والسيادي، بل والوجودى أحيانا، وإستراتيجية الحاجة تستحضر التاريخ والأيدولوجية، لصالح ميلاد هذا التحالف الرباعى المهم بين السعودية وتركيا ومصر وقطر.
وأكد "عزيز" في تحليل نشره موقع "ن بوست"، أن المنطقة تتجه إلى سيناريوهين اثنين لا ثالث لهما، الأول تدفعه تداعيات التدخل الروسى الإيرانى بقوة فى الأوضاع فى سوريا، والذى أدى بدوره إلى تحقيق بعض المكاسب على الأرض لصالح نظام بشار الأسد، وكذلك زيادة التوتر بين إيران والسعودية عقب قطع العلاقات بين البلدين، على خلفية إعدام رجل الدين الشيعى السعودى نمر النمر بتهم الإرهاب، ما يعنى أن الأطراف الثلاثة مصر والسعودية وتركيا ومن خلفهما قطر، ستعمل على دفع التعاون الإستراتيجى بينهم، للوصول إلى أقصى درجات التعاون، لحاجة الجميع لهذا التحالف والإبقاء عليه، وهو التحالف الذى يضع نصب عينيه أولا حل الأزمة السورية، بما يحقق أهدافه على أجندة الأولويات، وفق مقررات جنيف 1، مع اختلاف مصرى بسيط حول الأمر، يمكن بنوع من الضغط السعودى التجاوز عنه، أما الجانب التركى وأزمته مع مصر، فيمكن حلحلتها باستغلال رغبة تركيا فى الانفتاح على المحيط العربى والإسلامى مؤخرا، للروابط التاريخية والأيدلوجية التى تربط أنقرة بهذا المحيط. وأشار "عزيز" إلى أن الرياض تحتاج الآن بعد الاتفاق النووى الإيرانى مع الغرب، إلى حليف قوى فى المنطقة يعيد التوازن بين إيران والدول العربية خاصة، بعد تأكيدات الرئيس الأميركى بارك أوباما فى قمة كامب ديفيد الخليجية التى عقدت فى مايو 2015، بحضور ممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجى الست، على رغبة الولاياتالمتحدة، بشكل واضح، بالتخلى عن مواجهة التمدّد الإيرانى فى المنطقة، وترك هذا الدور لدول المنطقة. ما يعيق إمكانية تحقق هذا السيناريو وفق "ن بوست" هو الخلاف المصرى التركى حول ملف الإخوان، الذى يشكل تباين كبير فى وجهات النظر بين الرياضوأنقرة، خاصة مع تمسك أنقرة بموقفها بشأن الاعتراف بشرعية عبدالفتاح السيسى قبل الشروط الأربعة، والتى يعد من أبزرها الإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي، والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، وعلى الطرف الآخر تقدم الرياض الدعم السياسى والاقتصادى للنظام المصرى الحالي، وهذا التباين قد يشكل عقبة كبرى فى طريق زيادة التعاون بين الثلاثى القاهرةوأنقرةوالرياض، ما يعنى الحاجة للقاء حاسم بين الدولتين العربيتين الكبيرتين مصر والسعودية لتنسيق المواقف والسياسات، وهو ما يظن الجميع أنه حدث خلال زيارة الملك سلمان الأخيرة للقاهرة. أما السيناريو الثاني، فيقول بتراجع إمكانية نجاح هذا التحالف، مستندا إلى أن هناك اختلاف فى بعض الملفات المهمة والحيوية بين الثلاثة الكبار السعودية ومصر وتركيا، وحتى اذا ما تم التوافق بينهما حول عدة قضايا، ستظل بعض هذه الملفات تمثل هاجساً للعودة إلى نقطة البداية بين جميع الأطراف، وتراجع التعاون بينهم، مثل ملف الإخوان المسلمين، التى وضعتها المملكة ومصر على قوائم الإرهاب، والتى تعد المرجعية الفكرية للحزب الحاكم فى تركيا، فيما يمثل الملف اليمنى عائق آخر حيث لا ترى أنقرة أن لها مصالح حيوية فى الحرب التى تتزعمها السعودية فى اليمن، ضد مسلحى الحوثى وأنصار الرئيس اليمنى المخلوع على عبدالله صالح، وتعتبرها الرياض، حربها الأهم للقضاء على نفوذ إيران فى الجار اليمنى القريب. يمكن القول بحسب تأكيد "عزيز" أن البراجماتية السياسية بين الأنظمة الثلاثة قد تتدخل لحسم الموقف؛ كون الحالة التى يمر بها الإقليم تفرض على الجميع حتمية التحالف.